نجوم «السيليساو» عصب الكرة ومتعتها
عندما همس أحد الأشخاص في أذن ريكاردو تيكسييرا رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم بين شوطي المباراة النهائية لكأس القارات أول من أمس، بالقول: «هل تعتقد بأن البرازيل ستفوز بالكأس»، اكتفى بهز رأسه دون ان يتفوه بكلمة واحدة.
لكن تيكسييرا لم يتمالك نفسه وهو يرى نجوم السامبا يصعدون المنصة الرسمية لاستاد أليس بارك، في عاصمة جنوب إفريقيا لتسلم كأس القارات الثامنة من رئيس الاتحاد الدولي جوزف بلاتر، بعد فوزه الصعب على المنتخب الأميركي 3-.2
وأحرز المنتخب البرازيلي بالتالي الكأس للمرة الثالثة في تاريخه بعد عامي 2003 و،2005 إثر مباراة تقدم خلالها الاميركيون بهدفين في الشوط الاول عن طريق كلينت ديمبسي ولاندون دونافان في الدقيقتين 10 و،27 قبل ان يعود نجوم «السيليساو» تدريجيا بعد دقيقة واحدة من الشوط الثاني عن طريق لويس فابيانو، الذي اضاف الهدف الثاني في الدقيقة ،74 قبل ان يسجل لوسيو هدف الفوز قبل النهاية بست دقائق.
وأثبت البرازيليون مرة اخرى انهم عصب كرة القدم ومتعتها دون منازع، بغض النظر عما اذا كانت مقاليد «القيادة» بيد مدرب عجوز واسم خبير، او مدرب شاب لم يتجاوز الخامسة والأربعين، لأنه يكفي وجود منتخب البرازيل في اي منافسة وعلى اي مستوى لإدراك ان «الملح» موجود ولا تبقى إلا متابعة «الطباخ الماهر».
ولطالما ألهب راقصو السامبا حماس الجماهير بمهاراتهم الفريدة منذ عقود من الزمن، واثبتوا انهم مهد «الكرة المستديرة» شعبا ومنتخبا واندية، فلطالما نسي ابناء «الريو» فقرهم واوضاعهم الاجتماعية المزرية، عندما يكون منتخبهم حاضرا في بطولة عالمية، لأن الفوز باللقب يكون الخيار الوحيد بالنسبة للبرازيليين، بينما الحلول في مركز الوصيف هو ان تكون في المركز الأول عند الخاسرين كما قال فيليبي سكولاري عشية قيادته منتخب الـ«سيليساو» للفوز بمونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان على حساب ألمانيا 2-صفر.
فبعد نكسة مونديال 2006 في ألمانيا والخروج من الدور ربع النهائي أمام فرنسا (صفر-1)، نسي الكثيرون الخيبة البرازيلية، لأن الاهتمام انصب على معرفة ما إذا كان المدرب الجديد سيكون خير «خلف» لكارلوس ألبرتو بيريرا، الذي ترك منصبه عقب النهائيات.
ورأى المتابعون ان خبرة «السلف» ستصعب من مهمة ايجاد البديل في وقت كانت معظم المنتخبات العريقة تسلك طريقا خطرا ومفاجئاً، تمثل بإسناد المهام التدريبية الى مدربين شباب تنقصهم الخبرة على الصعيد الدولي، ولنا في الالماني يورغن كلينسمان والهولندي ماركو فان باستن عبرة في ذلك، فجاء تعيين الدولي السابق كارلوس دونغا مدربا لمنتخب بلاده ليكمل حالة الذهول، ليس لأن العادة درجت ان يكون مدرب البرازيل من اصحاب «الشعر الابيض»، انما لأن هذا الشاب لا يملك السجل التدريبي الكافي للمراهنة على نجاحه مع منتخب يتابعه اكثر من مليار شخص حول العالم.
لكن البعض حاول ان يقنع نفسه ان الجيل الشاب يملك الكثير من الخطط التطويرية، الكفيلة بتحقيق النجاح مع اي منتخب، وان خطط المدربين الكبار باتت قديمة وكلاسيكية، وتفتقر لاساليب الكرة الحديثة.
ولا يعد اسناد مهمة تدريب البرازيل الى مدرب يفتقد الخبرة، التجربة الاولى من نوعها لابطال العالم خمس مرات، اذ سبق ان تولى باولو روبرتو فالكاو تدريب المنتخب بين عامي 1990 و1991 لكن تجربته كانت فاشلة. من هنا، وضع البرازيليون ايديهم على قلوبهم، الا ان دونغا اثبت حتى الآن قدرته على التعامل مع النجوم وعقلية اللاعبين، لاسيما الصاعدين منهم.
وشكلت بطولة اميركا الجنوبية (كوبا اميركا) عام 2007 في فنزويلا مفترقا حقيقيا لقائد المنتخب الفائز بكأس العالم عام ،1994 فبدا واضحا منذ بداية مشواره التدريبي تحليه بشجاعة التخلي عن بعض النجوم المرموقين على حساب استدعاء آخرين، حتى ان البعض وصف ما حصل قبل البطولة بالمذبحة لجهة ابعاده أبرز اللاعبين مثل كافو وروبرتو كارلوس ورونالدو، بالإضافة إلى غياب رونالدينيو وكاكا اللذين طلبا عدم السفر مع الفريق من اجل الراحة من عناء موسم اوروبي شاق.
ورغم كل ذلك، حقق المنتخب البرازيلي لقب البطولة بفوز ساحق على غريمه الارجنتيني بثلاثة اهداف دون مقابل، جعل الكثيرين يراجعون حساباتهم، واعادة قراءة ما يمكن ان يقدمه دونغا في المستقبل.
وبعد مشوار متذبذب في تصفيات كأس العالم 2010 في جنوب افريقيا، استعاد المنتخب توازنه وتصدر المجموعة برصيد 27 نقطة من 14 مباراة فاز في سبع منها وتعادل في ست، ولم يخسر سوى مباراة واحدة امام الباراغواي صفر-.2 وجاء الفوز ببطولة القارات امس، ليثبت مرة اخرى نجاح دونغا في التحدي، فرغم البداية المتواضعة والفوز الصعب على مصر 4-،3 تغلب على المنتخب الاميركي بسهولة 3-صفر، ثم كانت المباراة الاخيرة في الدور الاول امام ايطاليا درسا في فنون اللعبة، لكنها كانت قاسية على «الآزوري» الذي خسر المواجهة صفر-.3
تراجع الاداء مجددا في نصف النهائي امام منتخب جنوب افريقيا المضيف، ربما لاعتبارات جماهيرية وارتفاع الروح المعنوية لاصحاب الارض، الا ان قذيفة دانيال ألفيس في الدققيقة 87 أهلت منتخب السامبا للمباراة النهائية، حيث كان كاكا ورفاقه على الموعد لاحراز اللقب، فحصل نجم ريال مدريد الجديد على جائزة افضل لاعب في البطولة، ونال لويس فابيانو جائزة الهداف (5 اهداف). وفي الختام، فإن تعداد الالقاب البرازيلية اصعب من سردها، ويكفي القول ان البرازيل حصدت ثمانية القاب منذ نحو عامين حتى الآن، ففازت ببطولات اميركا الجنوبية (2007 ) وداخل الصالات (2008) ودون 20 و17 عاماً (2009 )، اضافة للبطولة عينها للسيدات دون 20 عاماً (2008)، وبطولة العالم للصالات وبطولة العالم الشاطئية (2008)، وأخيراً بطولة القارات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news