نجم من الماضي
كان المغرب في السبعينات مدرسة لحراس المرمى البارزين في مقدمتهم علال والهزاز وعبداللطيف لعلو، لكن وحده بادو الزاكي سجل اسمه في سجلات كرة القدم العالمية وكان أحد أبرز حراس المرمى في العالم في الثمانينات. ولد الزاكي عام 1959 في مدينة سيدي قاسم (150 كلم غرب الرباط) وتعلم المبادئ الاولية لحراسة المرمى في الاحياء الشعبية في المدينة، وشاءت الظروف ان ينتقل برفقة عائلته الى مدينة سلا جارة العاصمة فتألق في إحدى الدورات الودية التي كانت ولاتزال تقام على مدار السنة في حي تابريكت، فضمه فريق الجمعية السلاوية الى صفوفه وكان وقتها مغمورا، ولأن الحارس الدولي عبداللطيف لعلو كان وقتها حارسا أساسيا للفريق فقد حجب عن الزاكي الظهور والتألق. ولم يكن الزاكي المغمور يدرك آنذاك أن الشمس لا يحجبها الغربال وأن الاقدار تخطط لتكتب له ولادة جديدة مع عمالقة كرة القدم الدوليين.
فجأة اختطفه رئيس الوداد البيضاوي عبدالرزاق مكوار، وعندما وجد الزاكي نفسه حارسا أساسيا لفريق الوداد بدأ المجد يفتح أمامه الابواب فتوالت معه ألقاب وانجازات الوداديين.
مع الوداد تحول الزاكي من لاعب مغمور الى نجم وحارس يقهر المهاجمين ويلغي فرح الهدافين، ينقض على الكرات بارتماءات انتحارية ويمتص خطورة المهاجمين.
وزادت شهرة الزاكي بعد أن أصبح حارساً رسمياً للمنتخب المغربي في أول مباراة رسمية له بالجزائر سنة 1979 رغم الهزيمة بثلاثة أهداف نظيفة، لكن البداية كانت مشجعة بالنسبة له وعمره آنذاك لم يتجاوز الـ20 ربيعاً.
خاض أربعة نهائيات لمسابقة كأس امم افريقيا، وتألق خصوصاً أعوام 80 في لاغوس و86 في مصر و88 في المغرب، وحرمته الاصابة من التألق في دورة .92 وزادت شهرة الزاكي برفقة المنتخب المغربي الذي شارك في مونديال 1986 بمكسيكو، حيث كان واحدا من بين أفضل حراس المرمى الذين تم اختيارهم خلال هذا العرس الكروي، خصوصاً خلال المباراة التي جمعت المنتخب الوطني بمنتخب ألمانيا في الدور الثاني، فلايزال الجميع يتذكر الارتماءة الرائعة للحارس الزاكي أمام الضربة الرأسية لنجم منتخب ألمانيا آنذاك كارل هاينتس رومينيغه، وبعدها بدقائق قليلة لتسديدة مقصية للاعب ذاته. أحرز الكرة الذهبية الافريقية في العام ذاته عن جدارة واستحقاق، وبعد مشاركته الناجحة في المونديال انهالت عليه مجموعة من العروض للاحتراف، وكان عرض نادي مايوركا الاسباني هو الأفضل، واستطاع حارس عرين الأسود أن يحلق بالنادي إلى الأعالي، حيث دخل قلوب الجماهير فنصب له تمثال تذكاري عربوناً على وفائه وإخلاصه للفريق. وظل الزاكي مرتبطا بعشقه للكرة رغم اعتزاله إذ ولج عالم التدريب من بابه الواسع وهو مازال حارساً بفريق الفتح الرباطي، واستطاع أن يؤهل الفريق الرباطي إلى المباراة النهائية لكأس المغرب، بعدها تفرغ للدراسة والبحث في مجال التدريب، فعاد مرة أخرى إلى الرباط ليشرف على فريق سبورتينغ سلا قبل أن يعود إلى فريقه الأصلي الذي أوصله الى المباراة النهائية لمسابقة كأس الاتحاد الافريقي وخسرها أمام النجم الساحلي التونسي عام ،1990 والى لقب الكأس المحلية في العام ذاته، وبسبب تكاثر مشكلات فريق الوداد رحل الزاكي نحو مدينة النخيل «مراكش» للإشراف على الكوكب. وحقق الزاكي انجازا غير مسبوق على رأس الادارة الفنية لمنتخب بلاده عندما قاده الى المباراة النهائية لكأس الامم الافريقية في تونس عام 2004 وكان قاب قوسين أو أدنى من قيادته الى اللقب لولا خسارته الصعبة امام تونس المضيفة 1-.2 وعاد الزاكي مرة اخرى الى تدريب الوداد وقاده الى المباراة النهائية لمسابقة دوري ابطال العرب مرتين، وأسهم بشكل كبير في تتويجه باللقب هذا الموسم، حيث تخلى عن منصبه قبل ثلاث مراحل من نهاية الموسم لأسباب شخصية.