«الكلاسيكو» الإسباني يسحر العرب ويفرّق الأصدقاء
فتحت الخسارة الثقيلة، التي تعرض لها ريال مدريد أمام منافسه اللدود برشلونة بخماسية نظيفة، جرحاً غائراً في نفوس عشاق الفريق الملكي، خصوصا أن الكلاسيكو الذي جرى على ملعب «الكامب نو» لم يكن تقليديا، والخسارة جاءت ساحقة وسط تفوق كاسح لأصحاب الأرض والجمهور.
الزلزال الكتالوني لم تتوقف توابعه على مشجعي الريال في إسبانيا فقط، لكن الخسارة الثقيلة كانت حديث الوطن العربي، بعد أن بلغ التشاحن بين المشجعين العرب ذروته في «الكلاسيكو» الإسباني، لدرجة تفوق ما يحدث في مباريات المنتخبات العربية معاً. ولم تحجب المسافة الكبيرة من الأميال التي تفصل موقع المباراة عن المشجعين العرب عن أدق التفاصيل المتعلقة بالمباراة والتي كانت محور الحديث في الجلسات الخاصة بينهم، بل الرسائل القصيرة على الهواتف المحمولة، حتى وصل التعصب الأعمى في بعض الحالات إلى زوال صداقة بين الأحباب والأقارب، والمدهش أن تسمع أصوات الصيحات تنطلق من المقاهي العربية تدوي مع كل هدف يهز الشباك هناك، وهي الحماسة التي لا نراها في مواجهات الديربي الخاصة بنا.
والمثير أن بعض الشباب العربي الذي لا يعرف تشكيلة منتخب بلده الرئيسة تراه خبيراً وناقداً وعالماً ببواطن الأمور عندما يتحدث عن نقاط القوة في صفوف البارشا أو الأوراق الرابحة التي يمتلكها ريال مدريد على مقاعد البدلاء.
«الإمارات اليوم» التقت عدداً من المشجعين العرب الذين تابعوا «الكلاسيكو» في أحد المقاهي بعجمان، ورصدت انطباعاتهم عن المواجهة، في محاولة لكشف سرّ حمى الديربي الإسباني التي توغلت في الوطن العربي.
ويرى أحمد هلال (مصري)، أن غياب المتعة في مباريات الفرق العربية يدفع الكثيرين إلى التركيز على الدوري الإسباني الذي يكتظ بنخبة من المواهب واللاعبين الأفذاذ، خصوصا في ريال مدريد وبرشلونة، وقال: «أشجع ريال مدريد، ولكنني لست متعصباً، وحزنت جدا لخسارته، لأنه لم يقدم المأمول، وكانت المباراة من طرف واحد».
وقال صديقه هيثم حسني: «المتعة والمهارات والتكتيك والفنون الكروية والأداء الرجولي الجاد، والبحث المتواصل عن الفوز دون كلل أو ملل، وفي النهاية تقبل النتيجة مهما كانت خسارة أو فوزاً أو تعادلاً، وبروح رياضية عالية، جعلتنا ننظر ونتمنى ونتساءل متى سيصل الوطن العربي إلى هذه المرتبة».
ويؤكد أبوبكر قاسم (سوداني)، أن ما يقدمه الفريقان من سحر وفنون في كرة القدم جعل العالم كله ينقسم إلى مشجع للريال وعاشق و محب للبارشا، وأصبحت أسماء لاعبي الفريقين على ألسنة الصغار والكبار، وأصبح ارتداء قميص عليه اسم ميسي أو رونالدو حلماً يراود كل الأطفال، أو الاحتفاظ بشعار الريال شيئاً كبيراً في عيون كثير من أبنائنا، وأصبح الكثير من طلاب المدارس يكتبون أسماء نجوم البارشا والريال على كتبهم ودفاترهم، حتى إن فرق الأحياء الشعبية في الحارات بدأت تسمي نفسها بالريال والبارشا.
واستنكر هشام المصري (سوري)، المناكفات والمشاحنات التي تكون بين الأخوة في بعض الأحيان، وقال: «في بعض الأحيان يصل الأمر إلى حد المشاجرة والصوت المرتفع، خصوصا لو تعلق الأمر بالمراهنة على نتيجة المباراة، ولا أدري سببا لهذا الهوس الكروي، صحيح أن المتعة تكون في مواجهات برشلونة وريال مدريد، لكن الروح الرياضية يجب أن تكون هي السائدة، خصوصا أننا في الوطن العربي لدينا من القضايا والهموم ما هو أكبر من مباراة كرة بين فريقين ليست لنا علاقة بهما في الأساس».
وأشار أحمد جودة (مصري)، إلى أنه «رفض استكمال مشاهدة المباراة الأخيرة بعد الشوط الأول، بعدما تأكد أن المباراة تسير من طرف واحد، ويرى أن المتعة غابت عن الكلاسيكو، وأعلن رفضة التام التعامل مع مثل هذه المباريات بنوع من الثأر والاذلال والمعايرة في بعض الأحيان».
وقال رشيد ساسي (مغربي)، إن «مواجهات الريال والبارشا في مدن شمال المغرب تزيد في سخونتها على مواجهات الديربي بين الوداد والرجاء المغربيين، وتبلغ المشاحنات ذروتها في يوم المباراة وعقب نهايتها، وفي الغالب تتحول النهاية إلى معركة بين الأصدقاء».
ويرى فراس أبوإياد (أردني)، أن «مستوى الكرة في الوطن العربي في تراجع واضح، ولم يعد الجمهور ينظر إلى النجوم العرب كما كان الوضع في السابق، خصوصا مع انفتاح العالم بفضل الفضائيات والانترنت، وبات العالم قرية صغيرة، وأخبار نجوم أوروبا تصلنا قبل أن نعرف أخبار الكرة المحلية، وهو ما دفع الشباب العربي إلى متابعة الدوريات الأوروبية، ليجدوا ضالتهم المفقودة من الدوريات العربية».