التلاعب بالمباريات « غريـــــــزة إيطالية »
أفضل رياضة في العالم، وهي العبارة التي يحب الإيطاليون أن يطلقونها على لعبة كرة القدم، تواجه خطر الوقوع في فضيحة فساد جديدة، تأتي صدى لفضائح أخرى كُشف عنها النقاب في الماضي.
وفتح ممثلو الادعاء في مدينة كريمونا تحقيقات في شهر نوفمبر الماضي، عقب ورود تنبيه من جانب نادي كريمونا المنافس بدوري الدرجات الدنيا، بعدما بدا أن خمسة من لاعبيه تم إعطاؤهم حبوباً منومة قبل المباراة أمام باجانيسي.
وبعد امتداد التحقيقات في مدن أخرى، فإن عصابة من المقامرين واللاعبين المتورطين في فساد ووسطاء متنوعين، بدأت في الظهور، فيما يبدو أن أفرادها لهم صلة محتملة بمنظمات إجرامية عالية الأداء، تبحث عن ممارسة غسل الاموال عبر مراهنات غير شرعية في مباريات بعينها.
واشتعلت التحقيقات في وقت سابق من الشهر الجاري، حيث تم اعتقال 16 شخصا، فيما تم وضع 30 آخرين قيد التحقيقات، كما تم التحقيق في العديد من المباريات في دوري الدرجات الأولى والثانية والثالثة.
ومن بين الاسماء الكبيرة التي يشتبه في تورطها في فضائح الفساد، المهاجم الدولي السابق جيوسيبي سينيوري، وهو قيد الإقامة الجبرية، والمدافع السابق ستيفانو بيتاريني وقائد اتلانتا كريستيانو دوني.
وظهرت أسماء نجوم كبار مثل، فرانشيسكو توتي قائد روما وزميله دانيلي دي روسي بجانب المهاجم المعتزل كريستيان فييري، في مكالمات هاتفية جرى فحصها بمعرفة ممثلي الادعاء.
ورغم ذلك يبدو أن الأشخاص الذين ألمحوا إلى أسماء اللاعبين كانوا يحاولون التباهي بقدراتهم على التلاعب بنتائج المباريات. وتتواصل الاستجوابات الاسبوع المقبل، حيث يلتقي ممثلو ادعاء من الاتحاد الإيطالي لكرة القدم مع مسؤولين من الشرطة بهدف الحصول على وثائق لإجراء تحقيق مواز.
وهناك مهلة تمتد نحو شهر أمام الاتحاد الإيطالي لكرة القدم لإصدار الأحكام قبل إصدار أجندة مباريات الموسم المقبل.
والتلاعب بنتائج المباريات ليس بالأمر الجديد على الكرة الإيطالية، حيث تم الكشف عن أول فضيحة تلاعب بنتيجة مباراة في عام ،1927 وهو الأمر الذي أسفر عن تجريد تورينو من لقب الدوري الإيطالي.
وأعطى أحد مدربي تورينو مدافع يوفنتوس لويجي الليماندي نصف قيمة رشوة كبرى للتلاعب بنتيجة مباراة كانت كفيلة بحسم فريقه لقب الدوري. وفاز تورينو بالمباراة أمام يوفنتوس 2/،1 لكن المدرب رفض دفع بقية الرشوة، لأن الليماندي بذل قصارى جهده خلال المباراة. وتنصت مراسل رياضي على حديث الليماندي مع المدرب، وهو الحديث الذي تطور إلى مشادة بفندق في تورينو، ما أدى إلى فتح تحقيق موسع انتهى بتطبيق عقوبة الإيقاف مدى الحياة على الليماندي، ولم يتم تخصيص لقب الدوري الإيطالي عام 1927 لناد آخر عقب تجريده من تورينو. وتم العفو عن الليماندي في ما بعد عقب مساعدة إيطاليا في الفوز بميدالية برونزية في دورة الالعاب الأولمبية عام .1928 وتحولت الأمور من السيئ إلى الأسوأ في عام ،1980 عقب إدانة ميلان ولاتسيو وبولونيا وافيلينو وبيروجيا بالتلاعب بنتائج مباريات ومراهنات غير شرعية.
وفي واقعة بارزة، قامت الشرطة بعملية مسجلة تليفزيونياً بعد ظهر أحد أيام مارس الماضي، وتم اعتقال 13 لاعباً وتوجيه الاتهام لـ20 آخرين. وتقرر هبوط ميلان ولاتسيو إلى دوري الدرجة الثانية، وتم إيقاف العديد من المدربين بحانب 21 لاعبا، من بينهم المهاجم الشهير باولو روسي، الذي أنهى عقوبة الإيقاف في ابريل .1982
وبعد أسابيع قليلة ساعد روسي المنتخب الإيطالي على الفوز بلقب كأس العالم 1982 في إسبانيا بعد تسجيله ستة أهداف.
وحدثت فضيحة أخرى على نطاق أصغر في عام 2001 تتعلق بمباراة اتالانتا مع بيستويسي في كأس إيطاليا.
وبعد مرور ثلاثة أعوام على هذه الواقعة، وقعت فضيحة أخرى تورطت فيها أندية مودينا وسامبدوريا وسيينا، ما أسفر عن إيقاف بيتاريني لاعب سامبدوريا خمسة أشهر.
وجاءت آخر فضائح الفساد الكبرى في ،2006 دون جوانب مالية، حيث بحث المدربون عن تحقيق الفوز في المباريات عن طريق إجبار وترهيب الحكام. وعوقب يوفنتوس بشكل صارم، حيث تم هبوطه لدوري الدرجة الثانية بجانب تجريده من لقبين للدوري الإيطالي، فيما جرى خصم نقاط من ميلان وفيورنتينا ولاتسيو وريجينا.
ومن الممكن أن تحقق الفضيحة الحالية للتلاعب بنتائج المباريات الصدى الواسع نفسه للفضائح السابقة، مع إدراك إيطاليا أن أفضل رياضة في العالم انجرفت إلى الوحل مرة أخرى.