«إبرا» نجم على الصغار وغائب مـع الكبار
هناك القليل من اللاعبين الذين تنقسم الآراء حولهم بقدر المهاجم السويدي زلاتان ابراهيموفيتش، وسيبقى الوضع على حاله حتى يتمكن نجم ميلان الايطالي من فرض نفسه على الساحة الدولية.
من المؤكد ان ابراهيموفيتش من اللاعبين الموهوبين جداً الذين نجحوا في كسب محبة آلاف المشجعين حول العالم، لكن يؤخذ عليه انه غالباً ما يفشل في الامتحانات الكبرى، في حين يؤكد مشجعوه ان اللاعب الذي توج بالألقاب مع اياكس امستردام الهولندي ويوفنتوس (جرد الأخير من لقبيه في الدوري بسبب التلاعب) وانتر ميلان الايطاليين وبرشلونة الاسباني وصولاً الى ميلان، واللاعب الذي كلف هذه الأندية أموالاً طائلة للتعاقد معه لا يمكن ان يكون سوى من اللاعبين الكبار الذين يلعبون دوراً أساسياً في فوز فرقهم.
اما بالنسبة لمنتقدي «ابرا» فهم يرون انه يتألق امام المنافسين «الصغار» وحسب، وان فشله في إحراز لقب مسابقة دوري ابطال اوروبا، وفي التألق مع منتخب بلاده في البطولات الكبار، يؤكد هذا الأمر.
في الواقع، لا يمكن للاحصاءات ان تقيس حجم موهبة لاعب ما، فالبرازيلي رونالدو الذي يعد من افضل المهاجمين الذين عرفتهم الملاعب، لم يفز ايضا بلقب دوري ابطال اوروبا رغم انه دافع عن الوان العمالقة برشلونة وريال مدريد وميلان وانتر ميلان وايندهوفن خلال مسيرته الرائعة، لكن ذلك لا يقلل من حجم موهبته وموقعه بين نجوم الكرة المستديرة في التاريخ.
لكن ما يميز «الظاهرة» رونالدو عن ابراهيموفيتش انه توج بلقب بطل العالم مع منتخب بلاده مرتين، واحرز لقب هداف نسخة ،2002 اضافة الى نيله جائزة افضل لاعب في العالم ثلاث مرات.
السويد ليست البرازيل بالطبع، وبالتالي استفاد رونالدو خلال مشواره الدولي من وجود لاعبين رائعين الى جانبه، خلافاً لإبراهيموفيتش الذي يعد النجم الأوحد في تشكيلة منتخب بلاده، وبالتالي يكون تركيز دفاع الخصم منصبّاً عليه تماماً.
هناك العديد من العمالقة الذين لم يشاركوا حتى في بطولة كبرى مع منتخب بلادهم مثل الويلزيين راين غيغز وجورج بست، والأوكراني اندري شفتشنكو لم يلعب حتى الآن سوى في بطولة واحدة وكانت في مونديال .2006
اما ابراهيموفيتش، فيمكن القول انه حظي بفرصته للتألق على الساحة العالمية بعد ان شارك مع منتخب بلاده في مونديالين وفي نسختين من كأس اوروبا، كما خاض على صعيد الأندية غمار دوري ابطال اوروبا في 10 مواسم على التوالي.
عاش ابراهيموفيتش لحظات جيدة على صعيدي المنتخب ومسابقة دوري ابطال اوروبا، لكنه غالباً ما يفشل في تقديم افضل مستوياته عندما تكون انظار العالم منصبة عليه، وفي حين ان معدله التسجيلي على صعيد الدوري المحلي هو اكثر من هدف (بقليل) في كل مباراتين، فمعدله على الصعيد الاوروبي اقل من هدف في كل ثلاث مباريات.
وكان الدور نصف النهائي المشوار الأبعد للمهاجم السويدي في مسابقة دوري ابطال اوروبا، وحقق هذا الأمر مرة واحدة فقط، فيما افضل نتيجة له مع المنتخب الوطني وصوله الى ربع نهائي كأس اوروبا .2004
ويرى منتقدوه انه لا يقدم اي شيء يذكر عندما يكون فريقه في أمسّ الحاجة اليه، لكن كما يقول المدرب الاسكتلندي الفذ، اليكس فيرغوسون، ان المهمة الأصعب هي الفوز بلقب الدوري المحلي وقد تمكن «ابرا» من تحقيق هذا الأمر في سبع مناسبات حتى الآن في ثلاث بطولات مختلفة ومع اربعة فرق مختلفة، كما كان لاعباً في فريق يوفنتوس الذي توج بلقب الدوري عامي 2005 و2006 قبل ان يجرد منهما لتلاعبه بالنتائج.
كما توج المهاجم السويدي هدافاً للدوري الإيطالي مرتين في المواسم الأربعة الأخيرة (مرة مع انتر واخرى مع ميلان)، كما اختير مرتين من قبل الاتحاد القاري للعبة ضمن افضل تشكيلة اوروبية، ونال جائزة افضل لاعب في الدوري الإيطالي ثلاث مرات وافضل لاعب سويدي ست مرات.
«لقد اخذ بعداً آخر مع تقدمه في العمر»، هذا ما قاله رئيس ميلان، سيلفيو برلوسكوني، عن ابراهيموفيتش «المزاجي»، مضيفاً «قراءته للعبة اصبحت افضل، اصبح الآن افضل ان كان هدافاً أو صانع ألعاب».
قدم «ابرا» موسماً جيداً في الدوري الايطالي حيث توج هدافاً برصيد 28 هدفاً، لكنه خرج خالي الوفاض للمرة الأولى منذ ،2003 ما اشعره بالخيبة.
وهذه المرة الأولى التي يفشل فيها ابراهيموفيتش في احراز اي لقب خلال الموسم منذ عام ،2003 حين اختبر هذا السيناريو مع فريقه السابق اياكس امستردام، اذ توج منذ حينها بلقب الدوري الهولندي عام ،2004 ولقب الدوري الإيطالي (اعوام 2007 و2008 و2009) وكأس السوبر الايطالية (2006 و2008) مع انتر ميلان وألقاب الدوري الإسباني (2010) وكأس السوبر الإسبانية (2009 و2010) وكأس السوبر الأوروبية (2009) وكأس العالم للأندية (2009) مع برشلونة، وصولاً الى لقب الدوري وكأس السوبر الايطاليين عام 2011 مع ميلان.
«انا لست معتاداً عدم الفوز باي شيء. هذه المرة الأولى التي يحصل فيها هذا الأمر معي»، هذا ما قاله ابراهيموفيتش الذي تناسى موسميه الاوليين لاعبا محترفا مع فريق بداياته مالمو، حيث لم يتوج بأي لقب، مضيفاً «اشعر بالخيبة، انه اخفاق».
من الناحية التقنية كان 2006 العام الأخير الذي يخوضه ابراهيموفيتش من دون الفوز بأي لقب لأن فريقه السابق يوفنتوس جرد حينها من لقب الدوري لعامي 2005 و،2006 لكن المهاجم السويدي اختبر حينها فرحة الاحتفال بالتتويج قبل ان يجرد فريق «السيدة العجوز» من اللقبين لاحقاً ويتم انزاله الى الدرجة الثانية.
وستكون الفرصة سانحة امام ابراهيموفيتش الذي نقلت عنه الصحف الإيطالية انه سيبقى مع ناديه «رغم المشكلات الاقتصادية» التي يعانيها، من اجل الا ينهي الموسم خالي الوفاض من خلال قيادة منتخب بلاده الى لقب كأس اوروبا، وهي مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، وما حققه الدنماركيون واليونانيون عامي 1992 و2004 دليل قاطع على ذلك.