القوى المغربية مازالت تعاني في ألعاب القوى العالمية. أ.ف.ب

ميداليتان «يتيمتان» للعرب في مونــديال القوى

حصدت ألعاب القوى العربية ثاني أسوأ حصة لها في تاريخ مشاركاتها في بطولات العالم باكتفائها بميداليتين يتيمتين في النسخة الـ14 التي اختتمت أول من امس في موسكو، الأولى فضية عبر النجم القطري الصاعد معتز عيسى برشم في مسابقة الوثب العالي، والثانية برونزية بواسطة الجيبوتي الواعد عين الله سليمان في سباق 800 م. وكانت أسوأ غلة عربية في النسخة الاولى في هلسنكي عندما اقتصرت على برونزية سباق 1500 م بواسطة المغربي سعيد عويطة. ورفع الرياضيون العرب رصيدهم إلى 59 ميدالية في مختلف المعادن منذ انطلاق بطولة العالم الأولى في هلسنكي عام 1983. والميداليات الـ59 هي 25 ذهبية و18 فضية و16 برونزية موزعة على المغرب (27) والجزائر (9) والبحرين (7) وقطر (5) وجيبوتي (3) وسورية (2) وتونس (2) والصومال (2) والسعودية (1) والسودان (1). وكان العرب جمعوا رقماً قياسياً من الميداليات (8) في غوتبورغ 1995 (3 ذهبيات و3 فضيات وبرونزيتان). وكانت الغلة الاثمن في هلسنكي عام 2005 عندما حصد العرب ست ميداليات بينها أربع ذهبيات وفضيتان، ثم ست ميداليات في طوكيو 1991 (ذهبيتان وفضية وثلاث برونزيات)، الأمر ذاته في اشبيلية 1999 (ذهبيتان وفضيتان وثلاث برونزيات).

تألق برشم وسليمان

ووسط النتائج المخيبة لأم الألعاب المغاربية، بزغ نجم برشم وسليمان اللذين أنقذا ماء وجه العرب. وأكد برشم بما لا يدع مجالا للشك تسلقه المراتب تدريجياً، فبعد برونزية دورة الالعاب الأولمبية في لندن الصيف الماضي، حفر اسمه بأحرف من فضة في موسكو، وستكون الذهبية هدفه المقبل. وقال برشم «أنا سعيد بالميدالية الفضية. دائما ما اضع الاهداف وأحاول تحقيقها، في عام 2010 قلت بأنني اريد تخطي ارتفاع 35ر2 في العام التالي وقد نجحت في ذلك، وفي هذا العام كان هدفي الرقم القياسي الآسيوي (39ر2 م) وحققته (40ر2 م) وبالطبع تكرار انجاز لندن او تحقيق الافضل ونجحت بالفعل». وأضاف «كنت أطمح إلى الأفضل بطببعة الحال في موسكو، لكن الفضية نتيجة رائعة أيضاً. انه تتويج لرياضة ألعاب القوى القطرية والعربية، كانت المنافسة قوية مع ابطال كبار، فالطريق لايزال طويلاً امامي لكن المستقبل مشرق».

من جهته، أعاد سليمان تدوين اسم بلاده جيبوتي في سجلات بطولة العالم، وكانت الميدالية الاولى منذ 22 عاماً وتحديدا منذ بطولة العالم عام 1991 عندما توج احمد صلاح بفضية الماراثون، والثالثة في تاريخ المونديال بعد فضية صلاح ايضا في الماراثون عام 1987 في روما. وكان سليمان يمني النفس باضافة ميدالية ثانية الى رصيده عندما خاض سباق 1500 م لكنه خرج من نصف النهائي بسبب «التدافع الذي أعاق تحركاتي في الامتار الاخيرة» بحسب رأيه. مستقبل مشرق لمسرحي والسيد

وشهدت البطولة بزوغ نجم ابطال واعدين ستكون لهم الكلمة في المستقبل، في مقدمتهم السعودي يوسف مسرحي في سباق 400 م والمصري ايهاب عبدالرحمن السيد في مسابقة رمي الرمح. وبلغ مسرحي الدور النهائي لسباق 400 م بتحقيقه رقماً قياسياً عربيا قدره 61ر44 ثانية، وحل سادساً في الدور النهائي. وتابع مسرحي، الذي كانت تعقد عليه آمال لمنح السعودية ميداليتها الثانية في بطولة العالم والاولى منذ تتويج سعد الشمري ببرونزية سباق 3000 موانع في مونديال غوتبورغ 1995، تألقه اللافت هذا الموسم، فبعد رقمه القياسي العربي والخليجي والسعودي في الدوحة، احرز المركز الاول في لقاء اوسلو ضمن الدوري الماسي بزمن 33ر45 ثانية. وينتظر مواطنه عبدالعزيز لادان مستقبل واعد في سباق 800 م الذي بلغ دوره النهائي عن جدارة قبل ان يحل في المركز الأخير. من جهته، حقق السيد انجازاً رائعا في دور الاربعة بتسجيله 62ر83 م في محاولته الاولى، وهو رقم قياسي وطني وعربي، وحل ثامناً في الدور النهائي.

لكن شتان بين العصر الذهبي للعرب في النسخ السابقة الذكر والنسختين الأخيرتين اللتين خرجت منهما ام الألعاب العربية بميداليتين يتيمتين (فضيتان في دايغو 2011 عبر السوداني ابوبكر كاكي في 800 م والتونسية حبيبة لغريبي في سباق 3000 م). وتبقى خيبة الأمل الأبرز لألعاب القوى المغاربية الممثلة في المغرب صاحب حصة الاسد في البطولات العالمية منذ عام 1983 حيث جمع 27 ميدالية بينها 10 ذهبية و11 فضية وست برونزيات، وجارته الجزائر صاحبة تسع ميداليات بينها ست ذهبيات وثلاث برونزيات. ولطالما اسعد ابطال وبطلات المغرب والجزائر الملايين من عشاق هذه الرياضة في العرس العالمي ليس في العالم العربي فقط، بل في العالم بأسره بأسماء رنانة من طينة سعيد عويطة وهشام الكروج ونزهة بدوان وصلاح حيسو ونور الدين مرسلي وحبيبة بولمرقة وجابر سعيد القرني، لكن الأمور اختلفت كليا ولم تعد هناك رهبة وخوف من عدائي هذين البلدين خصوصاً في المسافات المتوسطة والطويلة. وخرج المغرب للمرة الثالثة على التوالي خالي الوفاض وفشل جميع ممثليه في فك النحس الذي يلازمهم منذ فضية حسناء بنحسي في سباق 800 م في اوساكا، فيما واصلت الجزائر غيابها عن منصات التتويج في البطولات العالمية منذ عام 2003 عندما نال سعيد جابر القرني ذهبية سباق 800 م في نسخة باريس. وهي المرة الرابعة التي يخرج فيها المغرب خالي الوفاض في تاريخ مشاركاته في البطولة العالمية بعد الاولى في شتوتغارت عام 1993، والثانية في برلين عندما تلطخت سمعته بحالتي منشطات بعدما ثبت تناول العداء جمال الشطبي لمادة منشطة محظورة هي «كلينبوتيرول»، والعداءة مريم العلوي السلسولي لمادة «الإرتروبوتين»، والثالثة في دايغو قبل عامين. وشارك المغرب بـ19 عداء وعداءة في نسخة موسكو نجح منهم ثلاثة فقط في بلوغ الدور النهائي هم محمد موستاوي وسهام الهلالي (1500 م) وسليمة الوالي العلمي (3000  م موانع)، فحل الاول تاسعاً والثانية في المركز الاخير والثالثة في المركز الـ11، فيما لم يكمل حفيظ الشاني ومحمد بلال سباق الماراثون.

وعزا العديد من العدائين والعداءات عدم تحقيق النتائج الجيدة الى المشكلات التي يعانونها مع الاتحاد المحلي، بالاضافة الى التهميش والاستبعاد من قائمة المنتخب الوطني. وتساءل موستاوي: «كيف يمكن لعداء او عداءة تحقيق نتائج جيدة بمعنويات مهزوزة ومن دون دعم من الاتحاد المحلي الذي همشني وابعدني عن مركز التدريبات (في العاصمة الرباط) وحرمني من المعسكرات التدريبية الاعدادية للبطولة حتى الاسبوعين الأخيرين من انطلاقها». وأضاف بأسى «تحملت شخصياً مصروفات استعداداتي للبطولة وبلوغي الدور النهائي فذلك اعتمادا على مجهودات شخصية».

وتابع موستاوي «العاب القوى المغربية في تراجع بعدما كانت في الريادة. ناشدت المسؤولين مرات عدة لإنصافي لكن دون جدوى. كنت أتمنى التتويج بميدالية كي أؤكد لهم أحقيتي بالوجود ضمن صفوف المنتخب المغربي».

من جهته، اشتكى عبدالعاطي ايغيدير صاحب برونزية اولمبياد لندن من تصرفات الاتحاد المحلي، وقال «أناشد المسؤولين عن الرياضييين المغاربة للتدخل لانقاذ هذه الرياضة التي ابلى فيها المغرب بلاء حسناً. العاب القوى المغربية تغرق وأصبحت في الحضيض».

وخيبت البحرين الآمال ايضا بخروجها خالية الوفاض وكانت افضل نتيجة حلول شيتاي ايشيتي سادسة في سباق 10 آلاف م. وحلت تيجيتو دابا الـ11 في سباق 5000  م وجاء ديجين ريغاسا في المركز ذاته لدى الرجال، ولم يكمل مواطنه اليمو بيكيلي سياق 10 آلاف م، والأمر ذاته بالنسبة الى آدم اسماعيل خميس في سباق الماراثون. وحلت الجزائرية ياسمينة العمراني تاسعة عشرة في السباعية، ولم يكمل مواطنها الطيب الفيلالي سباق الماراثون.

الأكثر مشاركة