«فيفا» سبب احتكار البث.. يهمش المشاهد العربي ولا يجرؤ على «الأوروبي»

حمّل خبراء وإعلاميون الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) مسؤولية حرمان أعداد كبيرة من الجماهير في الوطن العربي من متابعة الحدث الرياضي الأهم في التاريخ، المتمثل في نهائيات كأس العالم، المقررة إقامتها في البرازيل خلال الفترة من 12 يونيو إلى 13 يوليو المقبلين، مشددين على ضرورة تدخل الاتحادات الوطنية لتشكيل ورقة ضغط على نظيرها الدولي، لتخفيف أعباء المتابعة عن المشاهدين العرب، أسوة بما يحدث في القارة الأوروبية. واتهموا «فيفا» بأنه يدعم احتكار المباريات، ويتسبب في ارتفاع أسعار البطاقات الخاصة التي يشاهد من خلالها الجمهور المباريات، مع قناعتهم بأن التشفير هو جزء تجاري ومهم لكل محطة في جني الأرباح، لكنهم نبذوا بشكل أساسي مسألة «الاحتكار». 

وشدد الخبراء على استخدام مصطلح «الاحتكار»، لوصف الحالة التي يعيشها جمهور كرة القدم الذي يستعد لاستقبال أهم حدث كروي على وجه الأرض، دون معارضتهم للتشفير الذي بات جزءاً من منظومة كرة القدم. وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن «المشكلة الحقيقية تكمن في طريقة طرح الحقوق من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، وإصراره على امتلاك قناة واحدة حقوق نقل المونديال، الأمر الذي يضر بانتشار اللعبة، ويحرم ملايين المشاهدين من متابعة اللعبة الأكثر شعبية، التي باتت أشبه بغذاء الشعوب». وحاولت «الإمارات اليوم» الحصول على رد قناة «بي إن سبورت» ولكن لم يتسنى لها ذلك.

 «فيفا» بوجهين

حمد: «بي إن سبورت» ليست مُلزمة بتقديم تنازلات مالية للمشاهدين

قال مذيع قناة دبي الرياضية، عدنان حمد الحمادي، إن من حق قناة «بي إن سبورت» أن تحافظ على حقوقها الخاصة بنقل مباريات كأس العالم حصرياً، وليست مُلزمة بأن تُقدم تنازلات في ما يتعلق بالجوانب المالية الخاصة بقيمة البطاقات وجهاز النقل الخاص بها «الديكودر».

وأضاف لـ«الإمارات اليوم»: «ليس من حق أحد أن يوجه اللوم إلى قناة (بي إن سبورت) على أي أمور تنظيمية تخص الحقوق المتعلقة بكأس العالم أو غيره من الأحداث الرياضية الكبرى، طالما أنها تقدم مُنتجاً متقدماً في ما يتعلق بإشارة البث والتغطية الحية من أرض الحدث، فهذا في حد ذاته مُنتج يجب على المشاهد أن يدفع ثمنه».

وأوضح «أستغرب ممن ينتقدون مواقف قناة (بي إن سبورت) كونها عرضت (ديكودر) جديداً، وبطاقة بأسعار أعلى نسبياً عما كانت عليه في السابق، لظروف كأس العالم، ولا يقفون عند قيام قناة أبوظبي بعرض (ديكودر) خاص لمسابقة محلية، مع الفارق بالتأكيد بين الحدثين».

وتابع «أتذكر حينما بدأت مجموعة قنوات (ART) التشفير عام 1996، فإنها واجهت حملة انتقادات واسعة من أطراف عدة، رغم أن هناك دولاً سبقتنا في هذا المجال أواخر السبعينات والثمانيات، لكن حداثة التجربة في الوطن العربي كانت محل انتقاد من الرافضين لهذا الاتجاه، وبالتالي فإن أي انتقادات توجه الى (بي إن سبورت)، ليست مُستغربة، لأننا عشنا تلك التجربة بكل تفاصيلها».

وكان الحمادي قد عمل مديراً للقنوات الرياضية في شبكة راديو وتلفزيون العرب (ART)، وعاش التجربة نفسها لتشفير المباريات.

وقال «يجب أن يعلم المشاهد أن أسعار الحقوق قد تصاعدت بصورة كبيرة، وعلى سبيل المثال حينما حصلنا في (ART) على حقوقنا الدوري الإنجليزي لكرة القدم، كان ذلك مقابل 54 مليون دولار لمدة ثلاثة مواسم كاملة، بما يعادل 18 مليون دولار في الموسم الواحد، أما الآن فقد وصل سعر الدوري الإنجليزي 272 مليون دولار (نحو مليار درهم)، وهذا الفارق الرقمي الكبير يبقى غير مُستغرب معه أن تصل سعر بطاقة (بي إن سبورت) إلى أكثر من 1000 درهم».

وأكمل أن «الخطأ المتكرر الذي يقع فيه معظم القنوات العربية أنها لا تهيئ المشاهد العربي لاستقبال القرارات التي تصدر عنها، خصوصاً في ما يتعلق بعملية الأسعار، ودائما ما تتخذ قرارات تُمثل صدمة قوية له في الأمور المالية، فأنا أعتقد أن النسبة بين سعر بطاقة (بي إن سبورت)، والقيمة الإجمالية لكأس العالم تعد بسيطة جداً، لكن للأسف حلقة التواصل بين الطرفين تكاد تكون مفقودة، ما تنتج عنه حالة الشد والجذب الدائرة حالياً».

وعن المسؤول عما يحدث في فضاء التشفير، قال عدنان حمد الحمادي، إنه «إذا كان هناك من يتحمل المسؤولية فهو الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي فرض التشفير على الجمهور، وهو ما زاد أسعار الحقوق بشكل كبير».

عدنان حمد: ارتفاع حقوق المونديال يجعل سعر البطاقة «عادياً».

● مونديال البرازيل ينطلق في 12 يونيو ويستمر حتى 13 يوليو.

● عراقيل كثيرة تهدد مشاهدة الجمهور لكأس العالم حتى في المقاهي!

● هناك دول بإمكانها متابعة المونديال دون مشكلات، لكن أين البقية؟

قال مدير قناة دبي الرياضية، راشد أميري، إن الاتحاد الدولي (فيفا) يتعامل بوجهين مع المشجعين في ما يتعلق بمسألة الحقوق الخاصة بكأس العالم، وأن «(فيفا) يهمش دوماً المشجعين العرب ودول الشرق الأوسط عموماً، إذ يقدم إليهم مُنتجاً عالي التكلفة، فيما يمنحه للأوروبيين بأسعار أقل، لأنه لن يتمكن من حرمانهم من مشاهدة كأس العالم، أو يفرض عليهم أعباء مالية، لأن المُشجع هناك له خصوصيته التي يحترمها القائمون على الاتحاد الدولي لكرة القدم».

وأضاف أن «اللوائح لا تمنع قنوات (بي إن سبورت) من بيع حقوق كأس العالم إلى القنوات العربية، بشرط إذاعتها على القنوات الأرضية، لكن سياسة تلك القناة ترفض مثل هذه الخطوة، وتُصر على أن تتعامل مباشرة مع المشاهد العربي، وأذكر أننا تفاوضنا معهم في أكثر من مناسبة لشراء بعض الحقوق منهم، وكانوا يرفضون مبدأ بيع الحقوق، استناداً إلى أنهم ليسوا شركات بيع، ومبدأهم أنهم قناة تتعامل بشكل مباشر مع المشاهد».

وأوضح «الخطأ ليس من قناة (بي إن سبورت) وإنما في طريقة طرح الحقوق، والإصرار على أن قناة واحدة فقط هي التي تمتلك حقوق نقل المونديال، وهذا المبدأ يدفع القناة القطرية إلى الحفاظ على حقوقها المالية، طالما أنها سددت أموالاً طائلة تسعى إلى تعويضها، فالأمر قد أصبح تجارياً، وليس هذا عيباً أو محرماً شرعياً».

صك الاحتكار

من جهته، دعا المعلق الرياضي، علي حميد، إلى ضرورة أن يكون هناك تدخل قوي وحاسم من قبل الاتحادات الوطنية لكرة القدم، لوقف ما سماه سياسة الاحتكار، التي تفرضها قنوات رياضية على منتج كرة القدم.

وقال إن «المسألة لا تخضع لضوابط وأمور محددة، ما منح قناة (بي إن سبورت) صك الاحتكار الذي يتعارض مع المواثيق والأعراف الدولية، بما فيها (فيفا) الذي يُعارض الاحتكار، جملة وتفصيلاً، لكنه يتحمل مسؤولية كبيرة في ذلك، إذ يجب أن يقف في صف المشجع العاشق لكرة القدم، وليس ضده».

وأوضح «من المفترض ألا يكون دور الاتحادات الوطنية مقتصراً على تنظيم المسابقات المحلية، وإنما يصل إلى حفظ حقوق المُشجع الكروي، إذ كان يجب أن تكون هناك وقفة واحدة، وصف مُتحد من جانب تلك الاتحادات تجاه (فيفا)، لوقف التربح الهائل الذي تجنيه القناة المالكة لحقوق النقل التلفزيوني للمونديال على حساب الفقراء، فهل يُعقل أن دولة مثل إيران سيشاهد جمهورها المونديال كاملاً دون تكلفة مالية، فيما المشجعون العرب لا يتمكنون من ذلك؟».

وأضاف «أتذكر حينما حدثت الأزمة الشهيرة بتشفير بطولة (خليجي 19) في سلطنة عُمان، فإن اتحادات دول مجلس التعاون الخليجي تدخلت بقوة لوقف هذا المد الذي سيؤثر سلباً في أهداف بطولات مجلس التعاون الخليجي، فتوقفت من وقتها فكرة التشفير». وأكمل علي حميد أن «المُشجعين في دول مثل الإمارات والسعودية والكويت وقطر بوسعهم فقط أن يحصلوا على بطاقات (بي إن سبورت)، دون مشكلات، لكن أين بقية الدول العربية من حضور المونديال؟ فهناك مشجعون يحصلون على راتب شهري بقيمة بطاقة واحدة! فهل من الإنصاف أن نحرمهم من عدم الاستمتاع بكأس العالم؟».

وتابع «الفقراء يمثلون الشريحة الأكبر في الدول العربية، ويجب منطقياً واقتصادياً أن تتوازى قيمة البطاقة مع متوسط الدخل الخاص بهم، إذا كنا نبحث عن تشفير يحقق المصلحة لكل الأطراف، لكن ما نشاهده الآن هو ابتزاز للمُشجع العربي الذي من حقه أدبياً وإنسانياً ألا يغيب عنه حدث مثل كأس العالم».

«الجزيرة» هاجمت «ART» سابقاً لاحتكار بث المباريات

تباينت مواقف قناة الجزيرة الرياضية سابقاً (بي إن سبورت حالياً)، في القضايا المُتعلقة بتشفير مباريات كرة القدم، إذ انتقدت القناة قبل سنوات شبكة راديو وتلفزيون العرب (ART)، لقيامها بتشفير مونديال كأس العالم، وأعدت حلقة خاصة بذلك.

وكانت الجزيرة الرياضية انتقدت «ART»، لاحتكارها كأس العالم، من خلال حلقة ضمن برنامج «ما وراء الخبر»، بعنوان «احتكار حقوق البث بين الربح والخسارة، وأثر التشفير على شعبية كرة القدم»، قبل أن تشتري منها حقوق المونديال وتقوم بالأمر نفسه.

وتمحورت الحلقة حول «معبودة الجماهير الساحرة المُستديرة التي سيُحرم ملايين العشاق من متعة مشاهدتها في عرسها العالمي»، إذ طرح مُقدم الحلقة تساؤلين على ضيوفه، هما: ما حسابات الربح والخسارة في تشفير مباريات المونديال وحقوق البث؟ والثاني: هل يخرج الاحتكار الكرة المستديرة من قلوب عشاقها، ويدخلها إلى جيوب تجار البث الفضائي؟

وشدد البرنامج على أن تشفير المباريات قد خلط بين مشاعر الحيرة والغضب بداخل كل المهتمين بكرة القدم في الغالبية من شعوب الدول العربية. وقال مُقدم البرنامج إن «من الصعب على المُشجعين العرب أن يوفروا المال اللازم لمتابعة مباريات كأس العالم لكرة القدم، فالمتعة كانت في الماضي في متناول الكل تقريباً، وها هي تتحول، بحكم الاحتكارات المالية، الى متعة نخبوية تؤثر الموسرين على حساب الأكثرية».

ولفت البرنامج إلى أنه «إذا عز المال فبوسع عشاق اللعبة أن يتجهوا إلى مكان عام يعرض المباريات تجارياً، ومع فشل آخر المحاولات لإقناع الشركة المحتكرة (ART» وقتها) بالسماح ببث المقابلات على الشبكات العربية الأرضية، يجد المُشجع العربي نفسه في وضعية صعبة.

 

 

 

 

 

الأكثر مشاركة