«المنتخب» يرفع مانيه وينصف محرز ويقتل صلاح
أثار تأهل الجزائري رياض محرز والسنغالي سايدو مانيه إلى نهائي بطولة أمم أفريقيا المقامة حالياً في مصر، مقابل خروج المصري محمد صلاح من الدور الثاني، جدلاً واسعاً بين الجماهير في مواقع التواصل الاجتماعي الذين دخلوا في مقارنات بين الثلاثي المحترف في الدوري الإنجليزي بشكل سطحي، وقللوا من قيمة «الفرعون» المتوج مع ليفربول بلقب دوري أبطال أوروبا، دون أن يخوضوا في أسباب الفشل التي تتشابه إلى حد بعيد مع إخفاق ليونيل ميسي مع المنتخب الأرجنتيني في بطولة كوبا أميركا.
المفارقة أن اللاعبون الثلاثة لم يظهروا خلال البطولة السمراء بالمستوى المعهود عنهم في الملاعب الأوروبية، لأسباب تتعلق بعامل الإرهاق بعد موسم طويل، وضعف الانسجام مع زملاءهم، والضغط الرهيب الذي تحملوه شعبياً من أجل الفوز باللقب، فكان صلاح أكثرهم تأثراً بالعوامل السلبية فغادر بأبشع سيناريو على أرضه وبين جمهوره دون أن يلقى الدعم الذي وجده محرز ومانيه إدارياً وفنياً.
وأثبتت بطولة أمم أفريقيا الحالية أن اللاعب الكبير مجرد ورقة من أصل 11 في يد مدرب بإمكانها لعب دور «الجوكر» وترجيح كفة بلاده وصنع الفارق كما فعل رياض محرز وتحديداً في مباراة الجزائر مع نيجيريا في الدور نصف النهائي بتسجيله هدف الفوز 2-1 في الدقيقة 90 من ركلة حرة مباشرة لجأ فيها إلى عصارة خبرته فيما كان وراء الهدف الأول.
وعلى الرغم من ذلك، فإن محرز لا زال يمتلك الكثير من المقومات الفنية التي لم تظهر بعد، وقد كشفت المباريات السابقة تفوق عدد من لاعبي المنتخب الجزائري عليه من حيث المجهود والعطاء، غير أن قذيفته في مرمى نيجيريا غطت على أي مأخذ تجاه أداءه.
وأظهرت الأرقام أن محرز خلال مباراة نيجيريا فقد الكرة أربع مرات، وقطعها مرتين، وراوغ بنجاح لمرة واحدة فقط، ولمس الكرة 59 مرة، لم يفز في أي صراع هوائي، وسدد على المرمى كرة واحدة سجل منها هدفاً، بمعنى أن معطياته الفنية لم تكن ناضجة إلى أن أحرازه لهدف الفوز الثمين منحه لقب «رجل المباراة».
نتساءل، من كان وراء نقل محرز من مستوى النقد في الأدوار الأولى إلى التمجيد والفخر في نهائي البطولة؟ كيف سطع نجمه وأصبح بطلاً في المنتخب الجزائري، ورمزاً رياضياً في بلاده على الرغم من عدم ظهوره بالمستوى المتوقع؟.
الإجابة تكمن في تكامل الفكر الفني والإداري داخل المنتخب الجزائري، فالمدرب الوطني جمال بلماضي منح محرز شارة القيادة، وقدّر أنه لاعب محترف في أفضل دوري في العالم ويلعب لبطل «البريمييرليغ»، فسخّر له عوامل النجاح بإعداد طريقة تكتيكية توظفه على أكمل وجه، بل واستبدله في بعض المباريات حفاظاً عليه، وفي كل مناسبة كان يخفف عنه الضغط الجماهيري بتصريحات لوسائل الإعلام يطلب فيها الثقة في اللاعبين ورياض على وجه الخصوص.
وعلى النقيض تماماً، لم يجد المصري محمد صلاح عوناً ولا قوة تكفل له النجاح، فعلى الصعيد الفني كان معزولاً بلا صانع ألعاب يموله بالكرات، في ظل تواضع إمكانات محترف أرسنال محمد النني ورعونة أداء عبدالله السعيد وحالة الضياع التام لرأس الحربة مروان محسن، وهو ما أفشل أيضاً خطط المدرب المكسيكي خافيير أغيري.
وكان صلاح مثار جدل قبل وأثناء وبعد البطولة، بداية من انتقادات تأخره عن الالتحاق بمعسكر المنتخب وقضاءه فترة نقاهة والتقاطه صوراً مع سمكة كبيرة انتشرت كالهشيم بين الجماهير الساخرة، مروراً بمقارنته بزميله لاعب قسم باشا التركي محمود عبدالرازق «تريزيغيه»، وصولاً إلى إقحامه في قضية التحرش الشهيرة لزميله عمرو وردة بعارضة أزياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانتهاء بالخروج المبكر من البطولة الإفريقية وسط انتقادات لاذعة وصافرات استهجان وأحاديث جماهيرية تقلل من شأن صلاح أمام لاعبين سابقين في المنتخب المصري.
أما السنغالي مانيه الذي لم يقدم ربع مستواه الفني المعروف عنه مع ناديه ليفربول، وكان منتخب بلاده وزملاءه وراء تقدمه خطوات مهمة في البطولة وربما نحو تتويجه باللقب الأول في تاريخ السنغال.
وأهدر مانيه الكثير من الفرص خلال البطولة فضلاً عن إضاعة ضربتي جزاء، وبدا خارج التغطية في أكثر من مباراة لكن رفاقه ساندوه بقوة.