"صنع في السنغال".. الوجه الاخر لنجم ليفربول ساديو ماني
من بين جميع القصص الخاصة بلاعبي كرة القدم، قصة لاعب فريق ليفربول الإنجليزي، الدولي السنغالي ساديو ماني، الذي كشف الفيلم الوثائقي الجديد الذي صدر أخيراً عن بعض ذكريات طفولته والتي أثرت في مسيرته بشكل كامل.
يحكي الفيلم الوثائقي ذكريات ماني منذ ركله لفاكهة الجريب فورت ككرة قدم في قرية بامبالي في السنغال مروراً بالأحداث حتى تتويجه في العام الماضي بلقب دوري أبطال أوروبا، كما يسرد قصته من الفقر إلى الثراء ويتضمن الفيلم مقابلات مع مدربه في الفريق، الألماني يورغن كلوب وبعضاً من زملائه في الفريق من بينهم محمد صلاح وفرجيل فان ديك.
ومن بين ذكريات ساديو ماني في الطفولة هو اليوم الذي توفي فيه والده وهي بلا شك اللحظة الأكثر حدة ويحكي في الفيلم: "كنت وقتها في السابعة من عمري كنا في الملعب وعلى وشك أن نبدأ اللعب عندما اقترب مني ابن عمي وقال لي ساديو، لقد مات"، أجبته: "حقًا؟ اعتقدت أنه كان يمزح، لم أستطع فهم ذلك حقًا".
يقول ساديو ماني: "قبل وفاته كان يعاني من أحد أنواع الأمراض لأسابيع، جلبنا له الأدوية التقليدية التي حافظت على هدوئه لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر، ولكن المرض عاوده مجدداً وفي هذه المرة لم يعطي الدواء مفعوله، لم تكن هناك مستشفى في قريتنا (بامبالي) لذا كان عليهم أن يأخذوه إلى القرية التالية لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم إنقاذ حياته".
ويضيف ساديو ماني: "عندما كنت صغيرا، كان والدي دائما يقول لي إنه فخورا بي، كان رجلاً ذا قلب كبير، وفاته كان لها تأثير كبير علي وعلى بقية أفراد عائلتي، لقد قلت لنفسي إن علي الآن أن أبذل قصارى جهدي لمساعدة أمي، أن تكون في وضع مشابه وأنت صغير في السن فإنه أمر صعب".
كان والد ماني إماما للمسجد لذا فإن أفراد العائلة في كل عام في ذكرى وفاته يتجمعون لتلاوة القرآن.
لقد فشل ساديو ماني في إقناع عائلته للسماح له بالتخلي عن تعليمه حتى يتمكن من متابعة طموحه في أن يصبح لاعب كرة قدم محترف لذلك لم يجد حلاً سوى الهرب من المنزل وهو في سن 15 بمساعدة صديق الطفولة لوك جيبون.
يقول: "كان الأمر صعبًا لأنه لم يكن هناك شخص يدفعني لتحقيق حلمي لكنني لم أتوقف أبداً عن مطاردة الحلم، لقد كان قراراً شجاعًا أن أترك عائلتي في القرية وأذهب إلى العاصمة داكار لأنني كنت أعلم بأنني يمكن أن أكون ناجحًا، بعد ذلك بدأت عائلتي تأخذ الأمر بجدية أكبر لقد عرفوا أنني لا أريد أن أفعل أي شيء آخر سوى ممارسة كرة القدم، كانوا يعلمون أنه ليس لديهم إي خيار لذلك أصبحوا يساندونني".
في العاصمة السنغالية داكار وبالتحديد في أكاديمية جينيريشن فوت بدأت رحلة ماني إلى النجومية بعد أن سجل أربعة أهداف خلال مباراة تجريبية.
يقول ساديو في الفيلم "أعتقد أنهم أعجبوا بذلك، لقد سجلت الأهداف تحت انظار مؤسس الاكاديمية مادي توري الذي أصبح بعدها في مقام والدي".
في بداية عام 2011 لمع نجم ساديو ماني وتعاقد معه نادي ميتز الفرنسي وانتقل بعدها إلى الفريق النمساوي ريد بول سالزبورغ وذلك بعد 18 شهرًا لعب دور رئيسياً في سباق تأهل السنغال إلى الدور ربع النهائي دورة الالعاب الاولمبية 2012.
يتذكر المدرب الألماني يورغن كلوب تخليه عن فكرة التعاقد مع ساديو ماني حينما كان مدربا لفريق بوروسيا دورتموند في 2014 بعد أن شاهد طريقة ارتدائه لقبعة البيسبول.
يضحك ساديو ماني وهو يتذكر تلك الحادثة، ويقول عن كلوب: "قال إنني مثل مغني الراب، ماذا يمكنني أن أقول؟ هذا جزء من الحياة فأنت لا تعرف أبدًا كيف ستنسجم مع الاخرين ولكن أعتقد أنه كان مخطئا بالتأكيد، كانت تجربة بالنسبة لي أيضًا كنت أعلم أنني يجب أن أظهر له الاحترام في حال التقينا مرة أخرى".
حصل كلوب في النهاية على رجله وكان ذلك في عام 2016 بعد أن سجل ماني أربعة أهداف في ثلاث مباريات ضد ليفربول لصالح ساوثهامبتون، ويتضح في الفيلم الوثائقي اعجاب ساديو ماني بمدربه كلوب إذ تظهر اللقطات أنه قاد سيارته إلى منزل الأخير بعد الفوز الرائع على برشلونة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
يقول ماني عن كلوب: "ما يجعله مميزًا هو أنه لا يتوقف أبدًا عن الإيمان بقدرات اللاعبين، في الاجتماع قبل تلك المباراة استطاع أن يقنعنا حقًا بأنفسنا وبأننا يمكننا القيام بالمهمة على الرغم من أننا فقدنا اثنين من أفضل اللاعبين في العالم [صلاح وروبيرتو فيرمينو]، لقد حفزنا وهو ساعدنا ذلك في تخفيف الضغط عنا".
يظهر في الفيلم الوثائقي الجانب المتواضع للاعب خاصة حينما يخاطب مجموعة من الشباب خارج المدرسة ويخبرهم أن التعليم هو مفتاح النجاح لان المدرسة تأتي أولاً، وحتى تستطيع أن تذهب للعمل وأنت بصحة جيدة يجب أن نبني مستشفى".
يضيف اللاعب: "ربما لو كانت هناك مدرسة أفضل عندما كنت صغيرا لربما كنت سأدرس أكثر، ولكن الأمر الآن لم يعد كذلك لقد كنت في القرية وجميع الأولاد هناك يريدون أن يلعبوا كرة القدم ولم يعد أحد يرغب في الذهاب إلى المدرسة، إنهم يريدون فقط أن يصبحوا لاعبي كرة قدم مثلي لكنني أقول لهم دائمًا انه يجب أن يكونوا متعلمين جيدًا وأن يذهبوا إلى المدرسة".
ويواصل: "بالطبع يمكنهم الاستمرار في لعب كرة القدم لأن ذلك سيساعدك أكثر على أن تكون ناجحًا في ما تفعله إذا فعلت كلاهما معاُ".
من المقرر أن يفتح ساديو ماني في غضون ستة أشهر مستشفى موله بالكامل مع المدرسة التي بناها في قريته في العام الماضي، والسبب الرئيس في رغبته في بناء المستشفى هي الظروف التي كانت محيطة بوفاة والده.
يقدر البنك الدولي أن 70٪ من الأسر تعيش في الفقر، ويقول ماني: "أتذكر أن شقيقتي ولدت في داخل المنزل أيضًا لأنه لا يوجد مستشفى في قريتنا، لقد كان وضعًا محزنًا حقًا للجميع، لذلك أريد بناء المستشفى لأمنح الأمل للناس".