السوريون يستبدلون «صباح الخير» بـ «مبروك» في أولمبياد طوكيو
استبدل السوريون تحيتي الصباح والمساء بكلمة «مبروك»، لفرط فرحتهم بإنجاز الربّاع معن أسعد، الذي نجح أول من أمس، في خطف برونزية وزن +109 كلغ في أولمبياد طوكيو، منهياً جفافاً أولمبياً استمر 17 عاماً.
وأهدى أسعد بلاده أول ميدالية منذ أولمبياد أثينا 2004 برفعه 190 كلغ خطفاً و234 نتراً (مجموع 424 كلغم)، ليحل ثالثاً وراء الجورجي لاشا تالاخادزه الذي حطم الرقم العالمي مسجلاً 488 كلغم والإيراني علي داودي (441 كلغم).
وبالتالي، كسر أسعد حاجز الميداليات الثلاث التي حصلت عليها سوريا في تاريخ مشاركاتها السابقة في الألعاب الأولمبية، رافعاً الحصيلة إلى أربعة.
كانت تلك البرونزية أشبه بإضاءة شمعة وسط ظلام الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد.
وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعاً دامياً تسبّب بمقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة، وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.
واليوم، إلى جانب الأزمة الاقتصادية، تغرق معظم المدن السورية في ظلام دامس نتيجة ساعات التقنين الكهربائي لفترات طويلة والتي تزداد في فصل الصيف.
حرم هذا الانقطاع كثيري من متابعة المنافسات الأولمبية، غير أن بعضهم وجد ضالته في المقاهي التي تمتلك مولدات وشاشات عرض كبيرة، فيما لجأ البعض الآخر إلى المتابعة عبر هواتفهم.
أصيب السوريون بخيبات أمل متتالية نتيجة خروج «أبطالهم» مبكراً من المنافسات، أمثال لاعب الوثب العالي مجدالدين غزال، ولاعبة كرة الطاولة أصغر مشاركة في طوكيو هند ظاظا (12 عاماً).
لكن الختام كان مسكاً، كما يقول سوريون كثيرون، ومنهم البطل السابق في رفع الأثقال مصطفى أبو عجيب، الذي اعتبر أن برونزية أسعد «مهمة جداً، وهي تعكس ضرورة الاهتمام بالألعاب الفردية وتوفير الظروف المناسبة لإعداد أبطالها».
«نكهة خاصة»
من جهته، أشاد رئيس الاتحاد الرياضي العام في سوريا فراس معلا بإنجاز أسعد، الذي كان نتيجة «للإعداد الجيد وتوفير كل مستلزمات النجاح».
وكان أول رد فعل على فوز أسعد من قبل الاتحاد، هو تخصيص مكافأة مالية له ولمدربه وشقيقه قيس، قدرها 25 مليون ليرة لكل منهما (نحو ثمانية آلاف دولار).
كما أعلن نادي الوحدة الدمشقي عن تخصيص مكافأة مالية للشقيقين من دون ذكر قيمتها.
من جهته، يرى بطل سوريا السابق برفع الأثقال رئيس الاتحاد الرياضي في الثمانينات سميح مدلل أن فوز أسعد هو «إنجاز فريد من نوعه في رياضة رفع الأثقال في سوريا».
قال أسعد بعد تتويجه لقناة (بي إن سبورتس) هذا الوسام له نكهة خاصة بعد غياب طويل».
وشارك في الألعاب الحالية بعد تخلصه من أوجاع كتفه التي تلت مشاركته في بطولة آسيا في أوزبكستان في أبريل الماضي، عندما حقق ثلاث فضيات برقم قياسي محلي قدره 433 كلغ (195 خطفًا و238 نترًا).
وأضاف أسعد الذي حمل صورة شقيقه خلال تتويجه «أخي شهيد وكان ربّاعاً. أقسمت من اليوم الذي استشهد فيه أن أهديه هذه الميدالية».
وأضاف «أشكر شعبنا العظيم الذي ساندني بدعواته وأهديه هذا الفوز الذي أهديه للسيد الرئيس (بشار الأسد) ولكل من ساندني ووقف معي».
من جهته أشاد قيس شقيق ومدرب أسعد بالإنجاز، معتبراً أنه «كبير رغم الظروف الصعبة والحرب التي يعيشها شعبنا وبلدنا منذ عشر سنوات».
ووصف الإنجاز بأنه «جاء لتضافر جهود الكثيرين وهو نتيجة عمل شاق دام خمس سنوات».
وكانت سوريا شاركت في أولمبياد طوكيو ببعثة صغيرة من خمسة لاعبين ولاعبة واحدة في كرة الطاولة والسياحة والفروسية والترياثلون وألعاب القوى ورفع الأثقال، أخفقوا جميعهم، باستثناء سعد، في تحقيق نتائج إيجابية.
ويذكر أن سوريا أحرزت خلال مشاركاتها السابقة في الألعاب الأولمبية، ثلاث ميداليات متنوعة، ذهبية حصدتها العداءة غادة شعاع في مسابقة السباعي في دورة أتلانتا العام 1996، وفضية للمصارع جوزيف عطية في دورة لوس أنجليس 1984، وبرونزية للملاكم ناصر الشامي في أثينا 2004.