مفتي دبي: السجود في الملاعب «باطل»
أكد مفتي دبي، الدكتور أحمد الحداد أن سجود لاعبي كرة القدم على أرضية الملعب خلال المباريات شكراً لله بعد تسجيل الأهداف وتحقيق الانتصارات «باطل لعدم استكمال شروطه» من طهارة البدن والثوب والمكان كون سجدة الشكر صلاة، ولابد أن تكون وفق الشرع وإلا فهي مردودة على صاحبها، على حد تعبيره.
وقال لـ«الإمارات اليوم» إن «كثيراً من اللاعبين لا يراعون شروط السجود، من حيث الوضوء وستر العورة من السرة إلى الركبة، والتوجه نحو القبلة، فكيف يصح منهم أو يشرع لهم؟».
ورفض مفتي دبي أن يعتبر الرياضة نعمة تستحق الشكر، كون الفوز فيها لا يعني الإنجاز الدائم أبداً، لا سيما أن إخفاقاتها أكثر من إنجازاتها، موضحاً «إنها من اللهو المباح إذا خلا عن المحاذير الأخرى كإضاعة الصلوات أو كشف العورات أو أخذ المنشطات، وإن صحبها شيء من ذلك فهي محرمة، واللهو المباح لا يدخل في مسمى النعم التي تستحق الشكر».
وكان جدل فقهي دار في الأوساط الرياضية العربية حول جواز السجود في الملاعب، فتضاربت الاجتهادات بعد صدور فتوى سعودية اعتبرت ذلك «إساءة للإسلام»، حيث يقول عضو الجمعية الفقهية، السعودي الدكتور صالح العصيمي في تصريح لوسائل الإعلام في بلاده: «إذا كان تسجيل الهدف نعمة يشكر الله عليها، فيجب على من يقول بهذا أن يجيز ويدعو في صلاة الجمعة وغيرها أن يجلب الله النصر والفوز».
في المقابل، صرح الأستاذ بجامعة الأزهر، الدكتور محمد متولي منصور لصحف مصرية «يسجد الإنسان لله شكراً على نعمة نالها، ولا عيب في ذلك على الإطلاق، بل بالعكس فهذه دعوة؛ أن يسجد لله كل لاعب يسجل هدفا».
«الإمارات اليوم» أجرت حواراً مع مفتي دبي، الدكتور أحمد الحداد حول جواز السجود والجدل الفقهي الدائر حوله، وتالياً نصه:
-يقوم لاعبو كرة القدم بالسجود على أرضية الملعب لحظة النصر أو الفوز، فما الحكم الشرعي في ذلك؟
--يقوم اللاعبون بذلك عند شعورهم بنشوة النصر والفتح المبين، الذي يشعرهم بأنهم قد حققوا الإنجاز العظيم الذي تنتظره الأمة منهم ليصنعوا لها المعجزات ويحققوا لها الأمنيات- مع احترامي لهذه الرياضة والرياضيين- وينسون أنهم إن حققوا هدفاً اليوم فسيخسرونه غداً، لذا أرى أن هذه الرياضة لا تعني الإنجاز الدائم أبداً، بل إن إخفاقاتها أكثر من إنجازاتها.
أما سجودهم على ذلك فلعلهم يزعمون أنه سجود شكر، غير أني لا أرى ذلك نعمة تستحق شكر الله تعالى، فإنها من اللهو المباح إذا خلا عن المحاذير الأخرى كإضاعة الصلوات أو كشف العورات أو أخذ المنشطات، فإن صحبها شيء من ذلك فهي محرمة، واللهو المباح لا يدخل في مسمى النعم التي تستحق الشكر، بل إن الشريعة ترى أن كل لهو باطل إذا شغل عن طاعة الله تعالى، وقد جعل الإمام البخاري هذه الجملة ترجمة لباب مستدلا على ذلك بقوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله}، فضلا عن أن سجود الشكر هو عبادة لها شروط الصلاة من طهارة البدن والثوب والمكان، وكون المرء متوضئاً وساتراً عورته من سرته إلى ركبته، ومتوجهاً نحو القبلة، ومعلوم أن كثيراً من اللاعبين لا يراعون هذه الشروط، فكيف يصح منهم أم كيف يشرع لهم؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وسجدة الشكر صلاة، فلابد أن تكون على وفق ما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فهي مردودة على صاحبها كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَن عمِل عملاً ليس عليه أمْرُنا فهو رد»، فهذا العمل من هذا القبيل؟
-إذا أراد اللاعب أن يشكر الله في الملعب، ماذا يفعل؟
--له أن يشكر الله تعالى بالحمد والثنا ء و الأدب مع الله تعالى ومع الناس، فهذا أوسع من صلاة الشكر أو سجدة الشكر التي يشترط لها ما يشترط في الصلاة.
-هناك جدل فقهي في المسألة كون سجود اللاعبين أدى إلى دخول غير المسلمين في الإسلام؟
--لا يعني هذا أن يكون ذلك السجود شرعياً، بل أسلموا عندما سمعوا بالإسلام، والإنسان مفطور على التأثر بالدين الحق، والعادات الحسنة والأخلاق الفاضلة، وبلاد شرق آسيا كلها إنما دخلت في الإسلام بسبب عرضه عليهم بصورته التي شرعها الله تعالى من القيم الفاضلة والمعاملة الحسنة ومحبة الآخرين، كما قدمه لهم بتلك الصورة المثلى التجار الحضارم الذين كانوا تجار الدنيا والآخرة، فدخل الناس في دين الله أفواجاً، وهي الآن تمثل أكبر نسبة من المسلمين.
-هناك فتوى سعودية اعتبرت السجود في الملعب «إساءة للإسلام»؟
--أما كونه إساءة للإسلام فكبير؛ لأنه فعل عفوي من أناس لا يفقهون كثيراً، فهو لا يعدو البطلان لعدم استكمال شروطه، وعدم المشروعية، لكون ليس هذا محله.
-ماذا عن لباس لاعبي كرة القدم؟
--يتعين على المسلم أن يكون لباسه ساتراً لعورته، فإنه نعمة ومنّة كبيرة من الله تعالى على بني آدم كما قال الله تعالى: {يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللهِ لَعَلهُمْ يَذكرُونَ. يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنكُمُ الشيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنا جَعَلْنَا الشيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}. فلا ينبغي أن يظهر شيء من عوراتهم بحجة نظام اللعب، فإن النظام من صنعنا أما الشرع فمن حق الله تعالى، ويجب علينا احترام شرع الله تعالى في كل حال، فقد قال علي رضي الله عنه: «دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا كاشف عن فخذي، فقال: يا علي، غط فخذك، فإنها من العورة»، وفي رواية «فلا تنظر إلى فخذ حي أو ميت»، فيتعين على لاعبي الكرة أن تكون ملابسهم ساترة لعوراتهم إلى ركبهم، فلا تكون قصيرة، ولا ضيقة تصف العورة المغلظة.
-إلى ماذا تدعو اللاعبين في الدولة حتى يمارسوا الرياضة بالشكل السليم؟
--أبناء الإمارات عريقون في إسلامهم وقيمهم، ولهم فخر مشهود في كل شيء، فلابد أن يستمر عطاؤهم ونشاطهم بذلك المستوى الراقي من القيم والفضائل، في جميع الأنشطة، ومن ذلك أن يمارسوا الرياضة التي تخصص لها الدولة ميزانية ضخمة من أجل بناء أجسامهم وقيمهم، على النحو المنشود، من غير أن يصحب ذلك شيء من المخالفات الشرعية أو الأخلاقية.
رأي الجمهور
سعيد البلوشي:
أؤيد صلاة الشكر من قبل اللاعبين بعد إحراز الاهداف، وهي طريقة تعبير عن التوفيق الذي حالفهم أثناء المباريات، لكن أتحفظ على لباسهم خلال السجود في الملعب كونه غير ساتر للعورة، ومنافياً للشريعة الإسلامية، الامر الذي يضع علامة استفهام على سجودهم.
راشد القبيسي:
أعتقد أن السجود على الأرض من قبل اللاعبين طريقة لا إرادية للتعبير عن لحظة الفرح أثناء مباريات كرة القدم، وتحديداً بعد إحراز الأهداف، وليس هناك تحفظ على هذا التعبير كونه يرتبط بمعتقداتنا الإسلامية، فالأمر عادي ومن حق اللاعب ان يشكر الله على الانتصارات.
راشد سالم:
لا غبار على السجود على أرض الميدان للتعبير عن الشكر لله، ولكن ما يقلقني أن بعض اللاعبين الاجانب اتجهوا إلى تقليد السجدة من باب الجهل، كما حدث مع محترف العين البرازيلي دياز الذي سجد بعد تسجيل هدفه في نادي الشباب بنهائي كأس صاحب السمو رئيس الدولة.