التشويش على المونديال أفقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد الجمهور متعة المشاهدة. أرشيفية

«تشويش المونديال» قـــرصنة فضائية من مجهول

اعتبر جمهور ان عملية التشويش على بث قناة الجزيرة الرياضية خلال نقلها مباريات مونديال جنوب افريقيا لكرة القدم 2010 صيف العام الجاري، قرصنة فضائية من فاعل لايزال حتى الآن مجهولاً، لافتين الى انه رغم ان مسؤولي القناة اتهموا الاردن صراحة بأنه مصدر التشويش، فإنهم يستبعدون قيام الأردن بمثل هذا العمل الذي وصفوه بأنه عمل عبثي يماثل القرصنة البحرية على سواحل الصومال.

وتساءل بعضهم عن مصلحة الأردن في التشويش على المباريات، لافتين الى أن الأردنيين أنفسهم تضرروا بهذه المسألة كونهم اشتروا بطاقات لمشاهدة المباريات، مطالبين القناة والسلطات الأردنية بتشكيل فريق مشترك يضم خبراء امنيين للتحقيق في الامر وكشف ملابسات ما حدث وتوضيح الصورة للجمهور والمشاهدين في جميع انحاء الدول العربية.

وأرجع الجمهور خلال حديثه لبرنامج «منبر الجزيرة» على «قناة الجزيرة الاخبارية القطرية» عملية التشويش الى ردة فعل وغضب الكثيرين ممن وصفوهم بالفقراء نتيجة حرمان القناة لهم من مشاهدة المونديال بسبب ارتفاع اسعار بطاقات الاشتراك وعدم قدرتهم على شرائها، خصوصا في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وايران، فيما ذهب البعض الى ان الخلافات السياسة بين الدول ربما كان لها دور في ما حدث، نظراً لأن هناك جهات تحب القناة واخرى تبغضها بسبب بثها لبعض البرامج، خصوصا على صعيد قناة الجزيرة الاخبارية.

السلط ترتفع 1100 متر فوق سطح البحر

إبراهيم شكر الله ــ دبي أشارت الوثائق السرية التي حصلت عليها صحيفة «الغارديان» البريطانية الى أن موقع التشويش الذي أصاب قناة الجزيرة الرياضية اثناء المونديال الاخير هو مدينة السلط الاردنية، التي تقع في الشمال الغربي من العاصمة عمان، وتبعد عن حدود الاراضي التي تحتلها اسرائيل ما يقل عن 15 كيلومتراً. وتعد مدينة السلط احدى أعرق مدن المملكة الاردنية الهاشمية، وهي مركز لمحافظة البلقاء، وتقع على الطريق الرئيس القديم المؤدي من عمان الى القدس. وتبلغ مساحة السلط نحو 50 كيلومترا مربعا وتقع على مرتفعات البلقاء بارتفاع يبلغ 790 - 1100 متر فوق مستوى سطح البحر.

وتعتبر السلط رابع اكبر مدينة في الاردن من حيث التعداد السكاني، فعدد سكانها يقارب 80 ألف نسمة، ويعتقد انه تم اكتشافها سنة 300 قبل الميلاد.

وتتميز السلط بموقع جغرافي متميز، فهي منطقة واقعة بين وادي الاردن والصحراء الشرقية، وبسبب تاريخها كرابط تجاري مهم فإنها كانت مكانا مهما لمن حكمها في السابق سواء الرومان او البيزنطيون أو المماليك، الذين أسهموا في نمو المدينة، وأسس العثمانيون قاعدة اقليمية ادارية فيها. وبارتفاع سمعة المدينة، قدم العديد من التجار اليها وبثرواتهم بنوا العديد من البيوت الجميلة التي لاتزال تتزين بها المدينة حتى اليوم.

وتملك السلط أقدم متحف في الاردن ويمثل تاريخ هذه المدينة العريقة سواء من مناطق اثرية وتاريخية او قصور او شلالات او عملات معدنية قديمة. ويعتقد أن الجيش المقدوني بنى هذه المدينة في عهد اسكندر المقدوني، وكانت تعرف باسم «سولتس» في العهد البيزنطي نسبة للقائد اليوناني الذي فتحها في زمن الاسكندر المقدوني.

ويقع قرب مدينة السلط وبالتحديد في قرية بطنا مقام نبي الله أيوب عليه السلام، كما يوجد مقام نبي الله شعيب عليه السلام في منطقة وادي شعيب القريبة من المدينة ايضاً. وتم تأسيس أول بلدية في الاردن بمدينة السلط سنة .1884

وكانت صحيفة «الغادريان» البريطانية كشفت أخيراً عن حصولها على مستندات ووثائق تؤكد ان عملية التشويش على قنوات الجزيرة الرياضية خلال كأس العالم كان مصدرها الاردن، فيما اكدت قناة الجزيرة الرياضية في بيان لها على لسان مديرها ناصر الخليفي أنه ثبت فعلاً ان مصدر التشويش كان مدينة السلط الاردنية.

ويدور جدل واسع في العالم العربي بشأن الجهة التي قامت بالتشويش على بث المونديال والهدف من وراء قيامها بمثل هذه الخطوة.

غضب الفقراء

ورأى عبدالرحمن أمين أحد المتصلين من الجزائر ان التشويش ربما حدث من غاضبين على القناة لاحتكارها المونديال وفرضها رسوماً خرافية على اسعار بطاقات الاشتراك، ما حرم الكثيرين في دول شمال افريقيا والشرق الاوسط وايران مشاهدة الحدث لاسيما في الجزائر ومصر وتونس والمغرب.

واضاف عبدالرحمن أمين «الكثيرون في منطقة شمال افريقيا والشرق الاوسط فقراء ولا يمكنهم شراء بطاقات الاشتراك لمشاهدة مباريات المونديال، لكن الغالبية في دول الخليج ميسورو الحال ويمكنهم شراء هذه البطاقات، لذلك اعتقد ان حالة الاستياء ربما دفعت البعض للقيام بمثل هذا الفعل».

قرصنة فضائية

واستعبد حسام قاسم من الاردن قيام بلاده بهذا العمل لأنهم تضرروا كثيرا من عملية التشويش نظراً لاشتراكهم في باقات «الجزيرة الرياضية» لمشاهدة مباريات المونديال، مؤكداً أنه تضرر بصورة شخصية من هذه المسألة كونه قام بشراء بطاقة الاشتراك في باقة القناة لكنه لم يتمكن من مشاهدة عدد كبير من المباريات بسبب التشويش على البث، واعتبر قاسم أن هذا العمل ربما يكون قد صدر من جهات عابثة أو غاضبة من القناة، واصفاً ما حدث بالقرصنة الفضائية، داعياً الجزيرة الرياضية إلى مواصلة تحقيقاتها لكشف الجهة التي قامت بهذا العمل للرأي العام حتى لا تُتهم جهات بريئة من هذا العمل.

فاعل مجهول

وأشار عبدالرحيم قاسم، من فلسطين، الى ان عملية التشويش ربما قام بها من وصفهم بأعداء القناة، فهناك من يحبها ومن يبغضها نتيجة للبرامج التي تقدمها، خصوصاً على صعيد «الجزيرة الاخبارية»، معتبراً ان الدول الاسلامية باتت مخترقة من البعض بدليل ان من قام بالتشويش على بث «الجزيرة الرياضية» لايزال مجهولاً.

وتساءل محمد أحمد (أردني مقيم في قطر) عن مصلحة الاردن في التشويش، مؤكداً ان الاردن له مصالح مع قناة الجزيرة الرياضية التي اشترت حقوق بث الدوري الاردني لكرة القدم بمبالغ مالية مناسبة رغم انه دوري متواضع، على حد تعبيره.

وانتقد محمد أحمد قيام القناة ببيع بطاقة مشاهدة المونديال بأسعار مرتفعة في الوطن العربي وشمال افريقيا وايران في الوقت الذي شاهد الجمهور الاسرائيلي المونديال مجاناً ببثه على القنوات التلفزيونية الأرضية. وتابع «لماذا يشاهد المشجعون الاسرائيليون المونديال مجاناً بينما نقوم نحن في الوطن العربي بدفع مبالغ مقدرة مقابل ذلك».

عمل خطأ

ووصف إسماعيل عسياوي، من السودان، التشويش على البث بالفعل الخطأ، فيما أرجع ناجي حسن من أميركا التشويش إلى غضب البعض من «الجزيرة الرياضية» التي رفعت سعر بطاقة الاشتراك.

وشدد يحيى محمد، من مصر، على أنه من المستحيل قيام الأردن بمثل هذا العمل، مؤكداً أن عملية التشويش تمت من جهات لها مصلحة، واتفق معه أيضاً محمد منصور من مصر على ان قناة الجزيرة لها أعداء متربصون بها من الممكن ان يقوموا بمثل هذا الفعل. وأشار ابراهيم القصير، من مدينة السلط الاردنية، وهي المنطقة المتهمة بإصدار التشويش، ان التشويش وارد في هذه المنطقة الجبلية، فضلاً عن ان القناة نفسها مستهدفة من البعض.

فيما طالب عبدالخالق سلطان، من قطر، بضرورة تحويل ملف قضية التشويش الى جامعة الدول العربية للتحقيق بشأنه، وكشف الحقيقة.

الأكثر مشاركة