أسباب مجهولة وراء التوقـف المفاجئ لقلب اللاعب

أكد طبيب فريق كرة القدم بنادي الشارقة ماهر حفيظي، أن الموت المفاجئ الذي يتعرض له الرياضيون ولاعبو كرة القدم يبقى مجهولاً وعلامة استفهام لدى الاجهزة الطبية في العالم، ولا يوجد له أي بوادر مسبقة أو مؤشر إلى اقتراب وفاة اللاعب، لكن أسبابه متعلقة بعيوب خلقية في القلب والأمراض الوراثية، فضلاً عن متطلبات الاحتراف العالية والطقس وسوء التغذية والأدوية والمنشطات.

وبرزت أخيراً وفايات مفاجئة اذهلت متابعي كرة القدم، خصوصاً ان أسبابها لم يتم تحديدها بشكل مباشر، وفي أبريل الجاري توفي لاعب وسط نادي ليفرونو الإيطالي بييرماريو موروسيني أثناء مباراة فريقه أمام بيسكارا بسبب أزمة قلبية وتوقفت المباراة وتأجلت، ونقلت وسائل الإعلام الإيطالية عن الطبيب المكلف بتشريح جثته، كريستيان دي أوفيديو بعد تشريحه للجثة لأكثر من ست ساعات، أنه «لا توجد أشياء واضحة تسمح لنا بتحديد سبب الوفاة، وعلينا إجراء المزيد من الفحوص».

فييرا: المكملات الغذائيةلا تكون مناسبة أحياناً

قال مدرب الشارقة وبني ياس سابقاً، البرازيلي جورفان فييرا، إن «هناك متطلبات للعب على المستوى العالي، وارتفعت هذه المتطلبات حتى في دول العالم الثالث، فمثلاً في الإمارات هناك ثلاث أو أربع بطولات في الموسم واللاعب أصبح مطالبا بالمشاركة في مباراة تعقبها أخرى بعد ثلاثة أيام».

وأضاف «بعض اللاعبين يقطع في المباراة الواحدة 10 إلى 12 كيلومتراً، وبالتالي فإن القضية تحتاج إلى تحكم واستعداد أفضل طبيا، وتحتاج كذلك إلى تغذية صحيحة، لأن بعض المكملات الغذائية التيأ تباع في كل مكان لا تكون مناسبة للاعبين أحياناً».

ولفت فييرا إلى أن «هناك سباحا نرويجيا توفي أول من أمس أثناء استحمامه وكان يستعد للمشاركة في أولمبياد لندن، ولمثل هذه الحوادث أنا أعتقد أن معظم الأندية والاتحادات في العالم لا تكون جاهزة في الجوانب الطبية، فأمور مثل التغذية وتناول الفيتامينات وغيرها يجب أن تخضع لرقابة طبية».

وأوضح فييرا أنه «حينما كنت مدرباً لبني ياس كنا نتحكم في كل هذه الجوانب، فاللاعبون صغار السن وكانوا لا يعرفون في أمور المكملات الغذائية والفيتامينات، بينما كان هناك لاعبون في الشارقة يتناولون المكملات والفيتامينات، وكنا نقوم بتوجيههم».

جورفان فييرا.

عبدالرحمن محمد: لاعبون يتناولون مشروبات طاقة دون استشارة

اعتبر نجم النصر والمنتخب الوطني السابق عبدالرحمن محمد، أن غياب الثقافة والتوعية لكل من اللاعبين والأندية يسهم في انتشار هذه الظاهرة، وقال إن «انتشار هذه الظاهرة يعود لعوامل كثيرة تبدأ باللاعب ذاته، وتنتهي بالأندية التي يفتقر الكثير منها لعوامل التثقيف ونشر الوعي بين صفوف لاعبيها».

وأضاف «الاحتراف بصورته الفاعلة يتطلب من الأندية تثقيف لاعبيها، ويبدأ ذلك بكيفية التعامل مع قوانين اللعبة والأجهزة التحكيمية وصولاً للإسعافات الأولية، إذ غالباً ما تسهم إجراءات بسيطة وسريعة في انقاذ حياة زميل لهم».

ولفت عبدالرحمن إلى أن «هناك لاعبين يلجأون ومن دون علم الأجهزة الطبية إلى تناول مكملات غذائية ومشروبات طاقة، ما يتسبب في العديد من الحالات إلى إنهاء حياة اللاعب من الناحيتين الصحية والمهنية»، وأضاف «على الأندية القيام بإجراء فحوصات دورية تسهم في الكشف المبكر عن التعاطي الخطأ لمثل هذه الأمور، فنتائج الفحوص تعطي صورة واضحة عن الطرق الغذائية المثلى التي تسهم في بناء لاعب سليم قادر على مواكبة التطور السريع لكرة القدم من دون الوقوع في خطر الإجهاد الذي قد يسبب في بعض الحالات الوفاة».

عبدالرحمن محمد.

وتوفي في السنوات الـ15 الأخيرة عدد من اللاعبين أثناء مشاركتهم في المباريات أو أثناء التدريبات، ففي 2009 توفي جناح النصر والمنتخب الوطني سالم سعد نتيجة أزمة قلبية تعرض لها أثناء تدريبات فريقه، وفي 2003 توفي النجم الكاميروني مارك فيفيان فوي أثناء مشاركته أمام كولومبيا في نصف نهائي كأس القارات وتبين في ما بعد أنه كان يعاني مشكلة في عضلة القلب.

وفي 2006 تعرض ظهير المنتخب المصري، محمد عبدالوهاب، لأزمة قلبية أثناء تدريباته مع فريقه الأهلي المصري أدت إلى وفاته، وفي مارس الماضي تعرض مدافع بولتون الإنجليزي فابريك موامبا إلى أزمة قلبية أثناء مشاركته أمام توتنهام هوتسبر في كأس الاتحاد الإنجليزي ما تسبب في توقف قلبه ساعتين، لكن نادي بولتون والمستشفى المتخصص بعلاج موامبا أعلن في أبريل الماضي عن خروج الأخير من غيبوبته وتحسن حالته، وفي تصريحات نقلتها صحيفة «الصن» البريطانية، قال موامبا إن «أحداً في السماء كان يراقبني، ففي صباح يوم المباراة كنت أقوم بالدعاء مع والدي وطلبت من الله أن يقوم بحمايتي، ولم يخذلني».

واعتبر رياضيون أنه «يجب معاملة اللاعبين على أنهم بشر وليسوا آلات»، على حد تعبيرهم، موضحين أن هناك مشكلة توعوية يعانيها بعض اللاعبين في ما يخص تناول المكملات الغذائية والفيتامينات، وطالب رياضيون من الأندية أن تقوم بفحوص دورية وبصورة مستمرة للاعبيها لتجنب تعرض حياتهم إلى الخطر.

وقررت أندية الجزيرة والوحدة وبني ياس والعين والظفرة قبل ايام إجراء فحص طبي شامل على قلوب لاعبي الفريق الأول للوقاية من خطر الموت المفاجئ، ويقوم الطبيب عادل الشاطري المتخصص في جراحة وأمراض القلب بإجراء الفحوص الشاملة على اللاعبين في العيادة الخاصة بكل نادي.

وقال حفيظي الذي يعمل طبيبا لنادي الشارقة منذ نحو 17 عاماً لـ«الإمارات اليوم»، إن «المتطلبات المفروضة على اللاعبين ارتفعت، فقبل 20 عاماً كانت تقام مباراة واحدة كل 10 أيام، بينما الآن في الدوري الإنجليزي في بعض الأحيان تقام مباراة واحدة كل 72 ساعة».

وأضاف «أصبح الآن هناك تدن في العوامل البدنية وعوامل الاستشفاء بالنسبة للاعبين، إضافة إلى ذلك فإنه مثلاً في أوروبا يلعب اللاعبون أحياناً في درجات حرارة تقدر بخمس أو 10 درجات تحت الصفر، وفي الخليج تصبح نسبة الرطوبة أحياناً 80٪ إلى 85٪، وعلينا ألا ننسى في هذه الحالة أن العرق يحتاج إلى الأكسجين». وأشار حفيظي إلى أن «هناك عوامل أخرى مثل سوء التغذية، فتغذية اللاعب الأوروبي ليست مثل اللاعب العربي أو اللاتيني، إضافة إلى أن الضغوط على الأجهزة الفنية ارتفعت، فحينما يشتري ناد لاعباً بالملايين فإنه يضطر إلى إشراكه في مباراة كل 72 ساعة لو تطلب الأمر ذلك، فهذه أسباب تجارية وهو أمر منطقي في نهاية المطاف».

ولفت حفيظي إلى أنه «حينما ترى لاعباً مثل ميسي يلعب 70 مباراة في الموسم ويسافر من إسبانيا إلى الأرجنتين ومن الأرجنتين لإسبانيا للمشاركة في المباريات الدولية لمنتخب بلاده ومن ثم يشارك في مباريات الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا وجميع البطولات الأخرى، ووجوده ضروري لدرجة أنه لا يستطيع الغياب عن المباريات، تستطيع أن ترى كيف هو وضع الاحتراف».

وأضاف «جسم الإنسان يحتاج إلى أمور مثل النوم، لكن حينما يصاب بالإرهاق من قلة النوم وكثرة المباريات، فإن القلب الذي يعتبر الجهاز الذي يضخ الدم لا يتجاوب فجأة، ولا ننس أن كمية التلوث في العالم أصبحت مرتفعة وتؤثر في جسم الإنسان العادي، فما بالك بالإنسان الرياضي؟».

وأكد حفيظي أن «نقطة الاستفهام في العالم بأكمله تكمن في أن الأمراض الخلقية في القلب لا تظهر في الفحوص العميقة التي يخضع لها اللاعبون بصورة دورية، فهي لا تظهر في الشحنات الكهربائية ولا تظهر في الصمام وغيرها من أجزاء القلب، بل إن تخطيط القلب والموجات الصوتية وكل فحص آخر يظهر أن الأمور سليمة، وأن التجاوب طبيعي، لكن الأنزيمات وبعض الأمور الأخرى في القلب لا تتجاوب فجأة».

وأوضح «المنشطات والأدوية التي يتعاطاها بعض اللاعبين أمور محسوبة على عضلة القلب كذلك، وأحياناً تكون حالات الأزمات القلبية ناجمة عن أمـراض وراثيـة».

الأكثر مشاركة