حضروا جولة أبوظبي.. وأكدوا صعوبة المهمة واحتياجها إلى مبالغ ضخمة

خبراء: حان وقت ولادة سائق عربي في الـ «فورمولا 1»

سباق أبوظبي محطة مهمة في مشوار بطولة العالم للراليات. تصوير: إريك أرازاسج

أكد خبراء وسائقون حضروا سباق الجولة ال18 من بطولة العالم لسباقات الفورمولا1 «جائزة الاتحاد للطيران الكبرى»، التي اقيمت، الأسبوع الماضي، على حلبة مرسى ياس، وأحرز لقبها الفنلندي كيمي رايكونن، أن الزمن قد حان للشروع في صناعة بطل عربي غاب عن هذه الرياضة طويلاً، ويواكب التطور الكبير الذي تشهده دول المنطقة بعد الدعم الحكومي الضخم، ما أسهم في بناء حلبات واستضافة سباقات تعد الأرقى على مستوى العالم، وبمشاركة نجوم هذه الرياضة وجمهورها الواسع وأغلبه من الطبقات «المخملية» من مشاهير الفن والرياضة والسياسة. واشار الخبراء في حديثهم ل«الإمارات اليوم»إلى أن امتلاك الحلبات واستضافة جولات بطولة العالم يجب أن يترافق مع بدء مشروع صناعة سائق عربي يحظى بدعم وخطة طويلة الأمد قد تصل إلى 15 عاماً من العمل الجاد، حتى يتمكن من دخول دائرة المنافسة للفوز بأحد مقاعد فرق هذه الرياضية التي تحتاج الى مبالغ مالية ودعم كبيرين.

سلطان: السائق يكلف 18 مليون درهم
حدد السائق الإماراتي هيثم سلطان، الذي ينافس ضمن سلسلة سباقات «فورمولا غولف 1000» الذي يعد أولى خطوات طريق عالم ال«فورمولا1»، الكلفة المالية لتحقيق حلم السائق العربي ببلوغ عالم هذه السباقات، ب18 مليون درهم، وقال سلطان «ليصل أي سائق عربي نحو عالم ال(فورمولا1) يتوجب عليه التسلسل ضمن سلسلة سباقات عدة تبدأ مع السلسلة التي أتسابق بها، التي بحاجة إلى دعم يصل إلى 500 الف درهم، ومن ثم الانتقال إلى سلسلة (فورمولا1 رينو) التي بحاجة إلى دعم يصل إلى قرابة مليون درهم لتحقيق الفوز فيها، قبل الانتقال إلى (سلسلة جي بي 3) التي بدورها بحاجة إلى دعم يبلغ خمسة ملايين درهم، لتأتي العقبة الأكبر عبر الدرجة الأخيرة قبيل الانتقال إلى عالم ال(فورمولا1) ألا وهي سلسلة سباقات (جي بي 2) التي تحتاج إلى دعم يصل إلى قرابة 13 مليون درهم»

وبدأ الاهتمام العربي في سباقات ال«فورمولا1» منذ فترة السبعينات، حين دعم عدد من الشركات السعودية فرقاً مثل ماكلارين وويليامز، الذي حصد بعدها سائقوه بطولتي العالم الأولى مع الأسترالي آلان جونز عام 1980، ثم الفنلندي كيكي روزبرغ عام 1982. وفي منتصف ثمانينات القرن الماضي، نجح الرجل القوي في ماكلارين رون دينيس في ماكلارين في اقناع السعودي منصور عجة بفض ارتباطه مع وليامز، والاستثمار من خلال شركته «تاج» في فريق ماكلارين، لتستمر هذه العلاقة حتى يومنا هذا، ويحصد الفريق البريطاني العديد من ألقاب بطولة العالم على صعيدي السائقين والصانعين.

وفتحت العاصمة ابوظبي ذراعيها لاحتضان أحداث بطولة العالم بإنشاء حلبة مرسى ياس التي باتت جزءاً مهماً في طريق السائقين الراغبين في المنافسة علي لقب العالم في كل عام، وقبلها في البحرين لتبدأ ال«فورمولا1» قصتها مع الساحة العربية، خصوصاً ان العديد من الشركات ايضا بدأ يتجه نحو هذه السباقات الشعبية مطلع الألفية الجديدة، عبر رعاية «الاتحاد للطيران» وشركة الدار العقارية لفريق سبايكر في عام 2007.

تبني المواهب
وطالب نائب رئيس الاتحاد الدولي ورئيس نادي الإمارات للسيارات والسياحة، محمد بن سليم، بتشكيل لجنة من خبراء وسائقي هذه الرياضية على الصعيد المحلي، تتولى مهمة وضع خطة طويلة الأمد لتبني أجيال واعدة نحو بناء سائق عربي يمكنه، عقب مسيرة طويلة من الدعم المتواصل، دخول عالم سباقات ال«فورمولا1». وقال بن سليم ل«الإمارات اليوم»: «أطالب الآن وأكثر من أي وقت مضى بلجنة خاصة من السائقين العرب المحترفين وخبراء هذه الرياضية، تتولى مهمة وضع خطة طويلة الأمد لبناء وتبني المواهب العربية سعياً للوصول بها إلى عالم سباقات ال«فورمولا1» الذي سيكون العنصر المكمل لامتلاك حلبات واستضافة جولات بطولة العالم على أعلى مستوى». واضاف بن سليم «نجاح ال(فورمولا1) يعود لكونها توازن بين شقين، الأول رياضة تنافسية، والثاني تجاري، فالشركات التي ترعى هذه الفرق، ومنها الشركات العربية، تتطلع إلى الترويج لعلاماتها التجارية بالدرجة الأولى، وهذه الشركات غير ملامة في عدم بحثها عن سائق عربي لا يمكنه بلوغ عالم هذه السباقات وسط عدم وجود خطط منتظمة طويلة الأمد لأندية واتحادات السيارات العربية»، موضحاً «لو نظرنا إلى عالمنا العربي لوجدنا الكثير من حلبات الكارتينغ التي تكشف نتائج سباقاتها في كل عام عن الكثير من المواهب الواعدة التي يتوجب احتضانها بالتنسيق مع الجهات الحكومية والهيئات الرياضية بصورة تضمن لها تحقيق نتائج في بطولات عالمية تتشجع من خلالها الشركات الخاصة والوطنية في رعاية هؤلاء السائقين بصورة تضمن لهم التدرج في سلسلة السباقات التي تسبق عالم ال(فورمولا1) ».

مبالغ مالية ضخمة
وأكد الإعلامي البحريني والمحلل الفني لسباقات ال«فورمولا1»، نزار حميد، أنه على الرغم من وجود سائقين عرب بارزين ضمن قطاعات شتى، إلا أن افتقارهم الدعم المالي سيقف دون تحويل حلمهم إلى حقيقة، وقال «هناك العديد من السائقين العرب الموهوبين، ومنهم البحريني حمد الفردان، الذي يتنافس ضمن سباقات (جي بي 2- آسيا)، إلا أن حاله مثل العديدين من السائقين العرب الموهوبين الذي يعانون غياب الدعم المالي الكبير الذي يمنعهم تطوير مستواهم نحو بلوغ عالم ال(فورمولا1)، خصوصاً أن هذه الرياضة تحتاج إلى مبالغ مالية طائلة». واشار الى أن «فرق ال(فورمولا1)  تحتاج إلى معدل ميزانيات سنوية تصل إلى 300 مليون، وغالباً ما تلجأ هذه الفرق إلى الاستغناء عن سائق جيد مقابل الحصول على سائق موهوب يحظى بدعم مالي من شركات خاصة تتبناه، وهو الأمر ذاته الذي شهدناه الموسم الماضي حين قام فريق ويليامز بالتعاقد مع الفنزويلي باستور مالدونادو المدعوم من شركة النفط الفنزويلية الذي حل مكان السائق المخضرم البرازيلي روبنز باريكلو».

15 عاماً لبناء سائق
اعتبر سائق فريق كاترهام لسباقات ال«فورمولا1»، الفنلندي هايكي كوفالينن، أن صناعة سائق «فورمولا1» تحتاج إلى 15 عاماً من العمل الجاد والدعم المالي الكبير، وقال «صناعة سائق يمكنه دخول عالم سباقات ال(فورمولا1) تحتاج إلى 15 عاماً من العمل الجاد والمضني، الذي يجب أن يترافق مع دعم مالي كبير لضمان حصوله على فرصة الجلوس خلف مقود فرق هذه الرياضية التي بدورها تتمايز من حيث قدرتها على المنافسة بناء على تميزها بقيمة الدعم الذي تحظى به». وعن وجود الحلبات ودورها في صناعة البطل قال كوفالينن «وجود الحلبات واستضافة جولات بطولة العالم عاملان مؤثران، إلا أن العكس ليس صحيحاً، إذ إن هناك العديد من البلدان التي لا تملك جولات أو حلبات سباقات ال(فورمولا1)، وتملك أًبطالا، فبلدي فنلندا الذي لا يستضيف سباقات ال(فورمولا1) أنجب أبطال عالم أمثال ميكا هاكينن بطل عالم 1998-1999، وكيمي رايكونن بطل 2007».

الموهبة وحدها لا تكفي
كشف سائق فريق موريسيا لسباقات ال«فورمولا1»، الفرنسي تشارل بيك، أن الموهبة وحدها لا تكفي لدخول السائق عالم ال«فورمولا1»، وقال «الموهبة وحدها من دون الحصول على دعم مالي، تجعل مهمة دخول السائق عالم ال(فورمولا1)  غاية في الصعوبة»، وأضاف «هذه الرياضة التي تغيرت كثيراً باتت تنظر إلى الدعم المادي إلى جانب الموهبة، إذ تتطلع الفرق لحصول على الدعم المادي الذي يضمن لها تطوير سياراتها بصورة تؤهلها لحصد نتائج جيدة تؤهلها بدورها للحصول على المزيد من الرعاية من الشركات التجارية»

تويتر