نظام «الكل يسجل» يعمل جيداً مع «المهندس»
حينما شارك منتخب الإمارات في كأس آسيا 2011، لم يكن للإحراج الذي شعرنا به مثيل، لأن الخسارة في ثلاث مباريات من أصل ثلاث جاءت انعكاساً لحجمنا الكروي الحقيقي وقتها، فيما اعتقد البعض أننا ذاهبون للمنافسة، لكن للأسف لم نسجل هدفاً واحداً حتى، في لعبة تعد فيها الأهداف كل شيء، ما زاد «الإحراج إحراجاً».
مدرب الإمارات وقتها، السلوفيني سريشكو كاتانيتش، أثار ضجة في الشارع الرياضي الإماراتي ووسائل الإعلام بمسألة العقم الهجومي الذي يعانيه فريقه، وأن مسألة عدم مشاركة جميع المهاجمين الإماراتيين الذين استدعاهم للبطولة وقتها بصورة أساسية مع فرقهم المحلية، قد انعكس بالخروج من الدوحة من دون تسجيل أي هدف.
ما نراه مع مدرب الأبيض الحالي مهدي علي، ولا نعتبره ثناء كبيراً، فهو لم يحقق أي شيء مع المنتخب الأول حتى الآن، ولم يفز سوى في ثلاث مباريات في كأس الخليج، ولايزال المشوار أمامه، إلا أنه استطاع بصورة واضحة حتى الآن معالجة مشكلة التهديف، بعدم الاعتماد على المهاجمين فقط، بل على الفريق بأكمله، في نظام «الكل يسجل».
هناك فريق يعمل بأكمله من أجل أن تصل الكرة إلى المهاجمين الاثنين في المقدمة كي يسجلا، وهناك فريق يعمل بأكمله من دفاع ووسط وهجوم كمنظومة واحدة بوجود «لا مركزية» واضحة في مسألة التسجيل، فالأبيض لا يعتمد على أحمد خليل أو إسماعيل مطر أو علي مبخوت في تسجيل الأهداف فقط، فمدافعون مثل محمد أحمد وحمدان الكمالي وعبدالعزيز هيكل، سجلوا تحت قيادة مهدي في المنتخب الأول.
منتخب الإمارات لعب تحت قيادة مهدي علي منذ توليه وظيفة التدريب في أغسطس الماضي، 10 مباريات، وسجل 25 هدفاً، خمسة أهداف منها سجلها مدافعون، هم وليد عباس وحمدان الكمالي وعبدالعزيز هيكل ومحمد أحمد، وستة أهداف أخرى سجلها لاعبو وسط، هم حبيب الفردان وعمر عبدالرحمن وعامر عبدالرحمن، بينما 14 هدفاً سجلها المهاجمون علي مبخوت وأحمد خليل وإسماعيل مطر وسعيد الكثيري.
هل تغير الكثير بالنسبة لمهاجمينا منذ فترة كاتانيتش؟ إن رأينا المهاجمين الأربعة الذين استدعاهم مهدي، نجد أن أحمد خليل لايزال احتياطياً في الأهلي، وسعيد الكثيري هو أكثر مهاجم إماراتي يلعب أساسياً، وقد سجل خمسة أهداف هذا الموسم، بينما علي مبخوت يلعب بين فترة وأخرى أساسياً، وليس بصورة منتظمة، وسجل ستة أهداف، بينما إسماعيل مطر لم يكن لائقاً لأغلب مباريات النصف الأول بسبب الإصابة.
وبالتالي لم يتغير الكثير بالنسبة لمهاجمينا، فحتى إن عدنا إلى جدول ترتيب هدافي الدوري، نجد أن أفضل هداف هو عمر عبدالرحمن الذي يلعب كلاعب وسط، وفي المرتبة الـ11 برصيد سبعة أهداف فقط!
لا نقول إننا أصبحنا فقط لفوزنا على قطر 3-1 والبحرين 2-1 وعمان 2/ صفر فريقاً عصرياً، لكن هذه الميزة هي ميزة الفرق العصرية، فمدرب مانشستر يونايتد، السير أليكس فيرغسون، بعد استغنائه في 2006 عن هدافه الهولندي رود فان نيستلروي الذي كان الفريق يتمحور عليه بصورة كاملة في التهديف، ازدهر فريقه هجومياً وأصبح «لا مركزياً»، فأصبح كارلوس تيفيز وكريستيانو رونالدو وواين روني ورايان غيغز وبول سكولز وغيرهم يتقاسمون الأهداف.
ومثال آخر في منتخب إسبانيا الذي فاز بأمم أوروبا 2012 بنظام «الكل يسجل»، وحينما نعود إلى ترتيب هدافي البطولة نجد أن ثلاثة من لاعبي وسط إسبانيا تقاسموا ستة أهداف في ما بينهم، وهم تشابي ألونسو وسيسك فابريغاس وديفيد سيلفا، فيما سجل المدافع خوردي ألبا هدفاً واحداً، أما المهاجمون فسجلوا أربعة أهداف، ثلاثة منها لفيرناندو توريس وهدف وحيد لخيسوس نافاز.
مهدي علي على المسار الصحيح، ونظام «الكل يسجل» في المنتخب نجد انه يعمل بصورة جيدة، لكن ما سيحدث في المباريات المقبلة من «خليجي 21» ومستقبلاً هو ما لا نعرفه، حتى الآن لم نحقق البطولة، وعلينا ألا نفكر أننا قد حققناها بالفعل لمجرد اننا حققنا ثلاثة انتصارات فقط، فالبطولات التي تحسم على الورق لا يذكرها التاريخ، بل التي تحسم في الملعب.