خبراء يصفون ما تقوم به «بي إن سبورت» بـ «الاحتكار الجيد».. وآخرون ينتقدونه
«فيفا» تحوّل من موزّع لحــــقوق البث إلى «تاجر» في 20 عاماً
بدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) توزيع حقوق البث على المنطقة العربية وإفريقيا وآسيا قبل نحو 20 عاماً من خلال اتحاد إذاعات الدول العربية، والاتحادات الإذاعية المماثلة في إفريقيا وآسيا، ويقوم اتحاد إذاعات المنطقة العربية ببيع هذه الحقوق لـ22 دولة، وكان المبلغ المدفوع في نقل المباريات لا يتجاوز نصف مليون دولار، وكانت هذه الأسعار في متناول كل الدول.
وبعدها قام «الفيفا» ببيع هذه الحقوق لشبكة راديو وتلفزيون العرب (ART)، لتتحول اللعبة إلى منحى آخر، إذ أصبح محتكر الحقوق يفرض شروطه على الآخرين، ودخلت اللعبة في عالم الربح والخسارة من دون الاعتبار لحق المشاهد!
وانتقل «فيفا» إلى الخطوة الأخيرة التي تجسدت في بيع حقوق البث بالمزاد لمن يدفع أكثر، ليصبح من حق الفائز بالمزاد أن يفرض شروطه بصورة أكبر ويضيق الخناق على الآخرين، فهو يشتري الحق بالجملة، ومن ثم يبيعه على طريقته أو يحتكره لنفسه، ما انعكس سلباً على المشجعين وعشاق الساحرة المستديرة.
يذكر أن الاتحاد الدولي استجاب لضغوط الأندية التي شكت مرات عدة من ارتفاع أسعار شراء اللاعبين في صفقات الأندية، التي تصل إلى مئات ملايين الدولارات، فضلاً عن القيمة المالية المرتفعة لعقود احتراف اللاعبين، وبالتالي فإن بيع حقوق البث للمباريات جاء ليكون طوق النجاة الذي سيمكن الأندية من الاتقاء على أرضية مالية صلبة، لذلك قرر «الفيفا» وبقية الاتحادات القارية الموافقة لتدخل حقوق بث مباريات كرة القدم عالم التجارة.
غراب: ضعف الاتحادات الوطنية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا «السبب» حمّل عضو اتحاد كرة القدم سابقاً، محمد مطر غراب، الاتحادات الوطنية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مسؤولية ما يحدث للمشاهدين، خصوصاً الفقراء الذين لا يتمكنون من متابعة أكبر البطولات العالمية، وفي مقدمها نهائيات كأس العالم، وقال لـ«الإمارات اليوم» إن «تلك الاتحادات تعاني ضعفاً كبيراً، ولا تقوى على مواجهة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) صاحب عملية بيع الحقوق، الأمر الذي يحرم الشعوب حقها في متابعة مباريات المونديال مجاناً، ومن دون الحاجة إلى شراء بطاقات وأجهزة للمشاهدة». |
يذكر أن قناة «بي إن سبورت» القطرية وحدها التي تملك الحقوق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لبث مونديال كأس العالم 2014، المقرر أن ينطلق في البرازيل 12 الشهر المقبل، وبحسب إحصائية خاصة نشرها الاتحاد الدولي على موقعه الرسمي، فإن الأغلبية الساحقة من الدول الأخرى ستتابع المونديال عبر قنوات عدة على مستوى الدولة الواحدة، وعلى سبيل المثال فإن أربع قنوات ستنقل نهائيات كأس العالم في دولة إفريقية مثل أنغولا، فيما تتابعها السودان على قناة واحدة فقط!
احتكار جيد
من جهته، قال رئيس شركة «وورلد سبورت غروب» في الشرق الأوسط، اللبناني بيير كاخيا، لـ«الإمارات اليوم» إن «ما يحصل لا يسمى احتكاراً بمعناه السلبي، وإنما أعتبره احتكاراً جيداً ويصب في المصلحة العامة، فهناك خدمة بجودة عالية تقدمها بي إن سبورت للمشاهدين من خلال تكنولوجيا النقل التلفزيوني والاستوديوهات التحليلية، إذ يبلغ كلفة إحداها سبعة ملايين دولار، فكيف نطالب هذه القناة بتخفيض السلعة التي تقدمها فيما تصرف الكثير من الأموال لإيصالها إلى المتلقي بهذه الصورة البراقة؟».
وأضاف كاخيا، رئيس الشركة الراعية لبطولات الاتحاد الآسيوي، أن «المشاهدين يجب أن يكونوا مثقفين وينظروا إلى الأمور بنظرة علمية ومنطقية، وأعتقد أن المشاهد العربي ينتقد كلفة مشاهدته للمباريات على الرغم من أنها تساوي كلفة ذهابه إلى السينما نحو 30 مرة!، لذلك أعتقد أن الكلفة في المتناول وبإمكان الجميع مشاهدة المباريات ولو بشراء بطاقة مشتركة بين مجموعة الأصدقاء، أو بالذهاب إلى المقاهي».
وأكمل «ارتفعت أسعار الحقوق من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، لكن الأخير يصرف بالمقابل الكثير، ويجب أن يعوض الأندية، ومصروفاته تصب في مصلحة اللعبة، كيف لا ونادٍ مثل ريال مدريد حصل على 52 مليون دولار بعد فوزه بدوري أبطال أوروبا؟ وهو رقم كبير، كما حصل كل نادٍ في البطولة على 800 إلى مليون دولار، وأرى أن اللعبة تتقدم، وكل ذلك بحاجة إلى أموال ومصروفات تسهم فيها أموال حقوق النقل التلفزيوني».
وختم «أعتقد أن المشكلة تكمن أصلاً في اتحاد إذاعات الدول العربية وآلية عمله الرجعية، إذ على أعضائه أن يعلموا أن حقوق النقل تخضع للعرض والطلب، وليس أن تعرض مبلغاً من المال وتصر عليه من دون مرونة في المنافسة على الحقوق، والسبب الحقيقي وراء عدم حصول هذا الاتحاد على الحقوق يعود إلى أن كل دولة تنتظر أن تقوم الأخرى بدفع مبلغ أكبر وتركن عليها لكي يشاهد شعبها المونديال على حساب أموال غيرها، وهذا ما يحصل فتخسر الإذاعات العربية الحقوق!».
الكل سيتابع
بدوره، علق رئيس لجنة التسويق في اتحاد كرة القدم، يوسف خوري، بأن «التشفير أصبح واقعاً في عالم الرياضة، والمسألة تتعلق بالسلعة، وهي كرة القدم التي تدخل في نطاق الربح والخسارة، إذ تحولت اللعبة إلى تجارة، ولكي تصل هذه السلعة إلى المنازل والمقاهي عبر الشاشات بأفضل حلة وأنقى صورة فإن القناة التي قامت بشرائها من المصدر دفعت الكثير من الأموال من أجل الحصول على الحقوق، ومن ثم بيعها إلى الجماهير بأسعار مرتفعة نسبياً».
وأوضح أن «كرة القدم عالمية وليس في الشرق الأوسط فقط، وأعتقد أن الأمر يندرج في الإطار التجاري، فعندما أشتري حقوقاً يجب أن أبيعها بالسعر الذي يتناسب مع مصروفاتي، وبالتالي فإن حقوق البث التلفزيوني مرتفعة من (الفيفا)، والقناة التي حصلت على الحقوق ستبيعها بالسعر الذي يتناسب مع ما صرفته على الاستوديوهات التحليلية والبرامج والمحللين وغيرها الكثير».
وأضاف «أعتقد أن الدخل الربحي لقناة (بي إن سبورت) يتحقق من الإعلانات وليس من البطاقات وأجهزة التشفير، لذلك فإنه يجب أن نؤمن بالواقع، ولا أعتقد أن أحداً لن يتابع المونديال أو سيقاطعه لأنه في النهاية الكل سيجلس خلف الشاشات لحضور المباريات مجبراً، فهذه كأس العالم، رغم أن كثيرين عبروا عن استيائهم من ارتفاع كلفة المشاهدة في الشهر الواحد الذي سيقام فيه الحدث العالمي الكبير».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news