إهدار أموال الأندية بلغ ذروته قبل 3 سنوات و«جاء وقت الحساب»
كشف وكلاء لاعبين أن إهدار الأموال في أندية دوري الخليج العربي لكرة القدم بدأ قبل ثلاث سنوات، ما أدى إلى تفاقم المشكلة وتحوّلها إلى أزمة خلال الموسم الحالي، مشيرين إلى أن السياسات الخاطئة التي تُدار بها كرة القدم في الأندية أوصلتها إلى تلك الحالة دون أن يكون لهم أي دخل فيها.
وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن «الأزمات المالية للأندية المحلية ليست وليدة هذا الموسم، وإنما نتيجة رواسب سابقة حينما قام البعض منها، قبل ثلاث سنوات، بتعاقدات مع لاعبين أجانب وصلت ما بين ستة وسبعة لاعبين في الموسم الواحد، ما كلف ميزانياتها رواتب باهظة».
وأوضحوا أن «الأندية تتحمل مسؤولية الديون الثقيلة التي تورطت فيها، إذ إن لجان الاستثمار فيها لم تقم بدورها على النحو المطلوب، لتقليص الفجوة بين حجم الإنفاق والعوائد، خصوصاً أن تلك اللجان أصبحت مكاناً مفضلاً لأقارب وأصدقاء عدد من أعضاء مجالس الإدارة».
قال وكيل اللاعبين عادل العامري إن الاتهامات الموجّهة إلى وكلاء اللاعبين بأنهم أحد أسباب إغراق الأندية بالديون، هي «مقولة باطلة أُريد بها حق»، مضيفاً أن «السياسة الخاطئة لبعض إدارات الأندية هي من أوصلتها لتلك الحالة التي باتت عليها حالياً، وليس وكلاء اللاعبين، نظراً لعشوائية الادارة وعدم قدرتها على إيجاد موارد مالية تستطيع من خلالها الصرف على كرة القدم».
أسباب الأزمات المالية للأندية 1- السياسة الخاطئة في التعاقدات مع اللاعبين. 2- غياب الكفاءات في لجان الاستثمار واقتصارها على أقارب وأصدقاء أعضاء مجلس الإدارة. 3- تفاخر الأندية على بعضها بعضاً، واستعراض المال لجلب الصفقات. 4- التعاقد مع لاعبين أجانب دون المستوى وبمبالغ مالية كبيرة. 5- سقف رواتب اللاعبين الذي أعجز الأندية، خصوصاً قليلة الموارد. حلول لخروج الأندية من أزماتها المالية 1- العودة لميثاق الشرف الذي التزمت به الأندية في أول موسمين من الاحتراف. 2- وضع قاعدة معلومات في اتحاد الكرة، موزعة على 500 نقطة لكل لاعب من المقيّدين في دوري المحترفين، لتقييم أسعار اللاعبين. 3- تطبيق تقليل مبدأ المُعاملة بالمثل بين اللاعبين الأجانب والمواطنين في ما يتعلق برواتبهم لتقليل حجم المصروفات. 4- الاهتمام بقاعدة الناشئين، ووجود مرونة في عملية انتقالات اللاعبين، للهبوط بأسعار العقود. 5- زيادة الاستثمارات في الأندية، والاستفادة من التجارب الأوروبية الناجحة في التعامل مع الجمهور مورداً أساسياً للدعم. |
وتابع: «جميعاً على علم بأن لجان الاستثمار في الأندية مازالت حبراً على ورق، واعتماد أنديتنا حتى الآن عالق بالدعم الحكومي، الكل يعرف الطريقة التي تدخل بها بعض الأسماء إلى لجان الاستثمار في الأندية، فغالبيتهم إما أقارب لمسؤولين في مجالس الإدارة أو أصدقاء لهم، والكفاءات غائبة، وبالتالي لن يكون هناك إصلاح للوضع الحالي، بل على العكس، الوضع سيسير من سيئ إلى أسوأ».
وأكمل «كنتُ في البرتغال قبل فترة، وحضرتُ لمتابعة مباراة بنفيكا ضد ويستهام في دوري الاتحاد الأوروبي، والتقيت مسؤولي النادي البرتغالي، لقد أخبروني بأن النادي لديه خمسة ملايين مُشجع، من بينهم 300 ألف أعضاء في الرابطة الرسمية، يدفعون شهرياً 10 يورو، بما يوازي ثلاثة ملايين يورو شهرياً نظير خدمات يقدمها لهم النادي ولعائلاتهم، بخلاف عشرات الأفكار التي يجنون من ورائها الملايين سنوياً، وهذه الفكرة قابلة للتنفيذ بنجاح في الإمارات، سواء على مستوى المواطنين أو المقيمين، ومن الممكن أن تُحقق نجاحاً استثمارياً كبيراً».
وتابع العامري: «أتحدى أي مسؤول في نادٍ أن يطلعنا على خططه بشأن الأهداف التي يضعها لانتداب اللاعبين، سواء المواطنين أو الأجانب، بخلاف النتائج فقط. برشلونة حينما قرر أن يدفع لميسي 250 مليون يورو راتباً، لم يكن قراراً عشوائياً بل إن المسؤولين عن النادي الكتالوني، يعلمون جيداً أنهم سيعيدون هذا المبلغ من مبيعات قمصان ميسي، وعوائد الرعاية التي تدخل النادي لوجود هذا النجم الكبير».
وأوضح: «مَن يرمون وكلاء اللاعبين بالاتهامات عليهم أن يُفتشوا في أوراق الماضي بتمعّن، ليعرفوا السبب الحقيقي في الارتفاع الجنوني لرواتب لاعبي كرة القدم، وسوف أوفر عناء البحث على الجماهير وأقول لهم إن السبب هو سقف رواتب اللاعبين الذي أقرّه اتحاد الكرة، لماذا؟ لأن هذا القرار أضر بالأندية بصورة كبيرة، فهناك لاعبون كانوا يتقاضون راتباً شهرياً بحدود الـ15 أو 20 ألف درهم شهرياً، وبعد القرار وجد وكلاء اللاعبين أنفسهم محاصرين بمطالب لاعبيهم بمبالغ أكبر طالما أن اللائحة أعطتهم الحق في ذلك».
وتابع: «اليوم نادٍ مثل دبا الفجيرة كان يدفع رواتب ضعيفة، وجد نفسه مجبراً دون أن يدري إما لرفع سقف رواتب لاعبيه أو الاستغناء عن أبرز نجومه».
وشدّد العامري على أنه مستعد هو ولاعبوه الذين وقع معهم أن يلتزموا بميثاق «سقف الرواتب»، إذا التزمت الأندية بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع اللاعبين الأجانب.
وقال: «أتعهد بذلك أمام الرأي العام والإندية، إذا حدثت المساواة في تطبيق سقف رواتب اللاعبين بين الأجانب والمواطنين، كحل نموذجي لحل الأزمات المالية للأندية واستعادة عافيتها من أجل تطور كرة القدم».
سياسة خاطئة
وشدّد وكيل اللاعبين ناصر كشواني على أن الأزمات المالية التي تعانيها بعض الأندية ليست وليدة هذا الموسم، إنما هي تراكمات نتيجة سياسة خاطئة من الماضي.
وقال: «حسب درايتي بالأمور أستطيع القول إن الصرف على كرة القدم في الدوري الإماراتي وصل ذروته قبل ثلاثة مواسم، فأندية كثيرة ارتبطت بعقود وبمبالغ كبيرة مع لاعبين أجانب وصل عددهم في الموسم إلى ستة وسبعة لاعبين، تلك التعاقدات الخاطئة كبّدت الأندية خسائر فادحة وورّطتها حتى اليوم».
وتابع: «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نلوم اللاعبين المواطنين أو وكلاء أعمالهم لأنهم يطالبون براتب ما بين مليونين أو ثلاثة، طالما أن الأندية تُهدر كل هذه الملايين على صفقات دون المستوى».
وأوضح «ما رفع سقف رواتب اللاعبين ليس هم وكلاء اللاعبين، ولكن التنافس القوي بين العين والأهلي والجزيرة لاستقطاب أفضل الأسماء، هو ما أسهم بالدرجة الأكبر في رفع الرواتب، ومن ثم زيادة ميزانيات الأندية، وللأسف هناك بعض الأندية وجدت نفسها تسير في الركب نفسه دون إرادتها، لأنها باتت مضطرة للدفع، سواء خلال توقيتات الانتقالات أو عند تجديد عقود لاعبيها».
وأكمل كشواني: «هل يُعقل أن تدفع الأندية نحو 100 مليون درهم شهرياً كرواتب للاعبيها والأجهزة الفنية، والمستوى كما نشاهده أقل بكثير من أن يُدفع فيه كل هذه المبالغ».
وأوضح: «طالبنا مراراً وتكراراً بوضع معايير مُحددة لعملية تقييم اللاعبين، وعلى ضوئها تتحدد قيمته السوقية وفق أسس واضحة للجميع، وهذا العمل موجود في دول العالم المتقدمة كروياً».
وأكمل: «ما نادينا به كوكلاء لاعبين وضع قاعدة معلومات في اتحاد الكرة، موزعة على 500 نقطة لكل لاعب من المقيدين في دوري المحترفين، ويتحدد عدد النقاط وفق المشاركة في المباريات والبطاقات وتسجيل الأهداف، ومنع الأهداف إذا كان مدافعاً، وفي نهاية الموسم يصدر تقييم كل لاعب وسعره وفق النقاط التي حصل عليها، لكن استمرار الوضع على ما هو عليه سيكون خطأ فادحاً على الجميع بلا استثناء».
وتابع: «ليس دفاعاً عن وكلاء اللاعبين أتصوّر أنهم من أكثر العاملين في مجال كرة القدم، الذين يعملون على تطوير العمل الاحترافي والارتقاء بمستوى اللاعبين، ولي شخصياً أكثر من مثال، فاللاعب فواز عوانه، تلقى عرضاً من العين يفوق ما يحصل عليه من النصر، لكني اخترتُ للاعب النصر، لأنه سيساعده على تطوير مستواه على العكس من العين، الذي قد يُبقيه على مقاعد البدلاء، والأمر نفسه فعلته مع ظهير أيسر الشارقة الحالي الحسن صالح، الذي كان معروضاً عليه مبلغ أكبر مما يحصل عليه من الشارقة وبكثير، لكننا وجدنا أن الشارقة سيحقق له الإضافة الفنية التي تساعده على تطوير مستواه، دون أن نزايد على أحد، كما يدّعي البعض في حقنا».
الإدارة الواعية
قال وكيل اللاعبين منذر علي، إن الإدارة الواعية هي من تُدرك جيداً ميزانيتها وتعمل في حدودها، بدلاً من المغالاة في صفقات دون المستوى، ما خلّف للأندية مشكلات مالية.
وأضاف «لا أنكر أن وكلاء اللاعبين مستفيدون من ارتفاع رواتب اللاعبين، لأن عمولتهم بالطبع ستزيد، لكنهم لم يخلقوا الأزمة، ومن خلقها الأندية التي تزايد في ما بينها على صفقات لمجرد التفاخر بأنها خطفت لاعباً بعينه من النادي المنافس، وهذا في الحقيقة ليس احترافاً».
وأكد «يؤسفني أن أقول إن هذه السياسة التي وضعتها الأندية دون أن تكون مرغمة على ذلك، جعلت اللاعب يفكر قبل أي شيء في المقابل المادي الذي سيحصل عليه في عقده، دون التفكير إطلاقاً في الأمور الفنية، وما إذا كانت مصلحته في هذا الجانب مع هذا النادي دون ذاك».
وأكمل: «لو أن لاعباً من صفوة نجوم المنتخب تلقى عرضاً للاحتراف، وسنفترض أنه في أحد أكبر الدوريات الأوروبية، وبمقابل مليون يورو، هل يمكن أن يقبله اللاعب، الإجابة، وعلى مسؤوليتي، ستكون لا، لأن هذا النجم يحصل على أضعاف أضعاف هذا الراتب وهو بين أهله وذويه».
وأوضح «إلى الآن لا أستطيع أن أفهم كيف لنادٍ أن يخصص ميزانية ما بين 100 و300 مليون درهم سنوياً على كرة القدم، ولو افترضنا أنه سيحصل على ألقاب البطولات الثلاث (دوري الخليج العربي، وكأس الخليج العربي، وكأس رئيس الدولة)، فالعوائد بأي حال من الأحوال للفوز بتلك الألقاب لن يزيد على 20 مليون درهم، ولو افترضنا مداخيل أخرى من النقل التلفزيوني وعقود الرعاية سنعطيها 20 مليون أخرى، ستبقى الفجوة كبيرة بين المصروفات والمداخيل، وحتماً سيأتي اليوم الذي تعجز فيه الأندية عن الوفاء بمتطلباتها».
وذكر أن «الهرم الاحترافي في الدوري الإماراتي مازال مقلوباً رغم اقترابنا من السنوات العشر في تطبيق هذا النظام، والحل لإنقاذ الوضع الراهن، هو العودة لميثاق الشرف الذي التزمت به الأندية في أول موسمين من الاحتراف، قبل أن ينفرط العقد لما هو أكثر من ذلك».
وختم بالقول: «يجب على الأندية أن تهتم بقطاعات الناشئين، باعتبارهم وسيلة دعم الفريق الأول في المستقبل، وتسهيل عملية انتقالات اللاعبين في ما بينها كوسيلة مهمة نضمن بها زيادة المعروض في سوق الانتقالات بدلاً من تضييق الدائرة، ما يرفع من مطالب اللاعبين المالية».
أرقام فلكية
للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط. |
أما وكيل اللاعبين عبدالله الظنحاني، فقد أكد أن مسألة تقييم القيمة السوقية لأي لاعب، يحددها المستوى الفني ومردوده الذي يقدمه مع ناديه، وتبقى المسألة في النهاية هي مسألة عرض وطلب، وهذا هو المعروف في سوق انتقالات اللاعبين في أنحاء العالم.
وقال: «الوضع لدينا مختلف كثيراً، الأندية تستقطب لاعبين بأرقام فلكية وتدفع مبالغ كبيرة نظير شراء بطاقة اللاعب، وميزانيتها محدودة، لذلك الاستثمار في عملية بيع وشراء اللاعبين في دورينا غير ناجح بالمرة».
وأضاف: «ربما يكون النموذج المُضيء في دورينا لنادي الوصل الذي جلب ليما وكايو بمقابل 800 ألف دولار للأول و400 ألف دولار للثاني، واليوم أرقامهما أصبحت بملايين الدولارات، والأمر نفسه فعله نادي الظفرة، فقد استثمر بصورة رائعة في لاعبيه الأجانب، سواء عمر خريبين أو ديوب، هذا الأمر يجعلنا نؤكد أن الخلل موجود لدى الأندية، ووكلاء اللاعبين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكونوا سبباً في تصدير الأزمات للأندية، لأنه ببساطة لا يوجد وكيل لاعبين يمكن أن يُجبر نادياً على التوقيع مع لاعبه من دون إرادته».