المنافسون في كأس دبي العالمي
مما يغبِط ويفرِح عشاق سباقات الخيل أن لكلِّ خيلٍ قصة. هناك نجوم المضمار، بالطبع، الذين يتصدّرون عناوين الصحف، بل الاهتمام الأكبر، إلاّ أن، حتى أقل الخيول مستوى قد يكون لديه رواية أو اثنتان في سيرته يجدر سردها.
مستوى جاهزية وجودة «آروغيت» ليست محلاً للشك، إلا أن المفاجآت وليدة السباقات. |
سباق الخيل لا يقتصر على الموهبة والسرعة فقط، بل العلاقات مع من حوله مهمة أيضاً، والألفة بين خيل السباق ومدرِّبه أمر حاسم من أجل تحقيق النجاح، وارتباط الخيل بفارسه قد يكون أهم عامل في السباق. بعض الخيول قد تتغلب على إصابات هددت مسيرتها إلى القمّة، وبعضها قد أعطت وازدهرت، بعد أن انتقلت لرعاية مدرّب مختلف، هذا هو الجزء الذي يميّز سباقات الخيل.
الخيول التي ستصطف لتتنافس على لقب كأس دبي العالمي هي أبطال بحد ذاتها، بصحبة ملاّكٍ وضعوا ثقتهم بمواهب هذه الخيول، وقدرتها على الفوز بسباق الخيل الأشهر والأغلى في العالم.
الفائز بلقب العام الماضي، الخيل الأميركي كاليفورنيا كروم، هو ذلك الخيل الذي لن تفتـأ الناس تتحدث عنه في العقود المقبلة، إنه بطل من كل النواحي، حيث إنه بلغ ذروة مسيرته، وبدا كأنه قوة لا يمكن ردعها، وهو دليل حي على مدى تفاوت الثقة بالعلاقات، وما يمكن أن يحدث في عالم سباقات الخيل. كان كاليفورنيا كروم خيلاً يحيد عن مسار المضمار حتى رافقه الفارس فيكتور اسبينوزا. لم ينظر هذان الشريكان إلى الوراء أبداً، بل حققا معاً سلسلة رائعة من الانتصارات حتى تمت إحالته إلى التقاعد.
يصطف لكأس دبي العالمي هذا العام نجوم سباقات ذوو مكانات متساوية، الخيل «آروغيت»، المملوك لمزرعة جودمونت. الفرس، الذي ولِد في قلب السباقات الأميركية في ولاية كنتاكي، بأداءٍ راقٍ. تم تصنيفه فرس سباق لونجين الأفضل في العالم عام 2016، ما يعكس الموسم المتوهِّج والمتألِّق في هذا العام، ويبلغ من العمر أربع سنوات.
على ما يبدو أن متابعي عالم سباقات الخيل متفقون إلى حد كبير على أن «آروغيت» هو الخيل المرجّح للفوز في ميدانٍ يتسابق فيه 14 خيلاً. ومما لاشك فيه يرفع ذلك من معنويات مالكه سمو الأمير خالد بن عبدالله، من المملكة العربية السعودية، الذي عهِد برعاية الخيل للمدرب الذي يقطن في كاليفورنيا بوب بافرت، حيث أفاد الأخير بأن «آروغيت» وصل بحالة جيّدة إلى دبي.
مستوى جاهزية وجودة «آروغيت» ليس محلاً للشك، إلا أن المفاجآت وليدة السباقات، ففي تاريخها الطويل أنجبت السباقات أبطالاً غير معهودين. يفوح عبق التميز من جميع المشاركين، إلاّ أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل لديهم المقدرة على منافسة آروغيت؟
خيلان مرجحان للتنافس على اللقب هذا العام «مبتهج» و«جن رنر».
«مبتهج»، ذو الأصول الأيرلندية، تُوِّج بفوز شهده الجميع في سباق ديربي الإمارات عام 2015، كما حصل على المركز الثاني خلف «كاليفورنيا كروم» في كأس دبي العالمي العام الماضي. هذا الفحل الذي يبلغ من العمر خمس سنوات، مملوك للشيخ محمد بن خليفة آل مكتوم، وأظهر ثباتاً في أدائه، ما يسعد كل مالك.
«جن رنر» ينحدر من كنتاكي، ومملوك لشركة وينشل ثوروبريد، التي تتخذ من الولايات المتحدة الأميركية مقراً لها، والتي تعد على رأس الشركات المملوكة من عائلة وينشل المرموقة، صاحبة المصالح في مجال السباقات وإنتاج الخيول. شارك هذا المهر بنجاح في الولايات المتحدة، ما جعله متأقلماً على السفر. وهذه القابليّة والمرونة التي يتمتع بها قد تكون في صالحه، بعد وصوله إلى دبي للتحضيرات النهائية.
يُذكر أن «جن رنر» يوازي في سفراته على طيارات الخيول درجات رجال الأعمال، فمن الواضح أن القائمين عليه أزاحوا كل العقبات لإعداده بالشكل الصحيح للسباق الكبير. مدرّبه ستيف أسموسون، فاز بكأس دبي العالمي 2008 بخيله المتميّز كيرلن.
«هوبرتيونيتي»، خيل آخر من ولاية كنتاكي، يدرّبه بوب بافرت، وتعود ملكيّة هذا الفحل الذي يبلغ من العمر ست سنوات، إلى رجل الأعمال الأميركي مايكل بيغرام، الذي أثبت أن حلم السباق قد يصبح واقعاً. نشأ وترعرع في ولاية إنديانا، واستمتع في ريعان شبابه بالسباق في مضامير ايليس بارك، وتشرشل داونز. لقد كان يحلم يوماً بالفوز بلقب كنتاكي داربي، أحد أهم السباقات المرموقة في الولايات المتحدة. الخيل الذي حقق هذا الحلم هو ريل كوايت، الذي اقتحم خط النهاية للفوز في ديربي عام 1998. انطلق ريل كوايت ليفوز في أحد أهم السباقات في أميركا بيكنس ستيكس، وذلك بعد بضعة أسابيع فقط من فوزه بالداربي. شكّل المالك والمدرّب بافت وبيغرام فريقاً ذاع صيته، وكان له تاريخ في دبي، حيث حققا الفوز بكأس دبي العالمي عام 2001 بخيلهم «كابتن ستيف».
تتفق الأغلبية على أن الخيل هوبرتيونيتي يمتلك سمات ترتقي بمستواه في كأس دبي العالمي، وقد أظهر قدرته ومستواه بحصوله على المركز الثالث في كأس دبي العالمي العام الماضي.
«نيوليثيك»، خيل آخر ولد في كنتاكي، حيث يشكل إضافة قوية إلى الفرقة الأميركية، المهر الذي يبلغ من عمره أربع سنوات، حصل على دعوة إلى كأس دبي العالمي، بعد حصوله على المركز الثالث في كأس بيغاسوس انفيتيشينال العالمي، في شهر يناير الماضي، والذي فاز ببطولته الخيل آروغيت. وكانت مشاركة نيوليثيك الأولى بصحبة خيول ذات تصنيف عالمي، ما جعل أداءه أكثر إثارةً للإعجاب.
أقر المدرب تود بليتشر، بنوعيّة المنافسة التي يواجهها نيوليثيك، لكن لخصها في جملة واحدة قصيرة تجسد السباق: «لا يمكنك التكهّن بما يمكن أن يحدث».
أداء ثابت آخر في الميدان لخيل من أصول أيرلندية، وهو سبيشل فايتر، الذي أتى من مؤسسة دارلي للتناسل، التابعة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والذي تعود ملكيته لسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم.
«سبيشل فايتر»، مناضل من الدرجة الأولى وليس لدي أدنى شك بأن مدرّبته، الفارسة النيوزيلاندية السابقة ماريا ريتشي، ستعمل على إعداده بطريقة مثلى للسباق. لقد أظهر أنه ملائم تماماً لمسافة سباق كأس دبي العالمي، وبلا منازع لمسافة 2000 متر.
تُبنى آمال اليابان في السباق على الخيلين «أواردي» و«لاني»، المملوكين لكوجي مايدا. أواردي، البالغ من العمر سبع سنوات، هو الأخ الأكبر غير الشقيق للاني، البالغ من العمر أربع سنوات، تم توليد كليهما في كنتاكي. لا يعتبر أحدهما من أقوى المنافسين، لكن من الجدير بالذكر دائماً أن أولئك الذين يعرفون هذه الخيول عن كثب، لن يترددوا في التسجيل والمشاركة في سباق مثل كأس دبي العالمي، إلا إذا كانوا على ثقة بأنه سيكون لهما حضور جيّد.
بليتشر يدرب حصاناً آخر في الميدان «آيس كين»، البالغ من العمر خمس سنوات، المملوك من قبل دونيجال ريسنج، هو مشارك آخر تمت ولادته في ولاية كنتاكي، مثل العديد من الخيول في المشاركة في السباق، فإن سلالته رائعة ومثيرة للإعجاب. «كين آيس» هو ابن «كيرلين»، الذي كان أفضل خيل أميركي لعامي 2008 و2009. «كين آيس» حصل على المركز الثامن في كأس دبي العالمي في العام الماضي، تلتها فترة راحة استغرقت ستة أشهر، وها قد عاد الآن مرة أخرى للمنافسة، وسيكون على قدر من الجرأة والجسارة لإقصاء أي خيل كان من شأنه هزيمة البطل الأميركي العظيم فرعون، كما فعل في عام 2015 في منافسات ترافرز ستيكس في مضمار ساراتوجا في نيويورك. جاء «آيس كين» الرابع خلف آروغيت في كأس بيغاسوس انفيتيشينال العالمي في يناير الماضي، الذي أقيم في الولايات المتحدة.
«أبولو كنتاكي»، الذي ينحدر من السلالة الأميركية، المملوك من قبل نادي أبولو للخيول المهجّنة الأصيلة، والذي يدرّبه كينجي ياموتشي، وقد شارك بنجاح ملحوظ في منافسات اليابان، الخيل البالغ من العمر خمس سنوات يسعى لإضافة فوز إلى قائمة انتصاراته المذهلة، ومن النادر أن يخرج عن صلب المنافسة في المراكز المتقدّمة.
اكتملت الفرقة اليابانية بمعيّة «غولد دريم»، المملوكة لكاتسومي يوشيدا، وتدرب على يد أوسامو هيراتا. لقد أثبت المهر قدرته على الفوز في المجموعة الأولى، لمسافة ميل في طوكيو خلال الشهر المنصرم.
«لونج ريفر»، الذي نشأ في دارلي، والبالغ من العمر سبع سنوات، ينحدر من ولاية كنتاكي. وتعود ملكيته لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم. تدرب على يد سالم بن غدير، وفاز بسباق تحدي آل مكتوم في أوائل شهر مارس، الأمر الذي يجعله يستحق المشاركة في سباق الكأس. ومن الجدير بالذكر أن الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، قد حصل على لقب الكأس مرتين في عامي 1999 و2007.
المنافسة الأكثر غرابةً في مجموعة الخيول المشاركة في ميدان السباق، وبعمر خمس سنوات من أميركا الجنوبية الفرس فيوريا كروزادا، وهي خيل متأقلمة على المشاركات الخارجية والسفر، وحققت فوزاً ثلاثياً في سباقات المجموعة الأولى في أميركا الجنوبية، ما يدل على جودة أدائها. مالكها أفاز اسماعيلوف سينتظر آمالاً كبيرة لتتحقق يوم السباق، لقد ذاقت هذه الفرس طعم الفوز في ميدان بالفعل هذا العام، حيث فازت بسباق تحدي آل مكتوم.
«موف أب»، تكمل المجموعة المشاركة وستتعلّق عليها آمال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن طريق فريق غودولفين. يتم تدريب المهر، البالغ من العمر أربع سنوات الذي ينحدر من السلالة الايرلندية من قِبل المدرّب سعيد بن سرور، الذي سجّل فوزاً لافتاً للأنظار بكأس العالمي سبع مرات. نادراً ما تخرج هذه المهر عن المراكز المتقدّمة في السباقات ولايزال أداؤها في تطوّر مستمر، ما يعزز الفرص بتقديم مستوى أعلى ثانية في كأس دبي العالمي.
سجل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وفريق غودولفين، سبعة انتصارات في كأس دبي العالمي، كان آخرها في عام 2014 مع الخيل أفريكان ستوري.
مواهب كثيرة ومتعددة، ومزيج من الخلفيات، سباق تملؤه الإثارة، ومن الصعب التكهّن بنتائجه. تحتل المقدرة مكاناً كبيراً في هذه المناسبات والسباقات الكبرى، لكن الكثير من العوامل الأخرى يلعب دوراً ويؤثر في مجرى السباق أثناء التفاف الخيول في المضمار.
هل سيكون اليوم يوم آروغيت، أو سنرى خيلاً آخر يبلغ المجد؟ هناك أمر واحد مؤكد، هو أن كأس دبي العالمي سيرسِّخ سمعة الخيل الفائز على قمة عالم السباقات.