رياضيون يرفضون نسف فكرة «اللاعب المقيم».. ويطالبون بمنع التحايل

أكد خبراء رياضيون أنهم ضد نسف فكرة مشاركة فئة «اللاعب المقيم» في البطولات المحلية بكرة القدم، مشيرين إلى أن هذه الفئة تحتاج إلى إعادة ضبطها بالتشريعات والقوانين حتى تأتي أوكلها وتستفيد منها الأندية والمنتخبات الوطنية وكرة الإمارات بشكل عام، وإلا ستصبح عبئاً على المؤسسات الرياضية بسبب تطبيقها الحالي الذي لا يحقق الأهداف التي من أجلها وضعت.

وقال الرياضيون لـ«الإمارات اليوم» إن القرار السامي لرئيس الدولة بالسماح لفئة المقيمين باللعب في البطولات المحلية كان يهدف إلى إتاحة الفرصة أمم جميع فئات المجتمع بالمشاركة الرياضية مع الأندية، وتحقيق تفاعل للمجتمع وتوفير خيارات أكثر للأندية التي اشتكت ندرة العناصر والمواهب، ورفد المنتخبات الوطنية بالمميزين، مشيرين إلى أن التشريعات التي تم تطبيقها في هذا الجانب فتحت العديد من الثغرات، ما دفع للانحراف عن الهدف الموضوع، وبالتالي أصبحت «فئة اللاعب المقيم» عبئاً على الأندية نفسها وعلى كرة الإمارات، وأضرّت باللاعب المواطن والمنتخبات.

ومن أبرز طرق التحايل في فئة اللاعب المقيم أن بعض الأندية تتعاقد مع لاعبين أجانب غير مقيمين في الدولة، ويتم منحهم الإقامة وتسجيلهم بفئة المقيم، وذلك بعد أن ألغي البند الذي يشترط إقامة اللاعب مدة لا تقل عن ثلاث سنوات.

وكشفت إحصائية رصدتها «الإمارات اليوم» بالاستناد إلى بيانات رابطة المحترفين أن الأندية سجلت 117 لاعباً في فئة المقيمين، عن الموسم الجاري 2022-2023 لدوري أدنوك لكرة القدم، إذ تبين أن هناك 34 لاعباً مؤثراً فقط من إجمالي الأعداد المقيدة في دوري أدنوك للمحترفين، وذلك بمعيار مشاركة هؤلاء اللاعبين في أكثر من 50% من إجمالي مباريات الدوري، والتي بلغ عددها 17 مباراة لكل فريق حتى الآن.

وتصدر فريقا الوحدة وشباب الأهلي قائمة الأكثر قيداً للاعبين المقيمين بعدد بلغ 12 لاعباً، تلاهما أندية: العين والجزيرة وخورفكان بـ10 لاعبين لكل فريق، بينما يُعد بني ياس الأقل قيداً للاعبين المقيمين بتعاقده مع خمسة لاعبين.

ويتقدم كل من العين وخورفكان وشباب الأهلي القائمة باعتماد كل فريق على أربعة لاعبين مقيمين بشكل أساسي، أما أندية بني ياس والبطائح وعجمان فهي الأقل اعتماداً على هذه الفئة بوجود لاعب واحد فقط في كل فريق.

وكان الرقم الصادم هو وجود 84 لاعباً دون إنتاجية بما يؤثر على حظوظ اللاعب المواطن والفرق الوطنية للاستفادة من هذا العدد الكبير، ما دفع رياضيين إلى توجيه انتقادات كبيرة لهذا العدد الكبير من التعاقدات التي أبرمتها الأندية في الموسم الجاري وفي المواسم الماضية، منذ قرار رئيس الدولة بالتعاقد مع لاعبين مقيمين للاستفادة منهم مستقبلاً في المنتخبات الوطنية.

وانتقد الرياضيون الأندية التي تحايلت على الفكرة الأساسية والهدف من القرار بالاستفادة فعلياً من المقيمين بالدولة، وتعاقدت مع عدد كبير من اللاعبين الأجانب من خارج الإمارات، بمساعدة لوائح اتحاد الكرة.

اللاعب المُقيم وجوده ضار فنياً ومالياً

أكد المشرف العام على الكرة الأسبق بنادي بني ياس، الدكتور أحمد العوضي، أن اللاعب المُقيم، لم يقدم أي إضافة سواء على دوري أدنوك للمحترفين أو دوري الهواة، مشدداً على أن استمرار تواجد «اللاعب المُقيم»، بتلك الوضعية الآن سيضر كثيراً بمصلحة المنتخبات الوطنية واللاعب المحلي، بصورة ستكون أكثر خطورة في المستقبل.

وتساءل: «ما الأبعاد الفنية التي عادت على الكرة الإماراتية، سواء على صعيد المستوى الفني للمسابقات المحلية أو المنتخبات الوطنية التي تتراجع نتائجها على المستويات كافة وآخرها بطولة الخليج التي ودعنا منافساتها من الدور الأول؟».

وأضاف: «الجميع تفاءل خيراً بقرار دمج المقيمين ضمن الأنشطة الرياضية المحلية ومن بينها كرة القدم، وكانت اللوائح تسمح بقيد اللاعب المُقيم الذي أمضى داخل الدولة ثلاث سنوات أو ما يزيد وهذا القرار من شأنه الاستفادة من المواهب التي تعيش بيننا، ولكن مع الأسف تم التحايل على القرار لمصلحة اللاعبين الأجانب الذين يأتون إلى دورينا بين (عشية وضحاها) ويحصلون على أموال طائلة دون فائدة فنية».

وختم: «أذكر أصحاب القرار بأننا حصلنا على بطولة آسيا للشباب عام 2008، وتأهلنا لمونديال الشباب 2009، وأولمبياد لندن 2012، دون أن يكون هناك لاعبون مٌقيمون بيننا، فهل يمكن لأحد أن يسترجع شريط الماضي، والاستفادة من تجربة تلك السنوات الخمس».

الأندية تتحمل فشل التجربة

حمّل مدير الكرة السابق في نادي النصر، خالد عبيد، الأندية ملف فشل اللاعب المُقيم، وعدم بروزه بالشكل المطلوب على صعيد المسابقات المحلية وبما يخدم الفرق الوطنية بمختلف أعمارها.

وقال: «من الواضح لنا جميعاً أن الأندية تعاملت باستخفاف واضح مع ملف اللاعب المُقيم، وتم التعاقد معه لسد خانة اللاعبين المقيمين، دون النظر لأي اعتبارات من شأنها أن تطور مستوياتها، وبما ينعكس على المصلحة العامة للدوري والمنتخبات الوطنية».

وأضاف: «هذا الملف بأكمله بحاجة إلى إعادة دراسة من جانب المسؤولين عن الكرة الإماراتية، لأن اللاعب المُقيم على مستوى الموسمين الماضيين لم يبرز بالصورة المأمولة، ومن الصعب خلال المواسم المقبلة أن نستعين به في المستقبل لخدمة المنتخبات الوطنية لأن مستواه لا يؤهله لتلك الدرجة والمكانة، وبصراحة شديدة فإن لاعبينا المواطنين أفضل من المقيمين بمراحل كثيرة».

وأشار: «أنا مع العودة للقرار السابق بأن يكون ظهور اللاعب المُقيم قاصراً على الأفراد المقيمين بحق في الدولة، فيتم تطويرهم من الصغر جنباً إلى جنب مع اللاعبين المواطنين، وهذا باعتقادي سيحقق الكثير من الأهداف التي نصبو إليها للاستفادة من المقيمين الحقيقيين».

وكلاء اللاعبين مستفيدون والخاسر كرة الإمارات

شدّد وكيل اللاعبين وليد الشامسي على أن التشريعات الخاصة باللاعبين المقيمين والهدف من تواجدهم في الدوري الإماراتي قد تعرضت للتحايل، والبعض خصوصاً وكلاء اللاعبين استغلوا القرار لكسب الأموال والاستفادة المادية، والخاسر الأكبر هو الكرة الإماراتية ولاعبوها المواطنون.

وقال: «لستُ ضد وجود اللاعب المُقيم في المسابقات المحلية، بل على العكس الدولة منحت الفرصة لكل من يُقيم على أرضها أن يكون شريكاً في المجالات كافة، وسيكون من الخطأ تنحيته في المجال الرياضي، ولكن واقع كرة القدم الآسيوي يؤكد أن المنتخبات الخمسة الكبار في قارة آسيا، وهي اليابان وكوريا الجنوبية والسعودية وأستراليا وإيران، جميعها اشتغل على ملف اللاعبين منذ مرحلة الصغر وأعدت منتخباتها على مستوى الناشئين والشباب ما حقق لها الفائدة على مستوى المنتخب الأول، وهي التجربة التي نجحنا فيها قبل 15 عاماً، وأوقفناها دون سبب واستبدلناها بتشريعات لم تُؤتِ أوكلها».

وتابع: «دور اتحاد الكرة والرابطة واللجنة الأولمبية والهيئة العامة للشباب والرياضة والمجالس الرياضية البحث عن المواهب منذ الصغر، سواء كانت من المواطنين أو المقيمين وصقلهم منذ الصغر، سواء عن طريق ابتعاثهم لدول أوروبية أو لأميركا الجنوبية كما فعلت اليابان من قبل، وهذا سيساعد على مواكبة التطور الذي يحدث في كرة القدم العالمية».

وختم: «أنا ضد من يُنادي بنسف تجربة اللاعب المُقيم بحجج أنها تؤثر على اللاعب المواطن، لكن على العكس نحن بحاجة ماسة للاعب المُقيم بحكم التركيبة السكانية لدينا، والتي لا تساعد على إبراز مواهب كثيرة، ولكن التشريعات بها عوار كثيراً والبعض يستغله لمصالح شخصية».

قاعدة «4 أجانب + مُقيم».. الحل الأمثل

أكد عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة ولجنة أوضاع وانتقالات اللاعبين الأسبق، الدكتور سليم الشامسي، أن الوضعية الحالية لقيد اللاعبين المقيمين، أضرّت بالمنتخبات الوطنية وباللاعب الوطني وبالمقيم الحقيقي الموجود على أرض الدولة.

وقال: «في كل يوم نُفاجأ بأن لاعبين محترفين من الخارج يأتون إلينا ويتم قيدهم في خانة المقيمين التي هي في الأساس وجدت للاستفادة من المواهب التي تعيش في الإمارات، وحقهم أن يجدوا الفرصة لممارسة كرة القدم على مستوى أعلى وأكثر تطوراً، ومع الأسف الأعداد المسجلة في قوائم الأندية برابطة المحترفين، والتي وصلت إلى 118 لاعباً لم يبرزوا بالصورة المطلوبة، والجيد منهم لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، وتلك الأخطاء يجب أن تتوقف، إذ ليس عيباً أن نصحح خطأ أضر بكرتنا المحلية، ولكن العيب الأكبر أن يستمر الوضع على ما هو عليه حالياً».

وقال: «أنا مع تواجد أربعة لاعبين أجانب فقط ولاعب واحد مقيم ووقتها سنضمن أن الأندية سوف تختار هذا اللاعب بعناية فائقة لتطور مستوى فرقها، وأن يتم التوسّع على مستوى فرق الناشئين والشباب، لأن كُلفتهم المالية ستكون أقل بكثير، وسيصبح لدى الأندية الوقت لتطوير البارزين والمواهب منهم».

• 84 عنصراً بلا «إنتاجية».. المتضرر «اللاعب المواطن» والمنتخبات.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الأكثر مشاركة