محمد بن راشد والخيل.. «الفوز والنّاموس لك والسياده»
ارتبط اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بحب الخيل والفروسية منذ مرحلة مبكرة من حياته، ويعكس هذا الارتباط قيم النُبل والقوة والشجاعة والإقدام والمنافسة، للتمسك الدائم والمستمر بالصدارة، وهي جميعها قيم أصيلة تميز شخصية سموه، قائداً فذاً، وصاحب إنجازات عالمية.
ارتباط صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالخيل، لم ينحصر في الاهتمام بها وتحقيق إنجازات كبيرة على صهوتها، بل امتد إلى الشعر، ليكتب سموه عدداً من روائع الشعر، وأبلغ القصائد التي ذاع صيتها في وصف وحب الخيل.
ولاشك أن هذا الارتباط والشغف الذي بدأ منذ مرحلة مبكرة في حياة سموه له جذور راسخة، حيث نشأ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في بيت كريم محب للخيل، ليتحول هذا الحب على مر السنين إلى مكون مهم من مكونات ثقافته، التي يجتمع فيها أخلاق الفارس بإبداع الشاعر المبدع، فسموه يكتب قصائده بقلم الشاعر الفارس المعتز ببطولات أجداده، القارئ المطلع على أمجاد العرب الذين سطّروا على صهوات الخيل أمجادهم وأصبحوا مضرب المثل في العزة والكرامة والانتصار، بل وأضحت كرامة الخيل مرتبطة بهم في كل العالم.
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في مقدمة كتاب سموه «قصتي»: «علّمتني خيلي الأولى أنَّ الإنجاز لا يأتي على طبق من ذهب… تعلّمت من خيلي أنه عندما تحب شيئاً واصل فيه حتى النهاية.. عندما تريد إنجازاً أعطه كلَّك، لا تعطه بعضك، إلا إذا كنت تريد نصف إنجاز أو نصف انتصار».
خصال الفرسان
جمعت قصائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم معاني الفخر والاعتزاز العربي بصهوات العاديات، وصولاتها وجولاتها في ميادين النصر، فالفروسية في نظر سموه وفكره مقترنة بمعاني الشهامة والكرامة والخصال السامية التي ترتقي بالإنسان، الذي عليه أن يمتاز بالخلق النبيل قبل نصره ووصوله بجواده إلى خط النهاية.
في واحدة من قصائده الرائعة والتي حملت عنوان «فراسة وفروسية» يجوب سموه في رحلة وصفية في عالم الخيل، معبراً عن مدى تعلقه بهذا المخلوق الراقي، الذي تعجز عبارات الخطباء عن وصف أصالته ومنزلته على مدى العصور، أبيات هذه القصيدة تميَّزت بالروح الفلسفية التي تتحدى استطاعة أحد عن إيفاء الجواد العربي حقه من الوصف وفي بعض أبيات هذه القصيدة يقول سموه:
إسـجـعي يــا الـقـصايدْ بـالجديدْ الـغريبْ
مــنْ شـريـفْ الـمـعاني واصـلـهْ لـلكمالْ
مــنْ عـجـيبٍ مـصفَّىَ مـا لـمثلهْ ضـريبْ
فــوقْ حــدِّ الـظـنونْ وفــوقْ حَـدْ الـخيالْ
مشاعر فارس
في قصيدة «خيل الليالي»، يرتحل سموه في عالم بليغ من المشاعر وسحر البيان ورقي المعاني، التي تربط الخيل بالحق الذي لا يحيد عنه أهل المروءة والشهامة مهما كان وفي أيِّ زمان، يقول سموه:
مـتـوقِّـفهْ خــيـلْ الـلـيالي عـلـىَ الـبـابْ
أســمَـحْ لــهـا وإلاَّ أســـوقْ إعــتـذاري
والـوقتْ مـتلوِّنْ مـثِلْ بـعضْ الأصـحابْ
لــي ظَــنْ نـفـسهْ كـاسيْ وهـوهْ عـاري
تطلعات قائد
وفي قصيدة بديعة حملت عنوان «حلبة سباق»، يصف فيها تعلُّق سموه بحلبات السباق ومنصات التتويج، والتوق الدائم إلى المراتب الأولى، ويمضي سموه في دلالات واضحة مؤكداً اهتمامه بأحوال الأمة العربية، وأوجاع الأشقاء، وهو دأب القائد الكبير المهموم بقضايا أمته والعالم، يقول سموه:
تـشــتـعِـــلْ في خــافــقــي نـارْ إشـتــيــاقْ
مِـنْ لــظـاهــا دقِّــتـهْ صـعـبـهْ الخــفـوقْ
مـــا يـطـــفِّـيــهــا ولُــو طـــالْ الــعـــنــــاقْ
في ضــمـيـري مِــنْ لــهــايــبــــها حـــروقْ
مشاعر الأخوة
قصائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في الخيل لا تنحصر في فضاء الخيل وحسب، بل هي مساحات شعرية للبوح بكل ما تعيشه النفس من مكنونات، ففيها نعيش اللوعة والهموم ونعيش الإنجازات، وفيها أيضاً فيض مشاعر الأخوة التي تسكن قلب الفارس تجاه أخيه المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، أبيات تنبض بمشاعر الحب والاحترام والتبجيل التي فاضت منها تجاه الأخ والصديق ورفيق درب الانتصارات والإنجازات، وفي قصيدة «الفوز والناموس» يقول سموه:
الفوز والنّاموس لك والسياده
وكل الفوارس أنت وحدك بَطَلها
يا بو سعيد أنت الشرف والرّياده
وِبْلادنا شوفك رَجَاها وأملها
مشاعر نبيلة
وفي سياق ارتباط تجاوز شعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لمعنى محبة الخيل وبطولاتها، إلى فضاء المشاعر الإنسانية الكبيرة، نرى كيف وثق مشاعره النبيلة المستمرة فرحاً بامتداد شغف محبة الخيل إلى سمو ولي عهده الأمين سمو الشيخ حمدان بن محمد، إذ زخرت مجموعة من القصائد في إنجازات الفارس نجل الفارس، الذي سار على درب والده في التفوق وحكمة القيادة وحب الخيل. ففي قصيدة «يا سهمي الرابح»، يقول سموه:
إنته على ذوقي رسمتك معاني
وعوّدتني (حمدان) تحقيق الامال
إنته عليك إذا أراهن رهاني
يا سهمي الرابح على كل الاحوال
مبروك يا (حمدان) أغلى التهاني
والخيل بك تفرَحْ وتفخَرْ وتختال
قصيده اليمامة
وفي قصيدة اليمامة، التي أبدعها سموه بمناسبة فوز سمو الشيخ حمدان بن محمد ببطولة العالم للقدرة، واعتزال اليمامة يقول سموه:
عادتك مثلي إذا حان الرهاني
كل من راهن عليك إتجملهْ
وعادتك مثلي إذا احمر السناني
كنت إنته الحل له والمشكله
وعادتك مثلي إذا ما والوقت شان
تكتم أنفاس الخطوب المجبلهْ
«قصائدي في حب الخيل»
أطلق المكتب الإعلامي لحكومة دبي، تزامناً مع النسخة 24 من كأس دبي العالمي، البطولة الأغلى والأهم عالمياً، كتاب «قصائدي في حب الخيل»، لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي جمع فيه المكتب القصائد التي نظمها سموه، وعبّر خلالها عن مدى شغفه بالخيل، والقيم التي طالما ارتبطت بها من نُبل، ورمز للمنافسة من أجل الفوز، وتمسّك بالصدارة، وقوة وشجاعة وإقدام.
ويسلّط الكتاب الضوء، من خلال قصائده، على القيمة المعنوية للخيول التي طالما ارتبطت ببيئة ومجتمع شبه الجزيرة العربية، والسمات المميزة لأهل الصحراء من شهامة ومروءة وكرم وشجاعة وإقدام، وغيرها من الصفات التي ارتبطت بالخيل وفارسها في الموروث الثقافي للمنطقة.
ورُوعي في تصميم الكتاب الطبيعة الإبداعية لمحتواه؛ إذ ضمّن أعمال خمسة من الفنانين الإماراتيين تناولت فكرة الخيل، وأبرزت ما تتمتع به من جمال وصفات كانت محل حفاوة الشعراء والأدباء على مر العصور.
والمتتبع لعلاقة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في ديوانه البديع، يتعرف على نظرة سموه إلى رفيق النبلاء في حلهم وترحالهم، وصديق الإنسان الوفي عبر العصور والأزمان والمحرض على السعي الدائم إلى المركز الأول الذي لا يرضى عنه بديلاً، يقول سموه:
ومن كان يرضى ينال المركز الثاني
غيري وأما أنا أحب الأول دوم
ما أرضى بغيره وهذا طبعي وشاني
عليه ماخذ وصية جدنا مكتوم
• محمد بن راشد كتب عدداً من روائع الشعر وأبلغ القصائد التي ذاع صيتها في وصف وحب الخيل.
• نشأ محمد بن راشد في بيت كريم محب للخيل، ليتحول هذا الحب على مر السنين إلى مكون مهم من مكونات ثقافته.
• الفروسية في نظر محمد بن راشد وفكره مقترنة بمعاني الشهامة والكرامة والخصال السامية التي ترتقي بالإنسان.
• ارتباط محمد بن راشد بالخيل والشغف الذي بدأ منذ مرحلة مبكرة في حياة سموه له جذور راسخة.