«الكابوس الألمـاني»يقض مضجع مـارادونا
قد يكون شهر العسل بين الأسطورة الأرجنتيني دييغو ماردونا ومنتخب بلاده قد انتهى على يد الألمان بعد الخسارة المذلة (صفر-4) أول من أمس، في ربع نهائي مونديال جنوب افريقيا .2010 وقال مارادونا «سنرى ما سيحصل. لم افكر بالرحيل. يجب ان استشير عائلتي واللاعبين. هناك العديد من العوامل التي يجب ان تؤخذ في عين الاعتبار»، وهذه كانت كلمات مارادونا بعد توقف مشوار منتخب بلاده في ربع النهائي على يد منتخب ألماني شاب نجح في مخالفة جميع التوقعات منذ بداية النهائيات وأطاح ببطلين سابقين بنتيجتين ساحقتين هما انجلترا (4-1) في الدور الثاني ثم الارجنتين، ليبلغ دور الاربعة للمرة الـ12 في تاريخه المتوج بثلاثة ألقاب (1954 و1974 و1990).
وتابع مارادونا «الأمر مشابه لصفعة على وجهي، انها اصعب لحظة في حياتي. اشعر بالخيبة، العودة الى بلادي بعد الخسارة، انه امر صعب. يجب ان نجلس لنرى ما سيحصل. هم سجلوا ونحن لم نتمكن من التسجيل». وبدا مارادونا عصبياً عندما رد على سؤال حول سبب سيطرة الألمان على وسط الملعب، وأجاب «لماذا لا تذهبون الى الاتحاد الارجنتيني لعرض برنامجكم؟ رأيت مباراة كنا نركض فيها خلف النتيجة...». وفي معرض رده على سؤال حول اذا كان اختبر يوما مماثلا في حياته، قال «هناك النتيجة، الخيبة، لا احد بإمكانه تحمل الخسارة 4-صفر والخروج من ربع النهائي. عشت هذا الامر عام 1982 كلاعب، لكنني كنت يافعاً حينها. هنا، انا سأصبح في الـ50 من عمري في اكتوبر. انها اصعب لحظة في حياتي. هناك جميع هؤلاء الاشخاص حولي، الكثير من المحترفين حولي، الطاقم الفني والناس. الأمر مشابه لصفعة على وجهي. لا املك الطاقة للقيام بأشياء اخرى (التحدث الى الصحافة)».
وقد يكون المشوار انتهى بالنسبة لمارادونا الذي اراد ان يدخل النادي المصغر من الاشخاص الذين تمكنوا من احراز اللقب العالمي لاعبين ومدربين وهو ما نجح في تحقيقه اثنان فقط هما البرازيلي ماريو زاغالو (1958 لاعباً، و1970 مدرباً) والقيصر الالماني فرانتس بكنباور (1974 لاعباً، و1990 مدرباً).
وكان مارادونا قاد بمفرده منتخب «لا البيسيليستي» الى احراز كأس العالم في مكسيكو عام 1986 على حساب الألمان بالذات ودمغ الملاعب المكسيكية بموهبة لا تقارن، فأصبح اسطورة في بلاده وهو كان يؤمن ان بامكانه اعادة الكأس الاغلى الى الارجنتين في مونديال جنوب افريقيا، خصوصاً انه يملك تشكيلة من اللاعبين المميزين الذين يعدون من ابرز الاسماء العالمية في الوقت الحالي، امثال نجم برشلونة الاسباني ليونيل ميسي وهداف اتلتيكو مدريد الاسباني سيرخيو اغويرو، اضافة الى كارلوس تيفيز والقائد الجديد خافيير ماسكيرانو وغيرهم.
وضع مارادونا العنوان العريض لمشواره مع المنتخب: «اولا لدي هدف واحد هو الفوز بكأس العالم. ليس هناك نقطة تجعلني افكر بالوصول الى دور الاربعة (كأقصى حد)، اذ في ظل وجود هؤلاء اللاعبين سيكون هذا هدفنا وسأعمل على تحقيقه»، لكن الالمان كان لهم كلمتهم ايضاً وقد ضربت الارجنتينيين مثل الصاعقة.
اعتقاد خاطئ
لكن من اعتقد ان الالمان الشبان لن يكونوا قادرين على مواجهة ليونيل ميسي ورفاقه كان مخطئاً تماماً، وقد يجد مارادونا نفسه في معركة جديدة مع الصحافة الارجنتينية والجميع يتذكر ما قام به بعد تأهل منتخبه الى النهائيات اثر الفوز على الاوروغواي في الجولة الاخيرة من تصفيات اميركا الجنوبية، إذ قال في مونتيفيديو بعد فوز بلاده «أهدي هذا التأهل الى الشعب الارجنتيني بأسره والى عائلتي، لكن قطاعا واحدا لا يستحق هذا الاهداء (في اشارة الى الصحافيين) لانهم عاملونني كالنفايات. لقد اخترعوا مشكلات بيني وبين (المدير الفني) كارلوس بيلاردو غير موجودة...»، قبل ان يستفيض باهاناته، مستخدماً الفاظاً جنسية بذيئة للغاية بحق الصحافيين.
ودفع مارادونا ثمن هذه الفورة اذ اوقفه الاتحاد الدولي «فيفا» عن النشاطات الكروية كافة لمدة شهرين وغرمه بمبلغ 25 الف فرنك سويسري (16.560 الف يورو) بسبب العبارات النابية التي ادلى بها وهو تقدم باعتذاره: «أطلب السماح من النساء، ومن والدتي، ومن سيدات الارجنتين، ومن سيدات الاوروغواي، ومن نساء العالم بأكمله. لكن ليس من الآخرين»، قبل ان يعود ويقدم اعتذاره الى الاتحاد الدولي وعائلة كرة القدم، ما دفع «فيفا» الى تخفيف العقوبة. وشدد الاتحاد الدولي على ضرورة الا تتكرر هذه الحادثة مع مارادونا لأن هذا الامر سيقوده الى اتخاذ قرارات اقسى بكثير، لكن تجدد ما حصل سابقاً ليس مستبعداً على الاطلاق ويبقى ان ننتظر عودة صاحب «يد الله» الى بلاده لمعرفة اذا كان سيدخل في معركة اعلامية جديدة او سيكتفي بالصمت تجنباً لأي عواقب تأديبية.
وعندما التقى مارادونا بنجم ألمانيا الشاب توماس مولر للمرة الأولى، اعتقده أحد صبيان التقاط الكرات في الملاعب، في تجاهل مهين رد عليه لاعب بايرن ميونيخ بافضل طريقة اليوم مسجلاً هدفه الرابع في النهائيات ومساهماً بشكل اساسي في الفوز الساحق الذي حققه «مانشافت» على الارجنتينيين. وقد يكون مولر وزملاؤه اطاحوا برأس مارادونا وتسببوا بخروجه من المنتخب لأن الصحافة الارجنتينية لن ترحمه على الاطلاق بعدما نجح لفترة في اسكات الانتقادات وحول التجريح الى مديح، لكن شبح الماضي عاد ليطارد «لا البيسيلستي» بشخص المانشافت الذي كان العقبة بينه وبين التأهل الى دور نصف النهائي للمرة الاولى منذ 1990 عندما تواجه المنتخبان في النهائي وخرج الالمان فائزين. ولم يكن دخول مارادونا الى نهائيات النسخة الـ19 من العرس الكروي العالمي كسائر المدربين الآخرين، لأن احداً لم يأخذ مسيرته التدريبية على محمل الجد، ان كانت الصحافة المحلية او الدولية وحتى اللاعبون السابقون مثل البرازيلي بيليه او الفرنسي ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم، خصوصاً بعدما عانى المنتخب الارجنتيني الامرين خلال التصفيات. |