كأس العالم ليست بعدد السكان.. واسألوا أوروغواي وكرواتيا وآيسلندا
لم تعد كأس العالم مرتبطة بعدد السكان، والدليل ما قدمته أوروغواي وكرواتيا وآيسلندا في النسخة الحالية من البطولة التي تستضيفها روسيا، وتستمر حتى منتصف الشهر المقبل.
قصة نجاح آيسلندا كروياً ارتكزت على تطوير نوعية المدربين. مونديال 1998 قدم دعاية عظيمة لكرواتيا «بلداً ورياضة». 300 ألف نسمة فقط عدد سكان آيسلندا. 3.5 ملايين نسمة عدد سكان أوروغواي. 4 ملايين نسمة عدد سكان كرواتيا. |
وكتبت الأوروغواي، التي تأهلت أول من أمس للدور ربع النهائي على حساب البرتغال 2-1، تاريخاً كروياً حافلاً بالإنجازات والإبداعات، رغم أن عدد سكانها لم يتجاوز 3.5 ملايين نسمة.
ويذكر تاريخ الأوروغواي الكروي نجوماً، كان بعضهم عتالاً للحوم، وقطاعاً للرخام، وبقالاً، وبائعاً للمثلجات، شاركوا في أولمبياد باريس 1924 عن طريق الباخرة الأرخص ثمناً، كما دهس منتخب أوروغواي كل من قابله في الأولمبياد، بداية بأميركا ثم فرنسا 5-1 وهولندا 2-1، واكتسح سويسرا في النهائي 3-صفر.
وفي عام 1930، نظمت الأوروغواي أول بطولة لكأس العالم، وتمكنت من التتويج بلقب البطولة، بعد الفوز على الأرجنتين في المباراة النهائية (4-2) في ملعب سنتيناريو.
وعادت الأوروغواي وفازت مرة أخرى بكأس العام 1950، بعد الفوز على المضيفة البرازيل (2-1)، بعد أن تم حرمانها من المشاركة في نسختي 1934 و1938.
وتملك الأوروغواي 15 لقباً لكأس أميركا اللاتينية (كوبا أمريكا)، متفوقة على كل من البرازيل والأرجنتين.
وضم منتخب الأوروغواي عبر تاريخه العديد من الأسماء، أبرزهم حالياً الرباعي: إدينسون كافاني، لويس سواريز، دييغو غودين، وماتياس فيتشينو.
كرواتيا وقلم يوغار
ولم تختلف كرواتيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو أربعة ملايين نسمة، عن الأوروغواي كثيراً لعشقها لكرة القدم، وإبرازها العديد من الأسماء التي تألقت عبر سنوات عدة، متحدية قلة عدد السكان.
وبدأت الكرة حياتها في الملاعب الكرواتية مع أواخر القرن الـ19، عن طريق الكاتب الصحافي كان فرانغو يوغار، الذي ولد لأم كرواتية وأب سلوفيني، ورغم أنه تلقى تعليمه في جانب الأدب واللغة، إلا أن كرة القدم استهوته كثيراً، فاتجه للكتابة عنها كثيراً، منتفعاً ببلاغة قلمه ووضوح مفرداته.
واختار فرانغو يوغار في ما بعد أن ينشر هذه اللعبة في أرجاء بلاده، لتكون متنفس الشباب من أبناء بلدته، ومتسعاً لنشر مواهبهم وإمكاناتهم الخاصة، فجاءت كرة القدم في كرواتيا تسبق الكثير من الدول الأوروبية حول العالم كبداية ممارسة اللعبة، وقد ساعد يوغار على تحويل فكرته إلى واقع وجود عدد من البريطانيين الذين يعملون في مشروعات صناعية، وكانوا عوناً له في نشر ثقافة اللعبة الجديدة في البلاد، عام 1873.
وسطع تألق كرواتيا بعد الانفصال عن يوغسلافيا في كأس العالم عام 1998، ببلوغ الدور نصف النهائي، لكنها خسرت من فرنسا 1-2.
ويحمل الجيل الحالي، بقيادة قائده مودريتش، آمال الكروات لتكرار الإنجاز نفسه في المونديال.
وتحدث مودريتش لموقع «فيفا» عن كيفية تضخم حلم المشاركة في المونديال، قائلاً: «في مونديال فرنسا 1998 كنتُ في الـ13 من العمر، وتابعت البطولة مع أصدقائي وعائلتي في مدينة زادار، وبعد كل انتصار، كانت تزيد فرحتنا أكثر وأكثر، وفي الوقت نفسه كان الأمر بمثابة دعاية عظيمة لكرواتيا، فقد أصبح العالم بأسره يعرفنا. أتذكر أن الحلم بدأ يراودني ببلوغ ذلك المستوى يوماً ما، كان الأمر بمثابة ظاهرة».
أمة صغيرة
في المقابل، أصبحت آيسلندا أصغر دولة على الإطلاق تذهب إلى نهائيات كأس العالم، لكنها استطاعت أن تفرض نفسها على المونديال، حينما تعادل مع الأرجنتين، وخسرت بصعوبة من نيجيريا وكرواتيا، وقبلها فاجأت آيسلندا الأوروبيين في يورو 2016 بتأهل منتخبها إلى دور الـ16.
وبدأ الهوس بكرة القدم في آيسلندا يزداد منذ 16 عاماً فقط، خصوصاً مع مشروعات أجرتها الحكومة واتحاد الكرة وحتى المدارس والمستثمرين هناك، لبناء جيل ينافس بقوة وسط أوروبا من أمة صغيرة للغاية في تعداد يصل إلى 300 ألف نسمة.
ففي عام 2009 سافرت مجموعة من مدربي كرة القدم الآيسلنديين الشباب إلى إنجلترا، من أجل الدراسة للحصول على رخص تدريبية، للنهوض بكرة القدم في بلادهم، وقال المدرب الآيسلندي لارس لاجرباك: «جزء من نجاحنا الذي نحققه هنا هو مجموعة المدربين الذين سافروا وتعلموا جيداً لمدة ستة أو سبعة أعوام، لينقلوا ثقافة كبيرة إلى دولتنا أسهمت في ما حققناه على المدى البعيد».
وأوضح مدرب منتخب آيسلندا، هيمير هولغريمسون/ في تلك الجزئية: «لا أعتقد أن هناك مكاناً آخر في العالم لديه عدد من المدربين المؤهلين مثلما نمتلك نحن ولديهم رخص A وB».
وأضاف هيمير: «هنا في آيسلندا لا يهم إن كانت قريتك صغيرة أو كبيرة، فهناك مدربون مؤهلون، وتتم معاملتهم بطريقة متساوية مع أنديتهم في الدوري الممتاز».