الشركتان عدلتا النظام ليصبح «إصدار التنبيهات» للمستخدمين حول مخاطر «كورونا» هو الأساس وليس «تتبع الاتصالات». من المصدر

«غوغل» و«أبل» تعدلان نظام الكشف عن «كورونا» عبر «المحمول»

بعد مرور نحو أسبوعين على إعلان شركتي «غوغل» و«أبل» عن مشروعهما المشترك، لإنشاء وتشغيل نظام لمكافحة وباء «كورونا» عبر الهاتف المحمول وتقنية «بلوتوث»، أطلقتا عليه «تقنية تتبع الاتصال»، عادت الشركتان لتعلنا عن تعديل في الأسلوب الذي سيتم على أساسه تصميم وتشغيل النظام، ليصبح «إصدار التنبيهات» للمستخدمين حول مخاطر «كورونا» هو النهج الأساسي للنظام، وليس «تتبع الاتصالات» وتعقب البيانات.

وجاء التعديل الجديد كتراجع من الشركتين أمام موجة القلق والرفض العارمة التي أثارها المشروع لدى مئات الملايين من المستخدمين حول العالم، بسبب ما أوجده المشروع في بدايته من مخاوف ومخاطر على الخصوصية وحماية البيانات الشخصية.

أسئلة شائعة

وأعلنت الشركتان عن التعديل الجديد للمشروع في مؤتمر صحافي أول من أمس، بالتزامن مع ظهور قائمة بالأسئلة الشائعة التي تستهدف المستهلكين، على المدونة الرسمية لـ«غوغل» وغرفة الأخبار بالموقع الرسمي لـ«أبل»، حيث حاولت الشركتان من خلالهما شرح أساسيات المشروع، والتعديل الذي تقرر إجراؤه عليه، وكيفية عمل الأدوات الخاصة به، وما إذا كان بإمكان الأشخاص إيقاف تشغيلها، ومكان تخزين البيانات، والتعديلات التقنية التي ستتم على المشروع لدعم قضية الخصوصية بشكل أفضل.

رد فعل

وكانت «أبل» و«غوغل» أعلنتا في 10 أبريل الجاري أنهما قررتا القيام بمشروع مشترك، يفتح نظامي تشغيل «أندرويد» من «غوغل»، و«آي أو إس» من «أبل» على بعضهما بعضاً، للعمل بصفة موحدة، لتنفيذ مهمة واحدة هي بناء نظام يعمل بتقنية الـ«بلوتوث» الموجودة بالهواتف المحمولة، لتتبع وكشف مصابي فيروس «كورونا» ومخالطيهم لحظياً، وتنبيه الأصحاء إلى وجودهم، كوسيلة لتعزيز التباعد الاجتماعي، وتوفير بيئة آمنة لمليارات الأشخاص الذين لم يصابوا بعد، لكنهم محتجزون بالمنازل، ويتعين إعادتهم للعمل في أسرع وقت.

وفي رد فعل على ذلك، تحركت مئات من الجمعيات والمؤسسات المدنية، ومن خلفهم مئات الملايين من المستخدمين حول العالم، للتعبير عن مخاوفهم مما يمثله المشروع من خطر على الخصوصية وحماية البيانات الشخصية.

واستمرت موجة القلق في التزايد وانتهت بصدور بيان موقع عليه من 110 مؤسسات مدنية حول العالم، داعياً الحكومات والشركات، وعلى رأسها «غوغل» و«أبل»، لتطبيق قواعد للمواءمة بين ما أطلقت عليه هذه المؤسسات «المراقبة الرقمية» من جهة، و«الحقوق الشخصية» لمستخدمي الهواتف والإنترنت من جهة أخرى، وتضمنت هذه القواعد أن تتخذ جميع تدابير المراقبة الرقمية وفقاً للقانون، وأن تكون ضرورية لمكافحة الفيروس، وأن تكون «منزوعة الهوية والموقع»، وغير دالة على هوية الشخص، وتظهر فقط حالته الصحية من حيث الإصابة بالفيروس.

تراجع وتعديلات

وجاء إعلان أول من أمس من قبل «غوغل» و«أبل»، ليجسد تجاوباً واضحاً مع تلك المخاوف، حيث أكدتا تغيير طريقة بناء وعمل النظام، ليكون معبراً عن «إصدار التنبيهات» للمستخدمين حول مخاطر «كورونا»، وليس «متتبعاً لاتصالاتهم» بحثاً عن بيانات تساعد على مكافحة الوباء. وقالت الشركتان إن المصطلحات الجديدة هي ببساطة وصف أكثر دقة للمشروع، والتحول هنا ليس مجرد جهد لتغيير «العلامة التجارية» أو تقديم حل «تجميلي» للمشروع، لكنه يعكس شوطاً طويلاً في الحفاظ على خصوصية المستخدمين، والتخلي عن مصطلح مثل «التتبع»، يمكن أن يكون له دلالات مشؤومة على المراقبة واختراق الخصوصية، وهذا التغيير يعبر عن إدراك الشركتين لأهمية الإدراك العام للمشروع من قبل جمهور المستخدمين للهواتف العاملة بنظامي «أندرويد» و«آي أو إس» معاً.

وعبرت الشركتان في بيانهما المشترك عن قناعتهما التامة بأن ثقة المستخدم في النظام أمر ذو أهمية فائقة، باعتباره القاعدة الجوهرية لتحقيق الهدف من وراء تشغيله، ولذلك فإنهما تريدان أن يفهم المستخدمون أن أجهزتهم لن يتم استخدامها كأدوات لتتبع مواقعهم، أو بياناتهم وكشف خصوصيتهم، لكن استخدامها في تحقيق جهد أكبر، يعود بالنفع على الصحة العامة ومكافحة الوباء.

أزمة مماثلة

قال رئيس مؤسسة «كرييتف ستراتيجيز» للاستشارات والبحوث، تيم باجارين، إن شركتي «غوغل» و«أبل» تحاولان تفادي أزمة مماثلة للأزمة التي تعرضتا لها ومعهما شركة «أمازون»، قبل أشهر عدة، حينما جرى الكشف عن أن الميكروفونات الذكية التي تنتجانها تقوم بالتنصت على مستخدميها، وتنقل جانباً من المحادثات التي يقومون بها لموظفي البحث والتطوير والدعم الفني، وكاد هذا الأمر يسبب انهياراً شاملاً بمبيعات تلك المنتجات.

وأضاف باجارين أن الأمر يبدو أكثر صعوبة بالنسبة لـ«غوغل» التي غالباً ما تتعرض للنقد بسبب نموذج أعمالها، الذي يعتمد على بيانات المستخدم التي يتم جمعها من خلال محرك البحث والخرائط والخدمات الأخرى للسماح للمعلنين باستهداف جماهير معينة برسائلهم.

الأكثر مشاركة