طورتها جامعة سنغافورية بعد 4 سنوات من البحث
«ستاتينا».. تقنية جديــدة تحوّل الأسطح إلى شاشات لمســية
تزايد استخدام الشاشات اللمسية في حياتنا اليومية، ويعتمد عليها عدد متزايد من الأجهزة الحديثة كالهواتف الذكية والحواسيب بوصفها طريقة أسهل يفضلها كثيرون في التعامل مع الأشياء، بخلاف وجود أزرار محددة لكل مهمة، بحيث أصبح تطورها ودرجة كفاءتها ميزة جاذبة لكثير من المستخدمين، كما لا تتوقف محاولات الباحثين للوصول إلى طرق عملية لتحويل الشاشات العادية إلى أخرى تعمل وتستجيب للمس، وهو ما يُنبئ بتغير في شكل الإعلانات والتلفزيون والألعاب.
ومن بين هذه المحاولات تقنية جديدة تتسم بانخفاض كلفتها، وتكفل تحويل شاشات التلفزيون وأنواع مختلفة من الأسطح من الطاولات الخشبية والألمنيوم والفولاذ والزجاج والبلاستيك إلى شاشات لمسية، وتعد هذه التقنية نتاج أربع سنوات من الدراسات والتجارب أجراها باحثون في جامعة «نانيانغ التكنولوجية» في سنغافورة.
وتفتح هذه التقنية الباب لتطوير كثير من التطبيقات المفيدة، فيمكن من خلال تحويل شاشات التلفزيون إلى شاشات لمسية وربطها بالحاسب عرض مواد وإعلانات تفاعلية، أو عرض الخرائط والمعلومات داخل المدن ومراكز التسوق، وكذلك يمكن أن تقدم بديلاً رخيصاً للسبّورات الإلكترونية واستخدامها للرسم والكتابة، كما يمكن تصور شكل مختلف لممارسة ألعاب الحاسب على الحوائط والطاولات، وكثير من الاستخدامات الجديدة لأجهزة تقليدية، بجانب الكلفة المحدودة التي تقل كثيراً عن الشاشات اللمسية.
وأطلق الباحثون على النظام الجديد اسم «ستاتينا»، ويعتمد على استخدام عدد قليل من أدوات استشعار اللمس ذات الكلفة المنخفضة لترصد حدوث أي ذبذبات نتيجة لمس السطح، إلى جانب خوارزميات جرى تطويرها خصيصاً لحساب موضع لمس المستخدم للسطح بدقة بناء على السرعة المحددة التي تنتقل بها الموجات الصوتية عبر الوسائط المختلفة، ويقوم النظام على فكرة أن الموجات الصوتية تستغرق وقتاً محدداً لتنتشر عبر المواد المختلفة.
وإلى جانب أدوات استشعار اللمس، يستخدم نظام «ستاتينا» كاميرات ويب عادية لتستطيع الشاشات التعامل مع اللمس المتعدد سواء باليد أو بأداة أخرى في الوقت نفسه، وهو ما يشبه إلى حد ما تقنية جهاز «كينكت» من «مايكروسوفت»، الذي يرصد إيماءات وحركات المستخدمين من خلال الكاميرا، كما تستخدم الكاميرات مع الحوائط الإسمنتية التي تُضعِف أثر الاهتزازات الناتجة عن اللمس إلى حد كبير، ولا يمكن معها الاعتماد على أدوات الاستشعار وحدها.
ويعتمد عدد المستشعرات المطلوبة على مساحة السطح، فيتطلب سطح بمساحة 50 بوصة استخدام 12 مستشعراً، وما بين اثنين إلى ثلاث كاميرات، لكن لم يتحدد بعد ما إذا كان يلزم توفير نوع مختلف من أدوات الاستشعار ليلائم كل سطح كالخشب أو الألمنيوم.
وبحسب الأستاذ المساعد في جامعة «ناينانغ»، أندي خونج، الذي أشرف على البحث، يستطيع «سانتينا» حالياً تحديد موضع لمس المستخدم للسطح بدرجة دقة تقترب من 1.5 سنتيمتر اعتماداً على المستشعرات، كما يمكن باستخدام خوارزمية أخرى الاقتراب من الموضع بقدر نصف سنتيمتر فقط، ومع إضافة الكاميرات يمكن للتقنية تحديد موقع اللمس بدقة أكبر بفارق يبلغ مليمترين.
ويتوقع فريق البحث أن يصل ابتكارهم إلى الأسواق خلال العامين المقبلين بعدما أثبت بالتجربة نجاحاً ملحوظاً مع أنواع عدة من الأسطح الصلبة، كما يستجيب «ستاتينا» بشكل مماثل للمس من اليد البشرية أو أقلام الكتابة وغيرها من الأدوات، ويعمل خونج مع فريقه على توسيع إمكانات النظام لتتبع الحركات المتعددة باستخدام الكاميرات وتحسين الوقت الذي يستجيب فيه للمستخدم، ويعمل الفريق أيضاً على إنتاج نموذج أولي يصلح للاستخدام العام.
ونال الفريق، أخيراً، دعم «مؤسسة الأبحاث الوطنية» بقيمة 250 ألف دولار لتطوير ابتكارهم بشكل تجاري، إضافة إلى جائزة «الإنجازات الهندسية المتميزة» في ديسمبر الماضي من معهد المهندسين في سنغافورة.
ويمثل «ستاتينا» إضافة إلى المحاولات الأخرى لتحويل الأسطح العادية إلى شاشات تستجيب للمس، ومنها إعلان باحثين من «مايكروسوفت» وجامعة «كارنيجي ميلون» عن تقنية «أومني تاتش» قبل عامين، وتسمح بتحويل أنواع الأسطح كالحوائط والطاولات وحتى جسم المستخدم ذاته إلى مساحات تستجيب للمس، وتعتمد على جهاز إسقاط ضوئي يعرض واجهة الاستخدام، وكاميرا تستشعر العمق مماثلة للمستخدمة في «كينكت» لتتبع حركات اليد.