جورب ذكي يتابع تنفّس الأطفال أثناء النوم
مع ظهور موجة من المنتجات الإلكترونية القابلة للارتداء، مثل السوار الذكي الذي يتيح متابعة العلامات الحيوية للجسم، خلال ممارسة الأنشطة البدنية، مثل النبض وحرق السعرات الحرارية، لم يغب الأطفال عن اهتمام الشركات، إذ تظهر تباعاً منتجات تعد الوالدين بالقدرة على متابعة أطفالهم طوال الوقت.
وتجاوزت هذه المنتجات شاشات المراقبة أو أدوات التنبيه، في حال استيقظ أطفالهم ليلاً، وتركز على عرض معلومات عن تنفّس الطفل، ودرجة حرارته، وحركته أثناء النوم، ما يُنبه الوالدين لأي إشارات غير صحية تتطلب استشارة الأطباء.
ومن بين هذه الابتكارات، منتج جديد باسم «أولت»، وهو جورب ذكي للأطفال الصغار، يساعد الوالدين على متابعة تنفّسهم أثناء الليل، ويتضمن أدوات استشعار تقدم معلومات عن معدل نبضات القلب، ودرجة حرارة الجلد، ووضع الطفل أثناء النوم، وما إذا كان يحصل على نومٍ جيد.
ويعتمد «أولت» على فكرة جهاز «أوكسيميتر» أو مقياس النبض، الذي يستخدم في عيادات الأطباء للبالغين والأطفال على حدٍ سواء، ويوفر طريقة غير مباشرة لقياس مدى تشبع الدم بالأوكسجين، كما يقيس معدل النبض.
ويتضمن الجهاز جانباً يُوضع غالباً حول إصبع اليد في حالة البالغين وحول القدم في الأطفال، ويُصدر نوعين من الأشعة الضوئية: الحمراء وتحت الحمراء.
وفي الجانب الآخر من الجهاز، يوجد مستقبل ضوئي لقياس مقدار امتصاص الضوء. ويستند الجهاز على طبيعة الهيموغلوبين، ففي حال تشبعه بالأوكسجين، يمتص الأشعة تحت الحمراء، ويسمح بمرور نسبة كبيرة من الأشعة الحمراء، ويحدث العكس في حال الهيموغلوبين غير المؤكسد.
ويستخدم «أولت» بتقنية مماثلة من خلال جورب للقدم يحتوي على أجهزة استشعار صغيرة، ويقيس ما إذا كان الطفل يحصل على الأوكسجين أثناء النوم، إذ إنه أحياناً تتسبب الأغطية الكثيرة، أو تحول الطفل للنوم على بطنه، في عدم وصول الأوكسجين اللازم.
وبحسب المؤسس المشارك في «أولت»، جوردن مونرو، فإنه «يمكن لأشياء كثيرة أن تمنع الهواء عن الأطفال، مثل حركتهم، أو وجود أغطية كثيرة على الفم».
وإضافة إلى التأكد من تنفّس الطفل بشكل جيد، يقيس «أولت» ضربات القلب، ودرجة حرارة الجلد، ليشير إلى مدى مناسبة درجة حرارة الغرفة والأغطية للطفل، فضلاً عن حركة الطفل أثناء النوم.
وينصح الأطباء بنوم الطفل على ظهره، لتقليل احتمال حدوث ما يُعرف بـ «متلازمة موت الرضيع المفاجئ» أو «إس آي دي إس»، التي يعد النوم على البطن ضمن أسبابها.
وتصل هذه المعلومات إلى الوالدين بواسطة تطبيق «أولت» لهواتف «آي فون» من خلال تقنية «بلوتوث 4.0»، ما يتيح لهما أو للمسؤولين عن رعاية الطفل متابعته حتى مسافة 120 متراً، ويُرسل الجهاز تنبيهاً إلى الهاتف عند تحول الطفل للنوم على بطنه، بينما لا يُنبه الوالدين في حال اكتشاف تغير مفاجئ في مـعدل ضـربات القلـب أو تـشــبع الــدم بالأوكســجـين.
ويتيح «أولت» كذلك الاطلاع على البيانات ورسوم بيانية حول صحة الطفل من الكمبيوتر، ومع توافر اتصال لاسلكي بالإنترنت «واي فاي» تُخزن المعلومات سحابياً، للاطلاع عليها عبر الإنترنت من أي مكان. وتأمل الشركة أن يُقدم جورب «أولت»، لأطباء الأطفال، معلومات عن نوم الطفل وحالته الصحية، كما تأمل مع استخدام آلاف الآباء للجهاز، وموافقتهم على تخزين بيانات أطفالهم بعد «تجهيلها»، أن يوفر ذلك قاعدة بيانات ضخمة عن طبيعة نوم الأطفال، لمساعدة الأطباء والباحثين في مجال وفيات الأطفال الرضع للتوصل إلى بعض أسباب الظاهرة وعلاجها، ما يؤدي إلى انخفاض معدل وفاة الأطفال.
وابتكر «أولت»، فريق من الطلاب في جامعة «بريغهام يونغ» في عام 2012، وحصل الفريق على تمويل أولي بقيمة ربع مليون دولار.
وبهدف طرح المنتج في الأسواق، أطلقت شركة «أولت»، الأسبوع الجاري، حملة للتمويل الجماعي عبر موقعها على الإنترنت.
وتستهدف حملة «أولت» جمع 100 ألف دولار، حصلت منها بالفعل على نحو 30 ألف دولار خلال اليوم الأول من الحملة التي تستمر 30 يوماً. وتأمل الشركة التي تتخذ من ولاية «يوتا» الأميركية مقراً لها، أن تنجح في طرح «أولت» بحلول نوفمبر المقبل.
وقدمت الشركة قبل شهر تطبيقها لهاتف «آي فون» بانتظار موافقة شركة «أبل» الأميركية، كما تعتزم إصدار تطبيق للهواتف العاملة بنظام «أندرويد» مع وصول المنتج إلى الأسواق.
ومن المقرر أن يُباع «أولت» بـ 200 دولار تقريباً (735 درهماً)، بينما يبلغ سعره لأوائل الأشخاص الداعمين للحملة 160 دولاراً. ولم يحصل «أولت» بعد على موافقة «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية، إلا أن الشركة ترجو أن تُسهِم حملة التمويل الجماعي في الوصول إلى متعاملين يبدون آراءً إيجابية في الجهاز، ما يُساعد في الحصول على موافقة الإدارة.
وأشار «مونرو» إلى حرص الشركة على تقديم «أولت»، باعتباره أداة تقدم للأمهات والآباء معلومات إضافية عن صحة أطفالهم، وليس جهازاً طبياً. ولا يُعد جورب «أولت» المنتج الوحيد لمتابعة العلامات الصحية للطفل وتحليلها، فقبل شهرين تقريباً، كشفت شركة «بيكسي سينتيفك» عن حفاضات تساعد الوالدين على اكتشاف معاناة الطفل من بعض الأعراض، مثل التهاب في المسالك البولية أو الجفاف، وتتضمن الحفاضة ملصقاً من مربعات صغيرة يتفاعل كل منها مع أحد مكونات البول، ويتغير لونه تبعاً لها، ويمكن بواسطة تطبيق للهواتف الذكية الحصول على تفسير لهذه التغيرات. كما تهدف منتجات أخرى إلى متابعة تنفّس الطفل أثناء النوم، مثل «سيف تو سليب»، وهو فراش يتضمن أجهزة استشعار لمراقبة تنفس الطفل ونومه، ويرسل المعلومات إلى تطبيق متاح لنظاميّ «آي أو إس» و«أندرويد»، ومثله «أنجل كير» الذي يتابع حركة وصوت الطفل، ويأتي مع جهاز للمتابعة، وكذلك «بيبي سينس» الذي يُنبه الوالدين بعد مرور 20 ثانية لم يستشعر فيها حركة الطفل. ومع الاعتراف بفائدة البيانات التي توفرها هذه الأجهزة، وغيرها عن صحة الأطفال، يتخوف البعض من احتمال تسببها في إغراق الأبوين بكثير من البيانات، وقد يتسبب العجز عن فهمها، أو وضعها ضمن إطارها الصحيح في إثارة قلق الوالدين دون مبرر، أو منحهم شعوراً زائفاً بالاطمئنان في الوقت الذي يواجه فيه الطفل مشكلة فعلية.