دراسة: يعزز علاقة الطلاب بمدرسيهم ويتيح الاستعانة بخبراء من الخارج لتحسين بيئة التعلّم
أساتذة جامعات يستخدمون الإعلام الاجتماعي أداة تعليمية
تمثل مواقع الإعلام الاجتماعي جزءاً أساسياً من الاهتمامات اليومية لنسبة غير قليلة من الشباب، ومنهم طلاب المرحلة الجامعية، وغالباً ما تُستخدم في المقام الأول لأهداف التواصل مع الآخرين ومتابعة الأخبار والترفيه، وبذلك قد يراها الطلاب نشاطاً منفصلاً عن حياتهم داخل قاعات المحاضرات والمقررات الدراسية وعلاقتهم مع الأساتذة.
لكن باعتبار مواقع الإعلام الاجتماعي أمراً واقعاً، خصوصاً لدى الجيل الذي نشأ وتربى في العصر الرقمي، ربما يُحقق دمجها في العملية التعليمية لطلاب الجامعات مزايا عدة، كتحسين تواصل الطلاب ببعضهم، وأيضاً إيجاد سبل تُقربهم من الأساتذة، وأحياناً الاستفادة منها في الاستعانة بخبراء خارج الجامعة، بما يُسهم في إنشاء بيئات تعليمية أفضل، وفق تقرير نشرته صحيفة «يو إس إيه توداي» الأميركية تناول دراسة حديثة بعنوان «الإعلام الاجتماعي للتعليم والتعلم».
واعتمدت الدراسة على استطلاع آراء 8000 أستاذ جامعي في الولايات المتحدة، ينتمون إلى جامعات وتخصصات مختلفة، وأشارت النتائج إلى ارتفاع نسبة من يستخدمون الإعلام الاجتماعي كأداة تعليمية إلى 41%، مقارنة مع نسبة 34% من الأساتذة العام الماضي، ومع ذلك يبقى هذا الغرض أقل من نسبة الاستخدام الشخصي للإعلام الاجتماعي، وكذلك من استخدامه لغايات مهنية أخرى لا تشمل التدريس.
وأشار الأستاذ المساعد في جامعة «نورثويسترن»، جون مارشال، إلى أن سعيه إلى إيجاد طريقة لتحقيق تواصل أفضل مع طلابه، كان السبب وراء استخدامه موقع «تويتر» ضمن محاضراته، ومع ذلك، قال: «لا شيء يمكن أن يصلح بديلاً للاتصال وجهاً لوجه، لكن حين يكون لديك فصل دراسي كبير، فمن المفيد أن يكون لديك وسيلة أخرى لتتعرف إليهم».
واعتبر مارشال أن الإعلام الاجتماعي يمنح الطلاب الخجولين طريقة أخرى للمشاركة.
وأشار تقرير الصحيفة الأميركية إلى تجربة المحاضِرة في جامعة «نيوهامبشير»، كريستا جاكمان، التي طلبت من طلاب السنة الأولى في الجامعة الاشتراك في موقع التدوين المُصغر «تويتر» قبل شهر من بدء الدراسة، وكانت المهمة الأولى هي أن يحاولوا التعرف إلى بعضهم بعضاً.
وقالت جاكمان: «أهدف في جميع الفصول التي أدرسها إلى أن أشُعر طلابي بالراحة قدر ما أستطيع، وفي أسرع وقت قدر الإمكان».
وإضافة إلى الدور المحتمل للإعلام الاجتماعي في تحسين التواصل بين الأساتذة والطلاب، يمكن له، باعتباره وسيلة تواصل مفتوحة، أن يجلب أصواتاً جديدة من المهنيين والخبراء المختصين إلى حجرات الدراسة، وأشارت الأستاذة المساعدة في جامعة ولاية «أوهايو»، نيكول كرافت، إلى نجاح نشاطها مع طلابها في موقع «تويتر» في عقد مؤتمرات عن بعد مع متخصصين.
وقالت إنها مع طلابها يرسلون تغريداتهم بشكل دوري إلى صحافيين في مجلتي «إسكير» و«تايم» وموقع «سي إن إن»، الأمر الذي قاد في نهاية المطاف إلى استضافتهم محاضرين، وعقد لقاءات عن بعد عبر الفيديو.
وعلاوة على ذلك، يشعر بعض أساتذة الجامعة بالمسؤولية عن إعداد طلابهم لاستخدام مواقع الإعلام الاجتماعي بطريقة مهنية، ولا يخفى تزايد حضور الشبكات الاجتماعية في عمليات التوظيف والتعاملات في المجالات المهنية المختلفة. وقال المؤلف المشارك للدراسة، ونائب رئيس «بيرسون» لاستراتيجيات التسويق والإعلام الاجتماعي، هيستر تيني كين، إن «العديد من الأساتذة يقررون استخدام الإعلام الاجتماعي لمساعدة الطلاب على إنشاء بصمتهم المهنية على الإنترنت، والبعض منهم يشعرون بأن من بين مسؤولياتهم كأعضاء هيئة تدريس إعداد طلابهم ليكونوا قادرين على توظيف وسائل الإعلام الاجتماعي في بيئة مهنية».
بدورها، تشير الطالبة ألكسندرا باركا، التي تدرس في السنة النهائية في جامعة «بنسلفانيا»، إلى سعادتها بمحاولة الأساتذة مساعدة الطلاب في هذا الجانب، وقالت: «بينما أوشك على دخول عالم العمل، أرغب بالفعل في أن تكون جميع حساباتي في الإعلام الاجتماعي ذات طابع مهني للغاية».
وعلى الرغم من هذه المزايا فإن بعض الأساتذة يتخوفون من دمج الإعلام الاجتماعي ضمن العملية التعليمية، وأرجعت الدراسة أسباب ذلك إلى القلق من المسائل المتعلقة بالخصوصية الشخصية للطلاب والأساتذة، والرغبة في الإبقاء على المحاضرات كمساحة خاصة للنقاش الحر والمفتوح مع الطلبة، والتخوف من احتمال إطلاع أطراف ثالثة على مقررات الدراسة وتفاعل الطلاب داخل قاعات المحاضرات، وكذلك إمكانية تأثر الشروط الضامنة لنزاهة الحكم على مشاركات وواجبات الطلاب.
كما أن زيادة عدد الطلبة تمثّل عائقاً لاستخدام الإعلام الاجتماعي في التعليم، حتى لدى بعض الأساتذة المدافعين عن فائدته، ويقول مارشال إنه اعتاد أن يطرح على طلابه سؤالاً أسبوعياً يجيبون عنه عبر موقع «تويتر»، لكنه اضطر إلى التوقف عن استخدم الإعلام الاجتماعي حين ارتفع عدد طلاب فصله الدراسي من 90 إلى 192 طالباً، ورأى حينها أن استخدامه يستهلك كثيراً من وقت المحاضرة.
ومن جانب الطلاب، فإنهم يرون أن استخدام أدوات الإعلام الاجتماعي للأغراض الأكاديمية يمكن أن يكون مفيداً طالما لم يتحول إلى عملية شخصية، ونقلت الصحيفة عن الطالبة في السنة النهائية في جامعة «فلوريدا»، شيري بايلي، قولها إن تمكنها من التواصل بطريقة سهلة مع عدد كبير من الأشخاص في الوقت نفسه يزيد من بساطة تجربة التعليم بدرجة كبيرة، مضيفة: «أعتقد أنه من المهم جداً المزج قليلاً بين حياتك المهنية والشخصية».
إلى ذلك، اعتبرت جاكمان أن من بين الانتقادات الشائعة بين الطلاب لاستخدام الإعلام الاجتماعي أداة تعليمية، أن استخدامه لأغراض محددة ومقصودة أمر صعب، في إشارة منها إلى أن الطلاب اعتادوا أن يُشاركوا في الشبكات الاجتماعية بطريقة عفوية، وهو ما يجعل من إنجازهم الواجبات الدراسية من خلالها عملاً مفتعلاً.