شركات تعزّز مبيعات مكافحة الإنفلونزا عبر الشبكات الاجتماعية
يسعى العديد من الشركات في الولايات المتحدة إلى تتبع انتشار مرض الإنفلونزا أولاً بأول، بهدف توجيه حملاتها الإعلانية، وتوفير منتجاتها من اللقاحات، والسوائل والمناديل المطهرة، والمنتجات الورقية المختلفة في الأماكن التي تشهد أكثر الإصابات.
ولسنوات، تتابع تلك الشركات تقارير «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» الأميركي، كما تحصل على بيانات جمعتها شركات عن زيارات مرضى الإنفلونزا للعيادات والصيدليات والمرافق الطبية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
وحالياً، استعانت الشركات بالإنترنت لتتبع انتشار الإنفلونزا، من خلال دراسة نقاشات الأشخاص عن المرض في مواقع الإعلام الاجتماعي، والمواقع المعنية بالمعلومات الصحية، ومؤشرات البحث في «غوغل» لتكوين صورة متجددة في الوقت الحقيقي عن تفشي الإنفلونزا في مناطق محددة برموزها البريدية، بحسب تقرير نشرته صحيفة «ذا وول ستريت جورنال» الأميركية.
ويبرر الرئيس التنفيذي لشركة «برو فيز لابز»، تيد كاركوس، هذا الاتجاه برغبة شركته في تعزيز عمليات التسويق حين يبدأ الناس بالشعور بالمرض، وليس حينما يكونوا على ما يُرام، ولذلك تُخطط الشركة لزيادة الإعلانات التلفزيونية، وتكثيف التسويق في المتاجر مع رصدها أية دلالات على تصاعد أعداد الإصابات بالإنفلونزا.
وعلى سبيل المثال، فإن كلاً من شركتي «كلوركس»، التي تنتج سائل تبييض يحمل الاسم ذاته ومناديل قاتلة للجراثيم، و«بروكتر آند غامبل»، التي تتضمن منتجاتها مناديل مطهرة، تتبعان اتجاهات البحث عن الإنفلونزا على الإنترنت في محرك البحث «غوغل»، وتبحثان عن مناطق ومدن يركز سكانها على البحث عن معلومات حول لقاحات الإنفلونزا والعدوى.
ومن أمثلة البيانات التي تتوصل إليها الشركات، ما أشار إليه تقرير داخلي لشركة «كلوركس»، ذكر أنه في نهاية أكتوبر 2013، بلغت عمليات البحث من سكان مدينة «بيتسبرغ» عن الإنفلونزا ضعف عددها في عام 2012، كما زاد سكان مدن عدة، مثل دالاس وشيكاغو من معدل البحث في «غوغل».
وفضلاً عن البحث على الإنترنت، تُنقب «كلوركس» في تغريدات مستخدمي موقع التدوين المصغر «تويتر» عن شعورهم بآلام الجسم أو أعراض الإنفلونزا، بعدما أسهم هذا الأسلوب في التتبع في زيادة مبيعاتها خلال موسم البرد والإنفلونزا الماضي.
وما يساعد الشركة في التوصل إلى بيانات مفيدة من التغريدات، كشف العديد من مستخدمي «تويتر» عن المدينة والولاية التي يُقيمون فيها، ما يتيح لها الربط بين وجود العدد الأكبر من التغريدات حول الإنفلونزا في منطقة، ورمزها البريدي. وبعدها تربط «كلوركس» بين الرموز البريدية وآلاف المتاجر، ومن ثم تتواصل مع تجار التجزئة للتأكد من توافر مخزون جيد من منتجاتها لديهم.
وخلال موسم الإنفلونزا الأخير، أرسلت 30 ألف حقيبة إضافية من المناديل المطهرة إلى ست ولايات، وفي الوقت نفسه تُوجه إعلانات على الإنترنت وقسائم رقمية للأشخاص الذين يتحدثون حول الإصابة بالإنفلونزا.
وازدادت مكاسب الشركة من مبيعاتها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2013، كما سجلت منتجاتها للتطهير شحنات قياسية.
وقال المشرف على اتصالات الإعلام الاجتماعي في «كلوركس»، ديفيد كيليس: «نعتقد أن المخزون سينفد من بعض المتاجر إذا لم نكن قد تدخلنا». وأضاف أن «الهدف ليس تسجيل إصابة الأشخاص بالإنفلونزا، بل التواجد في بداية الإصابة بها، للمساعدة في منع تفشيها».
وعموماً، يعد موسم البرد والإنفلونزا الماضي في الولايات المتحدة، الذي امتد من منتصف أكتوبر حتى أبريل 2013، أشد من مواسم الأعوام السابقة، ما أدى إلى تصاعد عائدات العديد من منتجي الأدوية، وسلاسل بيع الدواء، وشركات الرعاية الصحية، وكذلك شركة «كيمبرلي ــ كلارك» للمنتجات الورقية، التي شهدت مبيعاتها من مناديل الوجه «كلينكس» زيادة بنسبة من رقمين.
وتستخدم «كيمبرلي ــ كلارك» في 2013 أداة تنبؤ بالإنفلونزا على الإنترنت لتوقع نزلات البرد والانفلونزا خلال ثلاثة أسابيع، وتستقي المعلومات من مصادر متعددة، تشمل النقاشات في مواقع الإعلام الاجتماعي، وأنماط حالة الطقس والسفر جواً، ومبيعات الأدوية التي يمكن للمستهلك الحصول عليها مباشرةً دون الحاجة إلى وصفة طبية من متخصص، وكذلك الأحداث العامة الرئيسة التي قد تزيد من فرص انتشار المرض.
واستناداً إلى تقديرات شركة «مينتل غروب» لأبحاث السوق، ارتفعت خلال عام 2012 مبيعات الأدوية التي لا تتطلب وصفة طبية لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا والحساسية، سواء الأقراص أو الشراب أو بخاخ الأنف بنسبة 4%، وبلغت 5.8 مليارات دولار في الولايات المتحدة.
وخلال العام الماضي أيضاً، باعت شركات مناديل شخصية بمبلغ 2.3 مليار دولار، ما يمثل ارتفاعاً طفيفاً عن العام السابق، وفق بيانات «إيرومونيتور إنترناشيونال» لأبحاث السوق. ويظهر ذلك في إقبال كثيرين على الإكثار من استخدام منتجات تعقيم اليدين والمناديل المطهرة، مع تصاعد موسم الانفلونزا في محاولة لتجنب العدوى.
وضمن اتجاه الشركات إلى الإنترنت لتتبع انتشار الانفلونزا، تتعاون شركة «ريكيت بينكزر غروب»، التي تتضمن منتجاتها علاجاً للسعال، مع موقع «ويب إم دي» المتخصص في المعلومات الصحية، ويتضمن الموقع أداة للتدقيق في أعراض المرض يستخدمها ثلاثة ملايين شخص شهرياً، ويربط الموقع بين أسئلة المستخدمين والرموز البريدية للأماكن التي تشهد العدد الأكبر من علامات المرض.
واعتبر الرئيس التنفيذي لشركة «ويب إم دي هيلث»، ديفيد شلانغر، أن بيانات مستخدمي الموقع تتوافق إلى حدٍ كبير مع تقارير «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها»، أو «سي دي سي» عن انتشار الإنفلونزا. وأضاف أنه «في كثيرٍ من الحالات يمكن التعرف إلى المناطق الجغرافية التي تشهد تفشي المرض قبل أسابيع من إشارة تقارير المركز إليها».
ويرجع سبب ذلك إلى أن الناس عادةً ما يبحثون على الإنترنت أولاً مع بداية شعورهم بأعراض المرض، في حين تعتمد تقارير مركز «سي دي سي» على تلقي تقارير من أطباء بعد لجوء الأشخاص إليهم طلباً للعلاج.
وربما تمنح مثل هذه المعلومات شركة «ريكيت بينكزر» الوقت الكافي لمراجعة سلاسل التوزيع، وضمان توافر منتجاتها في المستودعات، وكذلك لتركيز حملات التسويق في المدن التي يوجد بها العدد الأكبر من الإصابات.