مبيعاته تتراجع منذ عام 2009 مع إقبال المستخدمين على الاستماع إلى الموسيقى عبر خدمات الإنترنت
الهواتف الذكية تهدّد وجود «آيبود»
يُنظر إلى مشغل الموسيقى «آيبود»، الذي أطلقت «أبل» النسخة الأولى منه في عام 2001، كعلامة مهمة في ابتكارات الشركة الأميركية، وبين أجهزة التشغيل المحمولة للموسيقى بشكلٍ عام، لكن يبدو أن انتشار الهواتف الذكية، وعلى رأسها «آيفون» تسبب في التراجع الملحوظ لمبيعات «آيبود».
وخلال السنوات القليلة الماضية استمرت مبيعات جهاز «آيبود» في الانخفاض، وهو ما اتضح قبل أيام حين كشفت «أبل» عن أرباحها للربع الأخير من عام 2013، وفي حين باعت 51 مليون هاتف «آيفون»، و26 مليون وحدة من حاسب «آيباد» اللوحي، باعت ستة ملايين جهاز «آيبود» فقط، ما يقل بنسبة 52% عن مبيعات الفترة نفسها من العام السابق.
وحققت مبيعات «آيبود» عائدات بلغت 973 مليون دولار، وبينما قد ينظر البعض إلى الرقم القريب من المليار كمعدلٍ جيد، إلا أنه بالنسبة لشركة بحجم «أبل» وعائداتها الربعية البالغة 57.6 مليار دولار، يمثل نسبة صغيرة إلى حدٍ كبير، حتى أن موقع «ذا فيرج» المتخصص بأخبار التكنولوجيا وصفه بكلمة «هواية»، وأضاف أن الوصف إذا لم يبدو مناسباً الآن، فسيكون كذلك خلال الفترة نفسها من العام المقبل.
ولا يُمثل تراجع العائدات مفاجأة، سواء للمسؤولين في شركة «أبل» أو لمتابعي مسيرة «آيبود»، حتى أن الرئيس التنفيذي للشركة، تيم كوك، أشار الى الأمر خلال إعلانه الأخير عن الأرباح بالقول: «أعتقد أن جميعنا يعرف منذ فترة بأن سوق (آيبود) تتراجع»، وبالنسبة للجمهور فمن المرجح أن من اشتروا جهاز «آيبود» في الماضي هم من الأكثر إقبالاً على اقتناء «آيفون» أو «آيباد» حالياً.
وبدأ تراجع المبيعات منذ عام 2009، وكان من المعتاد تضمن كل بيان بالأرباح ربع السنوية للشركة لجزء مخصص لمنتجات الموسيقى، والإشارة إلى تدهور مبيعات «آيبود» بمقدار مليون وحدة في مرة، وملايين عدة مرة أخرى، مع تأكيد «أبل» احتفاظ «آيبود» بـ70% من سوق مشغلات «إم بي 3» في الولايات المتحدة الأميركية، وبالمركز الأول حول العالم.
ويُثير ذلك التساؤل حول أسباب تراجع «آيبود» الجهاز الصغير ذي الإمكانات المتعددة، الذي أدخل لمسة جميلة ومميزة إلى سوق مشغلات الموسيقى، وأسهم من خلال متجر «آيتونز» المصاحب في ازدهار سوق التسجيلات الموسيقية، ونجح في جذب جانب من هواة الموسيقى إلى التسجيلات القانونية بعيداً عن مثيلاتها المقرصنة، كما يُنظر إلى «آيبود»، باعتباره الحافز الذي قاد «أبل» إلى الانتعاش، ودفعها لتطوير «آيفون» ثم «آيباد».
ويمكن اعتبار «آيبود» خطوة في طريق تطوير «آيفون»، حتى أن الرئيس التنفيذي السابق لشركة «أبل»، ستيف جوبز، قدم «آيفون» للمرة الأولى عام 2007 بقوله: «أفضل آيبود صنعناه على الإطلاق»، وهو صحيح بالنظر إلى أن الهاتف وما يتوافر عليه من تطبيقات وخصائص ذكية يُغني تماماً عن اقتناء «آيبود»، طالما كان بالإمكان شراؤه.
وهو ما يعني أن كل «آيفون» من بين 51 مليون وحدة بيعت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي يمكن أن تكون بديلاً عن «آيبود»، كما أن المستخدمين يقبلون حالياً على الاستماع إلى الموسيقى عبر خدمات الإنترنت، وبذلك يُمثل الاتصال بالإنترنت أمراً رئيساً، وهو ما لا يتوافر سوى مع «آيبود تاتش» عبر الاتصال اللاسلكي أو «واي فاي» فقط.
كما يُمكن أن يُنسب تراجع المبيعات جزئياً إلى إحجام «أبل» عن تقديم إصدار جديد من «آيبود»، أخيراً، باستثناء نسخة من «آيبود تاتش» بسعر 229 دولاراً، وعادةً ما يتزايد إقبال المستهلكين بمعدل كبير عند طرح «أبل» لطراز جديد من منتجاتها.
وانتبه مسؤولو «أبل» للأمر مبكراً، وفي يونيو من عام 2009 أقر الرئيس المالي للشركة، بيتر أوبنهايمر، بأن تفكيك مشغلات «إم بي 3» جزء من الخطة، فدفعت ملاحظة الشركة لتراجع مبيعات الطرازات التقليدية من «آيبود»، وهي «شافل» و«نانو» و«كلاسيك»، عاماً بعد آخر لتطوير «آيبود تاتش» و«آيفون».
ونقل موقع «بي بي سي» عن المحلل المتخصص في الأجهزة المحمولة في شركة «آي إتش إس» لأبحاث السوق، إيان فوج، قوله إن مما يُثير العجب هو نجاح «أبل» الجيد مع «آيبود» عام 2006، ثم اتجاهها لتقديم هاتف ذكي يتيح إمكانات «آيبود» كلها، وأضاف أن الشركة لم تخشَ طرح منتج قد يُعرقل منتجها الناجح بالفعل كأنها فكرت على هذا النحو: إذا لم نقم نحن بشيء فسيقوم به غيرنا.
وعلى الرغم من ذلك، ومع تميز «آيفون» وغيره من الهواتف الذكية في ما يتعلق بقوة المعالجة فلجهاز «آيبود» خصائصه المميزة أيضاً، ووفقاً لشركة «آي إتش إس» بلغت مبيعات «آيبود» أعلى مستوياتها بعد إطلاق «آيفون»، وبيعت 22 مليون وحدة في الربع الأخير من عام 2008.
ويرى محللون أن السبب لا يرجع إلى فارق السعر وحده؛ فجهاز «آيبود تاتش» مثلاً يُعتبر هاتف «آيفون» باستثناء إمكانية إجراء المكالمات الهاتفية. وأشار فوج إلى أن «آيبود تاتش» اليوم وسيلة رائعة لاجتذاب المستهلكين صغار السن الذين قد لا يُلائمهم اقتناء «آيفون»، كما يتيح لهم الجهاز تحميل التطبيقات من المتجر الإلكتروني.
أما التساؤل الأهم والأصعب فهو عما إذا كانت «أبل» ستُقدم على إنهاء «آيبود» والتوقف عن إنتاجه، ولا يرى الكاتب في موقع «كلت أوف ماك»، أليكس هيث، سبباً يدفع «أبل» لإنهائه طالما ظل «آيبود» منتجاً ذا جودة، ولم يتسبب في خسارتهم للمال.
ومع ذلك يرى هيث وغيره من المحللين أن «أبل»، باستبعاد «آيبود» من منتجاتها الرئيسة، بحاجة إلى منتج جديد للإبقاء على دعم المستثمرين والمعجبين. وقال رئيس تحرير موقع «ماك رومرز»، إريك سليفكا، أن «أبل» تحتاج إلى فئات جديدة من المنتجات، وأشار إلى الأحاديث الطويلة حول «تلفزيون أبل»، واتجاه الشائعات الآن بقوة إلى ساعة «آي ووتش» والأجهزة التكنولوجية القابلة للارتداء.
من جانبه، أشار هيث إلى ما يظهر من اتجاه «أبل»، ما لم تُحدث مشكلات في الإنتاج، للكشف عن أحد الأجهزة القابلة للارتداء بحلول نهاية العام الجاري، وقال: «ستدفع بسهم أبل للأعلى أو تحطمه. سيكون عام 2014 مثيراً للاهتمام للغاية».
وعموماً قد يكون من المبكر الحديث عن وداع «آيبود» نهائياً، فبعد ثلاث سنوات من غياب إصدارات جديدة من «ماك برو» قدمت «أبل» واحداً العام الماضي، إلا أن ذلك لا ينفي أن سوق مشغلات الموسيقى تشهد أيامها الأخيرة.