دراسة تُطوّر خوارزمية لتحسين معدل إعادة نشر التغريدات في «تويتر»
يُنظر إلى مواقع الإعلام الاجتماعي، مثل «تويتر»، باعتبارها وسيلة فعالة لنشر وترويج المعلومات الجديدة سواءً في الظروف العادية أو خلال الطوارئ، من خلال إعادة التغريد أو «ريتويت»، لكن ما الذي يدفع مستخدمي «تويتر» لإعادة نشر التغريدات التي تصلهم من غرباء في بعض الأحيان، وتجاهلها في أحيان أخرى؟ وهل يُمكن أن يستند ذلك إلى عوامل واضحة؟
سعت دراسة حديثة للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، وأجراها الباحث في قسم علوم الكمبيوتر في جامعة «ولاية أوتا» الأميركية، كيومين لي، بالتعاون مع باحثين في مركز أبحاث شركة «آي بي إم» في سان خوسيه بولاية كاليفورنيا.
وتمكن الباحثون من خلال دراسة سمات مستخدمي «تويتر»، من تحديد المستخدمين الذين يُحتمل أن يكونوا أكثر إقبالاً على إعادة نشر تغريدات تصلهم من غرباء، وكذلك تحسين معدل إعادة التغريدات «ريتويت» بنسبة وصلت إلى 680%.
واعتمدت الدراسة على فكرة أن مستخدمي «تويتر» عادةً ما يميلون إلى كتابة تغريدات في بعض أوقات اليوم دون غيرها، إضافة إلى الاستفادة من دراسة الملفات الشخصية للمستخدمين، وعاداتهم السابقة في كتابة التغريدات، والبحث عن أدلة تُشير إلى احتمال إقبالهم على إعادة تغريد أنواع محددة من المعلومات، ما يعني أن تحديد هؤلاء الأشخاص وتوجيه تغريدات إليهم في الأوقات التي يكونون أكثر نشاطاً خلالها، يزيد من فرص إعادة نشرهم لها.
وخلال الدراسة استهدف فريق البحث اختبار استجابة المستخدمين لنوعين من المعلومات، أولهما أخبار محلية في مدينة سان فرانسيسكو، والأخرى تتناول مرض «انفلونزا الطيور» الذي مثل قضية مهمة وقت إجراء الدراسة. وأنشأ الباحثون حسابات عدة في «تويتر» تحظى بعددٍ قليل من المتابعين، بغرض نشر معلومات عن الموضوعين. وفي المرحلة التالية، اختار فريق البحث مستخدمين لإرسال التغريدات إليهم. وفي ما يتعلق بالأخبار المحلية، بحث الفريق عن مستخدمي لموقع «تويتر» في منطقة خليج سان فرانسيسكو، ووجدوا ما يزيد على 34 ألف مستخدم، اختاروا منهم 1900 بطريقة عشوائية.
ووجه الباحثون تغريدة لكلٍ منهم تتضمن عنواناً قصيراً، ورابطاً للقصة، وطلباً لإعادة تغريدها لمتابعهيم. ومن بين 1900 شخص وصلت إليهم التغريدة، قام 52 منهم فقط بإعادة تغريدها، أي بنسبة 2.8%.
وفي ما يخص المعلومات عن مرض «انفلونزا الطيور»، بحث الفريق عن مستخدمين سبق لهم كتابة تغريدات عن الموضوع ذاته، وتوصلوا إلى 13 ألف مستخدم، اختاروا منهم أيضاً 1900 شخص بطريقة عشوائية. ومن بين هذا العدد قام 155 بإعادة إرسال التغريدة التي وصلتهم، ما يُمثل نسبة 8.4%.
وفي سبيل زيادة معدل إعادة نشر التغريدات، عاد الباحثون مجدداً إلى قائمة الأشخاص المختارين من مستخدمي «تويتر» لجمع المعلومات المتاحة عنهم علناً مثل الملف الشخصي، وعدد المتابعين، والأشخاص الذين يتابعونهم، وأحدث 200 تغريدة لهم، وما إذا كانوا قد أعادوا نشر التغريدة التي وُجهت إليهم في المرحلة السابقة أم لا.
واستخدم فريق البحث خوارزمية للتعلم الآلي للبحث عن ارتباطات في هذه البيانات قد تُرجح إقبال الشخص على إعادة نشر التغريدات، فبحثوا في ما إذا من المحتمل أكثر أن يُعيد الأشخاص من ذوي الحسابات الأقدم نشر التغريدات، وأثر النسبة بين الأصدقاء إلى المتابعين في ذلك.
كما انتبه فريق البحث للتأثير المُحتمل للكلمات الإيجابية والسلبية التي استخدموها في تغريداتهم السابقة، وسعوا لتحديد الأوقات التي يكون فيها الأشخاص أكثر نشاطاً في نشر التغريدات من خلال نموذج زمني يتنبأ بالوقت المتوقع لإعادة نشر التغريدات، وخلصوا من ذلك إلى خوارزمية للتعلم الآلي قادرة على تحديد المستخدمين الذين يُحتمل أن يُقبلوا على إعادة نشر التغريدات حول موضوع معين.
وأظهرت النتائج فاعلية الخوارزمية في تحسين مستوى إعادة التغريد «ريتويت»، فحين وجه فريق البحث تغريدات تحمل أخباراً محلية مع طلب بإعادة نشرها إلى مستخدمين جرى تحديدهم عن طريق الخوارزمية، قام 13.3% منهم بإعادة تغريدها، مقارنةً بـ 2.6% من الأشخاص الذين جرى اختيارهم عشوائياً.
وحقق فرق البحث نتائج أفضل حين جرى توجيه التغريدات في الأوقات التي كان فيها هؤلاء الأشخاص أكثر نشاطاً في الماضي، وارتفع معدل إعادة التغريد إلى 19.3%، ما يُمثل تحسناً بنسبة 600%.
وبالمثل، ارتفع معدل إعادة تغريد معلومات عن «انفلونزا الطيور» من 8.3% من المستخدمين المختارين بطريقة عشوائية إلى19.7% للمستخدمين الذين جرى اختيارهم عن طريق الخوارزمية. ويُعتبر مثل هذا التحسن مهماً للعاملين في التسويق، والساسة، والمؤسسات الناشئة الراغبة في نشر رسائلها الجديدة بسرعة.
وتطرقت الدراسة إلى الأسباب التي تدفع مُستخدمي «تويتر» لإعادة نشر تغريدة وجهها إليهم شخص غريب، وسأل الباحثون 50 شخصاً مُختاراً عشوائياً ممن قاموا بإعادة التغريدات خلال الدراسة، وتلقوا إجابات من 33 شخصاً منهم.
وتضمنت الأسباب موثوقية المعلومات، وتوجيه الرابط الموجود في التغريدة إلى موقع إعلامي ذي سمعة جيدة، وأيضاً ارتباطهم بالأخبار لحدوثها في منطقة محلية، كما ذكر بعضهم أن سبب إعادة نشرهم للتغريدات يرجع إلى أهميتها للمجتمع ولمتابعيهم.
وتُثير نتائج الدراسة سؤالاً حول إمكانية تطبيقها على نطاقٍ واسع لمساعدة المؤسسات والأشخاص في نشر رسائلهم عبر «تويتر»، مثل احتمال تطوير تطبيق يُتيح لأي شخص تحديد موضوع أو مجال اهتمام معين، ليُوفر له قائمة بالأشخاص المرجح اهتمامهم بإعادة نشر تغريدات حوله خلال الساعات المُقبلة.
وعلى الرغم من أن الباحثين لم يشيروا إلى أية خطط للاستخدام العملي للنتائج، إلا أن فكرة مثل هذه قد تجذب آخرين لتنفيذها.