تسهم في خفض معدلات الحوادث وتوفّر مزيداً من الراحة والرفاهية للإنسان
سيارات ذاتية القيادة كلياً اعتباراً من عام 2020
منذ نحو 60 عاماً، نشر الكاتب الأميركي، إسحاق أسيموف، قصة قصيرة عن سيارة ذاتية القيادة قادرة على التحكم بشكلٍ كامل في مسارها وحركتها في الشوارع، ويبدو أن ما تم اعتباره في ذلك الوقت ضرباً من الخيال، في طريقه ليكون واقعاً على الطرق، خلال السنوات المقبلة.
وتوفر الشركات الشهيرة المصنعة للسيارات في هذه الأيام سيارات قادرة على تنفيذ بعض المهام بشكل ذاتي، ما يُعتبر مقدمة لتطوير سيارات ذاتية القيادة بشكل كامل في المُستقبل، إذ تنتج شركة «مرسيدس - بنز» الألمانية سيارة من سلسلة S-Class، تنبه السائق عند انحرافها عن مسارها، أو عند اقترابها من السيارة التي أمامها، وفي حال عدم استجابة السائق لهذه التنبيهات، فإن السيارة تحرف الدواليب وتعود إلى الوضع المستقر، أو تطبق الفرامل.
ويتجه معظم مصنعي السيارات نحو إجراء أبحاث في مجال السيارات ذاتية القيادة، إيماناً منهم بأن توافر مثل هذه السيارات سيُسهم حتماً في خفض مُعدلات الحوادث، إضافة إلى توفير مزيد من الراحة والرفاهية للإنسان، إذ وعد الرئيس التنفيذي لشركة «نيسان موتور» اليابانية، كارلوس غصن، بأن شركته ستوفر بحلول عام 2020 سلسلة كاملة من السيارات ذاتية القيادة، وليس سيارة واحدة.
وتستثمر شركة «فولفو» السويدية كذلك في مجال السيارات ذاتية القيادة، إذ تختبر نحو 100 سيارة ذاتية القيادة بتسييرها في شوارع مدينة جوثينبيرغ السويدية، لكن هذه الاختبارات تحتاج إلى وقت طويل نسبياً قبل التأكد من موثوقية هذه السيارات، وذلك حسب قائد مشروع السيارة ذاتية القيادة لدى «فولفو»، إيريك كويلنج.
وتوقع كويلنج أن تُطرح سيارات «فولفو» ذاتية القيادة رسمياً في الأسواق بعد 10 أعوام، وأن تحقق حصة سوقية عالية بعد 20 عاماً.
وتختبر شركة «غوغل» منذ فترة نموذجها للسيارة ذاتية القيادة بإدخالها تعديلات على سيارات مصنعة من قبل «تويوتا» و«ليكزس» اليابانيتين، إذ اختبرت هذه السيارات لآلاف الأميال على طرق «ماونتن فيو» بولاية كاليفورنيا الأميركية، وحي صغير حيث يقع مقرها على بعد 35 ميلاً تقريباً جنوب مدينة سان فرانسيسكو.
وتعتمد السيارة ذاتية القيادة من «غوغل» في المقام الأول على كاميرات تصوير وأجهزة استشعار الرادارات، فضلاً عن أشعة الليرز وقاعدة بيانات تم جمعها من سيارات تقليدية للمساعدة في الملاحة.
وطورت «غوغل»، أخيراً، برنامجها للسيارة ذاتية القيادة، عبر تحسينه ليصبح قادراً على رصد مئات الأجسام المستقلة في وقت واحد من مشاة وحافلات وعلامات توقف معلقة عند تقاطعات الطرق، أو سائق دراجة هوائية يُصدر إشارات توحي بأنه قد ينعطف، وذلك حسب ما أشار مدير مشروع السيارات ذاتية القيادة لدى «غوغل»، كريس أورمسون.
وكانت «غوغل» كشفت، نهاية مايو الماضي، عن تصميمها الخاص بسياراتها ذاتية القيادة، التي ستعمل على نقل الركاب دون وجود عجلة قيادة أو دواسة وقود، وتتسع السيارة حسب التصميم لراكبين فقط، وتتم قيادة السيارة كلياً بواسطة كمبيوتر يعتمد على مجموعة متنوعة من الحساسات المثبتة على المركبة.
وتُخطط الشركة لاختبار نحو 100 نسخة تجريبية من تصميمها للسيارة ذاتية القيادة بهدف اختبارها، خلال الصيف الجاري، على أن تأتي مزودة بأدوات تحكم يدوية بهدف التعامل مع أي خطأ قد يحدث أثناء التجريب.
وستدعم السيارات ذاتية القيادة ميزة المُشاركة، وذلك حسب قائد مشروع السيارة ذاتية القيادة لدى «مرسيدس» في مدينة شتوتغارت الألمانية، رالف هيرتويتش، أي سيكون باستطاعة هذه السيارة توصيل أحد مستخدميها إلى مكان ما، ثم الذهاب لأخذ مستخدم آخر إلى المكان المطلوب، وهو ما يعد أمراً مغرياً للكثير من الأشخاص، لكنه في المقابل يشكل تهديداً مباشراً لعشرات ملايين الأشخاص الذين يمتهنون قيادة السيارات، إذ إن توافر مثل هذه السيارات يعني الاستغناء عن خدماتهم.
وسيتم الوصول تدريجياً إلى السيارات ذاتية القيادة، إذ ستشهد السنوات القريبة المقبلة طرح طرازات توفر مزايا تجعل سياراتها ذاتية القيادة بشكل جزئي، وذلك حسب مؤسس ورئيس شركة Peloton Technology، جوش سوايتكس، التي تعمل على تطوير شاحنات ذاتية القيادة، والذي نبه إلى بعض المخاطر التي ستأتي مترافقة مع السيارات ذاتية القيادة جزئياً، منها المشكلات التي تنجم عن قلة انتباه السائق، ففي حال أن السيارة تقوم بالقيادة ذاتياً بشكل جزئي، فإنها قد تحتاج في مرحلة ما إلى تطبيق فرامل مفاجئ بشكل يدوي من قبل السائق، ومن المحتمل أن يكون السائق غير منتبه بسبب اعتماده على السيارة في القيادة، ما قد يتسبب في تأخر تدخله أو عدمه، وبالتالي احتمال وقوع حادث سير.
ولتجنب مثل هذه المشكلات، زودت «مرسيدس» إحدى سياراتها من سلسلة S-Class بنظام لتنبيه المُستخدم في حال ابتعدت يداه عن عجلة القيادة لأكثر من 10 ثوانٍ.
كما أشار «سوايتكس» إلى بعض الأمثلة التي يعتبر تدخل الإنسان فيها أمراً حتمياً، مثل وقوع حادث مفاجئ بين سيارتين بجوار السيارة ذاتية القيادة، فإن السائق يرى حالة الطريق، ويستطيع التدخل وتحريك سيارته بالشكل الأنسب لتفادى الاصطدام معهما.