المنازل الذكية تثير مشكلات الخصوصية وكشف بيانات المستخدمين
يحلم العديدون بالعيش ضمن ما يُسمى المنازل الذكية smart homes، إذ إن من شأن هذه المنازل أن توفر راحة ورفاهية ليس لهما مثيل، عن طريق تسهيل الكثير من الأمور، واختصار المهام التي يقوم بها الإنسان عادةً في منزله.
فعند وصول الشخص إلى منزله الذكي، يُفتح باب مرآب السيارة تلقائياً، وبعد دخول المنزل، يتم ضبط حرارة غُرف المنزل، وإنارتها بالشكل المُفضل، وغير ذلك من الأمور التي من شأنها جلب درجات عالية من الرفاهية، وتتطلب هذه المنازل توافر تجهيزات منزلية ذكية قادرة على التخاطب في ما بينها.
ومن المشكلات التي تُعيق الوصول إلى منازل ذكية حقيقية، هي عدم توافر أجهزة مُتصلة قادرة على التفاعل في ما بينها بتلك الطريقة المميزة، إذ تأتي التجهيزات الذكية من مُصنِعين مُختلفين، ما يجعلها غير قادرة على التخاطب مع بعضها.
واتخذت شركة «غوغل» الأميركية، أخيراً، خطوات مهمة للوصول إلى منازل ذكية بالكامل، من خلال استحواذها على شركة «نست» Nest، بصفقة بلغت قيمتها 3.2 مليارات دولار (11.75 مليار درهم)، وهي شركة تشتهر بصناعة أجهزة تحكم في حرارة المنزل «ترموستات» Thermostat ذكية قابلة للتعلم تلقائياً، وهي قادرة مع مرور الوقت على فهم طبيعة المنزل، ومعرفة متى يتوجب تشغيل أجهزة التكييف أو إيقافها.
وأعلنت «غوغل»، يونيو الجاري، عن استحواذها على «دروبكام» Dropcam، وهي شركة ناشئة مُتخصصة في مجال تصنيع كاميرات المُراقبة المُتصلة بالإنترنت.
وكشف مؤسس «نست»، مات روجرز، عن نية الشركة دمج تقنيات وكاميرات «دروبكام» مع «ترموستات» Thermostat وأنظمة إنذار الحريق من «نست»، في وقت أعلن فيه خلال الأسبوع الماضي عن واجهة برمجية تطبيقية API، لتسمح للمطورين بطرح برمجيات وعتاد صلب متوافقين مع مُنتجات «نست».
ويتوقع مُراقبون أن تتحول الواجهة البرمجية، التي تعمل على تطويرها شركة «نست»، إلى ما يُشبه نظام تشغيل تستخدمه العديد من الشركات المُصنعة للتجهيزات المنزلية الذكية، ما من شأنه أن يوفر قابلية في التخاطب بين الأجهزة، إذ تُعتبر «نست» من أشهر شركات صناعة تجهيزات المنزل الذكي، وبالتالي فإن شركات صناعة مثل هذه الأجهزة ستتسابق إلى تطوير أجهزة متوافقة مع أجهزة «نست»، لزيادة أرباحها.
ويُعرف عن شركة «غوغل»، المالكة الحالية لشركة «نست» استغلالها بيانات مُستخدميها، لتوجيه إعلانات إلى أجهزتهم اللوحية وهواتفهم المحمولة، وبالتالي، فإن دخول شركة مثل «غوغل» إلى منازل المُستخدمين عبر التجهيزات المنزلية الذكية، يعني أن الشركة حصلت على نافذة جديدة، تتعرف من خلالها إلى حياة مُستخدميها الشخصية.
وأشار جون ماتيرلي، مؤسس خدمة «شودان» Shodan - وهي خدمة تُشبه مُحرك بحث للأجهزة المُتصلة بالإنترنت - إلى أن «غوغل» تبرع في الاستفادة من بيانات مُستخدميها في أغراضٍ تجارية، ومن المُمكن أن تكرر الشركة التجربة نفسها، لكن هذه المرة عبر حياة المُستخدمين الشخصية في منازلهم، وهو أمر يجعل من خصوصية المُستخدمين أمراً على المحك.
وعندما تم الإعلان عن صفقة استحواذ «غوغل» على «دروبكام»، أكدت «غوغل» أن سياسة الخصوصية الخاصة بها ستحمي مُستخدميها، إذ لن تتم مُشاركة معلوماتهم مع أيٍ كان دون موافقة المُستخدم، لكن الرئيس التنفيذي لشركة ناشئة تدعى Neura، تقدم حلولاً في مجال الأجهزة المنزلية المُتصلة بالإنترنت، جايلاد ميراي، توقع أن تقنع «غوغل» تدريجياً المُستخدمين ضمن منازلهم الذكية، بتزويدها ببيانات عن حياتهم الشخصية.
يُذكر أن شركة «نست» أشارت، خلال الإعلان عن واجهة API الجديدة، أن «غوغل» ستوفر حديثاً أدوات للتفاعل مع مُستخدمي «نست»، تطلب منهم السماح بمشاركة بياناتهم، فعلى سبيل المثال، يُمكن الاستفادة من خدمة «غوغل ناو»، لمعرفة موعد وصول المُستخدم إلى منزله لتقوم «نست» بتعديل حرارة المنزل بالشكل المطلوب.
بدوره، نبه الناشط لدى «مؤسسة الحدود الإلكترونية» Electronic Frontier Foundation، آدي كامدار، إلى أن المنازل الذكية ستتسبب في مشكلات تتعلق بخصوصية قاطنيها، مشيراً إلى أن ما يتم دفعه من أموال، للحصول على حلول في مجال المنازل الذكية، سيتحول إلى مصدر معلومات يمكن استخدامه في مجالات إعلانية على سبيل المثال.
يشار إلى أن تسريبات المُتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية، إدوارد سنودن، تحدثت عن إمكانيات تسمح للوكالة بالوصول إلى بيانات مُستخدمي الشركات الكبرى على غرار «غوغل»، وأصبح محتوى بيانات مُستخدمي «غوغل» متنوعاً أكثر بعد استحواذها على شركة «نست»، إذ وصلت «غوغل» بعد عملية الاستحواذ هذه إلى منازل المُستخدمين مُباشرةً، ما يجعل من خوادم «غوغل» هدفاً مُغرياً لجهات حكومية عدة.