تطوير روبوت منزلي قادر على فهم اللغة الطبيعية وتنفيذ الأوامر
دخلت الروبوتات حيز الاستخدام في حياة البشر على نطاق واسع، إذ يستفيد الإنسان منذ عقود عدة من خدماتها، فهي تعمل إلى جوار الإنسان بالمعامل لتسهم في تسريع عمليات الإنتاج وتحسين جودته، وفي المستودعات الضخمة، وفي مجال الأبحاث، كثيراً ما تُستخدم للتصوير وإجراء الاختبارات وجلب العينات من الفضاء.
ويستفيد الإنسان كذلك من الخدمات التي تقدمها الروبوتات في المجال الطبي، إذ تم تطوير روبوتات يتحكم فيها الإنسان لتجري العمليات الجراحية بدقة بالغة، في مكان وجود الطبيب أو بعيداً عن مكان وجوده بآلاف الأميال.
ويعمل العلماء مُنذ سنوات عدة على تطوير روبوتات شبيهة بالتي تظهر في أفلام الخيال العلمي، أي أنها قادرة على تلقي الأوامر من الإنسان، وفهم ماذا يُريد منها أن تفعل، ومن ثم تنفيذ التعليمات كأي إنسان طبيعي.
فعلى سبيل المثال، لو طلب الإنسان من الروبوتات تحضير كرات من البوظة، يتوجب على الروبوت أن يفهم أولاً ما هي البوظة، وأين هو مكان وجودها، وكيفية فتح علبة البوظة، وطريقة تحضير كرات البوظة ومسكها، والتأكد من أنها جيدة القوام، ومن ثم وضعها في كأس مناسب، وهذا يعني كذلك أن على الروبوت أن يعرف ما هو الكأس، وأين توجد الكؤوس، وكيفية مسكها.
ويعمل باحثون من جامعة «كورنيل» Cornell على تعليم الروبوت ترجمة اللغات الطبيعية، والاستجابة لها وتحويلها إلى أفعال، وقد نجحوا في ذلك، إذ تمكنوا من تطوير الروبوت PR2 الذي يستطيع تحضير كُرات البوظة وجلبها للإنسان عند طلبه لها.
وتم تطوير الروبوت من قبل مُختبرات Ashutosh Saxena، التي وفرت للروبوت PR2 قُدرات على التعلم وإمكانات للمحاكاة المنطقية بشكل يسمح للروبوت باستنتاج المطلوب منه تنفيذه في حال لم تكن الأوامر واضحة بالشكل الكافي.
ويأتي الروبوت PR2 مُزوداً بكاميرا ثُلاثية الأبعاد تمسح البيئة المُحيطة به وتتعرف إلى الأجسام فيها، وذلك بالاستفادة من برنامج خاص تم تطويره سابقاً في مختبرات Saxena، كما تم تدريب الروبوت على الربط بين الأشياء والوظائف التي يُمكن تسخيرها لأدائه.
فمثلاً يتم تدريب الروبوت على أنه يُمكن استخدام المقلاة عبر صب السوائل بداخلها أو بالعكس، وأنه يُمكن وضع أشياء مُحددة على الموقد واستخدامه للتسخين، وبالتالي فإن الروبوت يستطيع التعرف إلى المقلاة ومسكها، وتحديد مكان صنبور المياه، والاستجابة للتعليمات الموجهة إليه من قبل الإنسان.
وفي حال طلب الإنسان من الروبوت أن يسخن المياه، يسخنها الروبوت باستخدام الموقد أو فرن المايكروويف، إذ يختار الجهاز غير المشغول منهما لاستخدامه في تنفيذ المهمة، ويستطيع الروبوت تنفيذ الأوامر داخل أي مطبخ حتى لو تم تغيير أدوات وتجهيزات المطبخ.
واستخدم العلماء في مُختبرات Saxena تقنيات حاسوبية تُسمى «تعليم الآلة» machine learning، لتعليم حاسب التحكم الرئيس الخاص بالروبوت كيفية ربط الأوامر مع وظائف معينة ليتم تنفيذها بسهولة.
ولتعليم الروبوت، تمت تغذيته بمقاطع فيديو رسومية تتم فيها محاكاة الأفعال التي ينفذها الإنسان مقرونةً بأوامر صوتية من مُتحدثين مُختلفين، ليخزن الحاسب هذه النماذج ويتعلم منها، ويقارنها مع الأوامر التي يتلقاها ليختار النموذج المناسب منها ويتبع الخطوات الواردة فيها.
وفي حال تلقى الروبوت PR2 أوامر على غرار «خُذ الإبريق إلى الموقد» أو «احمل الإبريق إلى الموقد» أو «ضع الإبريق على الموقد»، فإن الروبوت يحسب الاحتمالات المُمكنة ويقارنها مع ما تعلمه من قبل، لينفذ المهمة بعد فهمها بالشكل المطلوب، حتى ولو تغيرت الطريقة اللغوية التي لجأ إليها الإنسان لدى طلبه.
ويستطيع الروبوت PR2 تنفيذ الأوامر المطلوبة منه بدقة عالية لنحو 64% من الوقت، وأشار الباحثون إلى أن درجة الخطأ لدى الروبوت ستتناقص تدريجياً مع مرور الوقت، إذ يتابع العلماء تدريبه وتزويده بمزيد من النماذج الضرورية لتعليمه المزيد من المهارات.
ويتم تطوير الروبوت ليكون من فئة الروبوتات المنزلية، أي لتلقي الأوامر من المُستخدم ومساعدته على تحضير حاجاته، لكن قد تصل كلفة النُسخة التجارية منه إلى نحو 400 ألف دولار، وستكون هذه النُسخة قابلة للتعليم بطرق عدة، منها ما يستلزم تدخل المُستخدم مُباشرة على غرار أن يقول المُستخدم لروبوته: «هذه بوظة» و«هذا كأس مُخصص للبوظة»، وهكذا، أو من خلال ربطه بقاعدة بيانات سحابية يأخذ منها الروبوت العديد من المعلومات الضرورية.
وإضافة إلى مجموعة المهام المتعلقة بتحضير الطعام، فإن PR2 يتمتع بمهارات إضافية مثل إمكانية تعليمه لعب البلياردو، والقراءة، وفتح الأبواب وحمل الأغراض.