مدرسة أميركية لا تقيد طلابها بالحضور أو بالبقاء في فصول مغلقة طيلة اليوم

الأجهزة المحمولة والإنترنت تحرران التعليم من قيود المدارس التقليدية

صورة

يحظى موضوع التقنيات الجديدة المستخدمة في التعليم بكثير من الاهتمام، ولا يقتصر النقاش الجاري على الاختيار بين الحواسيب اللوحية أو المحمولة داخل الفصول الدراسية، أو الاكتفاء بالطرق التقليدية، بل يمكن لاستخدام الشبكات اللاسلكية والأجهزة المحمولة أن يهدم جدران الفصول الدراسية أساساً، ليحرر التعليم تماماً من قيود المدرسة التقليدية وتحديد وقت للدراسة واتباع الطريقة نفسها التي يتعلم بها الطلاب منذ عقود.

وتحاول مدرسة «إيه بلس أنليمتيد بوتنشال» A Unlimited Potential في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية، تقديم نموذج لمدرسة غير تقليدية لا تقيد طلابها بالحضور أو بالبقاء في فصول مغلقة طيلة اليوم. وبدلاً من ذلك يتلقى طلاب المدرسة المتوسطة، البالغ عددهم 40 طالباً، دروسهم في أماكن مختلفة مثل المقاهي.

ويحدد الطلاب منهجهم الدراسي من دون الالتزام بكتب دراسية مطبوعة، وبدلاً من ذلك يعتمدون على الحواسيب المحمولة، ويستعينون بشبكات الإنترنت اللاسلكية المتاحة مجاناً للتعاون في تحرير النصوص، أو يزورون حدائق المدينة لالتقاط الصور للزهور البرية ثم البحث عن معلومات عنها في الإنترنت. ويمضي طلاب المدرسة نحو نصف وقتهم في الأنشطة الخارجية، ويجلسون بقية الوقت في مساحات مُستأجرة في منطقة المتاحف بالمدينة.

وتمثل مدرسة «إيه أنلمتيد بوتنشال» في عامها الدراسي الثاني جزءاً من مجموعة تجارب تجري في مختلف الولايات، وفي هذا النموذج يقضي الطلاب وقتاً أقل داخل الفصول الدراسية، وأحياناً تغيب الفصول الدراسية التقليدية تماماً بما يكسر القيود التي يفرضها تحديد مكان ووقت وأسلوب التعلم.

ويزعم مناصرو هذا النهج إمكانية أن تؤدي الأجهزة المحمولة والشبكات اللاسلكية إلى إعادة تعريف التعليم من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية، وإلى رفع مستوى الطلاب بجعل التعليم أكثر متعة، وفي الوقت نفسه تقلل تكاليف الإدارة والمرافق التي تتطلبها المدارس التقليدية.

وفي المقابل، يرى خبراء في التعليم ومسؤولون في المدارس وجود حدود لهذا النموذج التعليمي، لافتين إلى أن بعض الطلاب لا يتوافر لديهم إمكانية استخدام الأجهزة المحمولة باستمرار.

كما أنه لا يمكن التقليل بحالٍ من أهمية دور المعلم، ففي غياب معلم جيد يدرك كيفية استخدام هذه الأجهزة بكفاءة كأدوات تعليمية، ستصبح عديمة الفائدة. وقالت مدربة التعلم في مدرسة «إيه أنلمتيد بوتنشال»، سيسلي بنوا، إن «التكنولوجيا رائعة، لكن ليس بإمكانك استبدال الاتصالين البشري والمادي».

وفي حين لاتزال المدارس مثل «إيه أنلمتيد بوتنشال» محدودة العدد، تنال الجهود الرامية إلى دمج الأجهزة المحمولة في بنية الفصول الدراسية التقليدية الكثير من القبول. وحسب استطلاع أجرته مؤسسة «بروجكت تومورو» غير الربحية وشمل نحو 2600 من مديري المدارس الأميركية، خططت 10% من المدارس عام 2013 للسماح للطلاب باستخدام أجهزتهم الإلكترونية الخاصة في التعلم، مقارنةً بنسبة 3% فقط في عام 2010.

ومع هذا الإقبال على الاستعانة بالتكنولوجيا في التعليم، وما تظهره دراسات من إسهامها في زيادة اهتمام الطلاب التعلم، لم يتضح بعد تأثيرها على التحصيل الدراسي، وفق مدير «مركز ابتكار التكنولوجيا» في «معهد بروكينجز»، داريل ويست الذي قال إن «الأبحاث غير حاسمة».

ويدرس باحثون في «كلية الدراسات العليا للتربية» في «جامعة هارفارد» الأميركية دور الأجهزة المحمولة في مساعدة الطلاب على التعلم في مشروع يحمل اسم «إيكوموبيل» Ecomobile تموله «المؤسسة الوطنية للعلوم» في الولايات المتحدة.

وفيه يجرب نحو 1500 طالب من الصف الخامس إلى الثامن في كل من مدينة ماساتشوستس بولاية جورجيا ونيويورك استخدام عدة نظم تسترشد بالهواتف الذكية المزودة بخاصية تحديد المواقع الجغرافية لتشير للعناصر غير المرئية. وقد يوجه الهاتف الطالب إلى منطقة ترتادها الحيوانات الليلية، ومن ثم يعرض معلومات عن حيوان الراكون بما في ذلك مقاطع فيديو للحيوان صورت بتقنية الرؤية الليلية.

وقالت مديرة أبحاث في مشروع «إيكوموبيل»، إيمي كامارنين، إن ذلك يساعد الطلاب على تحويل ما يتعلمه الطلاب في المدرسة ليصبح أمراً نافعاً جداً على المستوى الشخصي.

وفي نموذجٍ آخر لمدارس تحاول تقليل الوقت الذي يقضيه التلاميذ داخل الفصول الدراسية، يحضر تلاميذ مدرسة «نيكزس أكاديمي» الثانوية في ولاية ميشيغان إلى المدرسة أربع ساعات في اليوم لأربعة أيام أسبوعياً. والمدرسة واحدة من سبع مدارس مستقلة تديرها وحدة تابعة لشركة «بيرسون» للتعليم. كما أن المدارس المستقلة أو ما يعرف باسم Charter School هي مدارس غير هادفة للربح تتلقى تمويلاً حكومياً محدوداً، وتتمتع بحرية أكبر في نظام إداراتها.

وترى الطالبة في «نيكزس أكاديمي»، أليكس بيكر، أن جدول الدراسة المرن يتيح لها قضاء مزيد من الوقت في ممارسة الرقص. وتدرس المدرسة بعض المناهج عبر المؤتمرات عن طريق الفيديو أو الدوائر التلفزيونية المغلقة مع وجود التلاميذ في صالات داخل المدرسة، ويمكن للمعلمين الاستعانة بـ«روبوت» ينقل وجوه وأصوات التلاميذ على الشاشة حال شعورهم بالخجل أو حاجتهم لمساعدة إضافية.

وبالنسبة لمدرسة «إيه أنلمتيد بوتنشال»، تعطي الأنشطة الخارجية مجالاً أوسع لتوسيع خبرات الطلاب من خلال التنقل في العديد من الأماكن واكتشاف المدن التي يعيشون فيها وركوب المواصلات العامة.

وقالت الطالبة لايشا تشابا (12 عاماً) التي تدرس في الصف الدراسي السابع «نجرب العديد من الأشياء أكثر من مدرستنا القديمة».

وفي ما يتعلق بتأثير الأسلوب في تحصيل الطلاب ومستواهم التعليمي، يقول مسؤولو المدرسة إن هذه الطريقة تحسن الأداء الأكاديمي. وأظهرت نتائج «اختبار ستانفورد للتحصيل»، الذي يستخدم على مستوى أميركا، تحقيق أكثر من نصف طلاب المدرسة درجات تقع في النصف العلوي من التقييم في مادة الرياضيات بنهاية العام الدراسي الماضي مقارنة بنسبة 29% في بداية العام. ويتضح التفوق أكثر في القراءة، فحصل 66% من الطلاب على درجات في النصف العلوي من التقييم مقارنةً بنسبة 35% سابقاً.

ولا تحصل مدرسة «إيه أنلمتيد بوتنشال» رسوماً من الطلاب، وتصل كلفة تعليم الطالب الواحد إلى 9000 دولار في العام، ويعتقد المسؤولون في المدرسة بإمكانية تقليل هذه الكلفة مع التحاق المزيد من الطلاب بالمدرسة. وتتلقى مؤسسة «هيوستن إيه تشالنغ» غير الربحية Houston A Challenge الداعمة للمدرسة تبرعات من جهات عدة منها «مؤسسة براون» وسلسلة متاجر البقالة «إتش إي بي»، وتسعى المدرسة حالياً إلى الانضمام للمدارس المستقلة.

 

تويتر