تمثل حلاً اقتصادياً فاعلاً لتوعية الوالدين بأهمية التحدث إلى أولادهما بانتظام
نصائح للآباء عبر الرسائل النصية تحسّن مهارات القراءة لدى أطفالهم
أشارت دراسة أجريت في جامعة «ستانفورد» الأميركية، العام الماضي، إلى فارق في مستوى اللغة والتعرف إلى الكلمات بين أطفال العائلات الثرية وأقرانهم الذين ينشأون في عائلات أقل دخلاً.
لكن دراسة أميركية حديثة تشير إلى إمكانية أن تُوفر الرسائل النصية القصيرة للهواتف المحمولة حلاً اقتصادياً وفاعلاً لتوعية الآباء والأمهات بأهمية القراءة لأطفالهم، والتحدث إليهم بشكل منتظم.
وخلصت الدراسة، التي كشف عنها «المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية»، إلى أن الأطفال الذين تلقى أباؤهم رسائل تتضمن نصائح حول القراءة للأطفال ومساعدتهم على نطق الحروف والكلمات، كان أداؤهم أفضل في اختبارات القراءة والكتابة، مقارنة بأقرانهم ممن لم يتلقَّ آباؤهم مثل هذه الرسائل.
وحالياً تتكرر نصائح أطباء الأطفال للوالدين بالقراءة للأطفال منذ ميلادهم بمعدل يومي.
وتوفر بعض الجمعيات مناهج أكاديمية لمشاركتها مع الآباء في المنازل، وتتجه أخرى لتقديم حملات إعلامية لتوعية الآباء بأهمية القراءة للأطفال، والتحدث إليهم، والغناء لهم.
لكن تواجه مثل هذه الجهود مشكلة؛ فأحياناً تصل للآباء في غير الأوقات التي يُحتمل فيها تطبيقهم لهذه النصائح عملياً.
واعتبر الأستاذ المساعد المتخصص في السياسة العامة في جامعة «هارفارد»، تود روجرز، أن الأمر لا يقتصر على مجرد نقل الرسائل إلى الآباء والأمهات، وإنما تقديمها في وقت مناسب لتذكيرهم بأشياء يعرفونها بالفعل، ويعتزمون القيام بها.
وشارك في إعداد الدراسة طالب الدكتوراه في جامعة «ستانفورد»، بنيامين يورك، وأستاذة التعليم في «ستانفورد»، سوزانا لوب، وتتبع الباحثان 440 عائلة تضم أطفالاً في الرابعة من العمر، في مرحلة ما قبل المدرسة ضمن «منطقة المدارس الموحدة في سان فرانسيسكو» العام الماضي، وكان معظم الآباء من ذوي الدخول المنخفضة.
وعلى مدى ثمانية أشهر، تلقى نصف الآباء رسائل ثلاث مرات أسبوعياً تتضمن نصائح، مثل التركيز على نطق الحروف في بداية الكلمات، وأخرى تحثهم على ترك الطفل يُمسك الكتاب، وتتبع الكلمات بالإصبع أثناء القراءة للطفل.
وشارك في إعداد الرسائل المديرة التنفيذية لفرع منطقة خليج سان فرانسيسكو لمؤسسة «رايزينغ ريدر» Raising a Reader، مولي فيرتس، التي تعد مؤسستها غير هادفة للربح، ومهتمة بتوزيع الكتب على العائلات ذات الدخول المنخفضة، إلى جانب خبيرة القراءة في جامعة «سان فرانسيسكو»، هيلين مانياتس.
وفي المقابل، تلقى النصف الآخر من الآباء والأمهات رسالة واحدة كل أسبوعين تتضمن معلومات بسيطة حول الالتحاق برياض الأطفال، والتحصينات الطبية.
وأشارت رئيسة التعليم المُبكر «منطقة المدارس الموحدة في سان فرانسيسكو»، كارلا براينت، إلى تفهمها دور الرسائل القصيرة في تحفيز الأسر، بتذكيرها بأمور كالتحدث إلى الأطفال.
وبحسب الدراسة، أشار الآباء والأمهات الذين تلقوا رسائل نصية حول القراءة للأطفال إلى ترديدهم الكلمات بطريقة مُقفاة، ووصفهم الصور التي تتضمنها الكتب لأطفالهم بمعدل يفوق الآباء الذين تلقوا رسائل عامة.
ومع عدم إطلاع المعلمين على انتماء الآباء لأيٍ من المجموعتين ونوعية الرسائل التي تلقوها، قال المعلمون إن الآباء الذين وصلتهم نصائح حول القراءة والكتابة كانوا أكثر ميلاً لطرح الأسئلة عن دروس أطفالهم.
كما أظهر خوض الأطفال اختبارات الحروف وتمييز الأصوات أن الأطفال الذين استقبل آباؤهم رسائل حول القراءة والكتابة يتقدمون على أقرانهم ممن تلقى آباؤهم معلومات عامة فقط، بمعدل يراوح بين شهرين وثلاثة أشهر.
ويتميز استخدام الرسائل النصية القصيرة بالكلفة المنخفضة، فنظراً إلى أن 80% من الأسر المُشاركة تتمتع بخطط غير محدودة للرسائل النصية، تكلف البرنامج أقل من دولار واحد لكل طفل، وهي كلفة زهيدة، خصوصاً عند مقارنتها بكلفة برامج الزيارات المنزلية للآباء التي قد تصل إلى 10 آلاف دولار لكل طفل، وتتطلب تكريس العائلات وقتاً معتبراً خلال فترة مكثفة.
في السياق نفسه، تسعى محاولات أخرى لتشجيع القراءة والكتابة في سنٍ مُبكرة بالاعتماد على إيصال الرسائل النصية إلى العائلات منخفضة الدخل، منها مبادرة Too Small To Fail، التي تُشارك فيها مؤسسة «نكست جينريشن»Next Generation، غير الهادفة للربح، إلى جانب مؤسسة «كلينتون».
وتهدف المبادرة إلى التغلب على الفجوة اللغوية في الولايات المتحدة، وتتعاون مع مؤسسة «تكست فور بيبي» Text for Baby، غير الربحية، المعنية بإرسال نصائح للوالدين حول الرعاية الصحية، وتتطلع المبادرة إلى إضافة نصائح تتعلق بالتحدث مع الأطفال والغناء والقراءة.
وقالت مديرة مبادرة «تو سمول تو فيل»، آن أوليري: «لم تتوافر لدينا تقنية للوصول للآباء على هذا النطاق الواسع في بداية الثمانينات، لم يكن لدينا دليل عن العلوم السلوكية، وكيف يُمكن لجميع هذه الدفعات الصغيرة أن تُؤثر».