الخرائط واتجاهات المستقبل

بات الوصول إلى الخرائط يتطلب النظر إلى الهاتف فقط. من المصدر

شهدت الأعوام القليلة الماضية ظهور خرائط حصرت اهتمامها في موقع الفرد، وربما تشهد الأعوام القليلة المقبلة خرائط تُضيق رؤيتها أكثر وأكثر لتقتصر على وجهة نظر الشخص. ومع ابتكارات مثل نظارة «غوغل غلاس»، يسهل تصور مسار ملون أمام عيني الناظر يعرض الاتجاه من شارع إلى آخر، ويُقلل المسافة بينهما كما لو كانت خطاً على خريطة، ومع فائدة هذه الاتجاهات وفاعليتها إلا أنها قد تُفقد الشخص إحساسه ذهنياً بالمدينة إجمالاً.

وكالمعتاد في كثير من الأحيان، يعقب ظهور الاتجاهات الجديدة ردود فعل معاكسة؛ فشهد تصاعد استخدام خرائط المناطق الحضرية في القرن الـ19 تصاعداً مُقابلاً للتجول من دون خطط مُسبقة في المناطق الحضرية، أي وُجد من يتبع الخرائط، ومن يستكشف المدن مُنفتحاً على المصادفات الطارئة من دون تخطيط؛ وبالمثل، وفي مواجهة التقدير الكبير حالياً لتعليمات التنقل، ربما يُوازيه انتعاش للتجول الحر، ولاسيما مع ظهور مُقابل مُشابه في بعض الألعاب التي تُوفر ما يُطلق عليه «محاكاة المشي»Walking Simulator.

وفي نهاية المطاف تبقى الخرائط سواء كانت ورقية أو رقمية، ساكنة أو تفاعلية، خالية.

وبالنسبة للشاعر الفرنسي شارل بودلير، فلا تكمن أهمية المدينة في منشآتها، وإنما في الأشخاص الذين يملأون جنباتها، وكما كتب في مقال «رسام الحياة الحديثة» عام 1863: «يدخل مُحب الحياة العالمية إلى الحشد، كما لو كان مخزوناً ضخماً من الطاقة الكهربائية». وفي الوقت الذي يُشجع البشر على تثبيت صورهم وكلماتهم على الخرائط، فإن الذكريات الفعلية أصعب من أن تُوصف بدقة، ويظل وصف الأشخاص وذكرياتهم أصعب كثيراً من رسم صور الشوارع والأزقة.

تويتر