الساعات الذكية ستشهد تطوّراً لافتاً خلال 5 أعوام

خلال الأسابيع القليلة المقبلة، سيصعب على المتابعين لمجال التقنية تجاهل الحديث عن ساعة «أبل ووتش» المرتقبة، التي سُتتيح شركة «أبل» طلبها مسبقاً ابتداءً من غدٍ.

ومن المرجح أن تتضمن التحليلات عبارات تصف المنتج الجديد بالساعة الأفضل مبيعاً في هذه الفئة، وعلامة مهمة في مسيرة «أبل»، ونقطة تحوّل في تاريخ الساعات الذكية.

وبغض النظر عن مزج هذه العبارات بين الحقيقة والحماس الزائد والإعجاب وحتى الدعاية، إلا أن المستقبل القريب للساعات الذكية قد يكون مختلفاً تماماً، دون أن ينتقص ذلك من مكانة «أبل» وغيرها من الشركات المصنعة للساعات الذكية الحالية، وجميعها تتقيد وفق درجات متفاوتة بالتصميمات والحدود التقنية ذاتها.

ويرى الكاتب المتخصص في العلوم والتقنية، كريستوفر ميمز، في مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن الأعوام القليلة المُقبلة ستشهد تطوّرات كبيرة في الساعات الذكية والأجهزة القابلة للارتداء، ما قد يعني أنه باستثناء المتحمسين والمشترين الأوائل، قد يرغب المستخدمون العاديون في تجنب هذه الفئة بأكملها خلال الفترة المقبلة.

ولفت ميمز إلى استقراره على هذا الرأي بعد حديث إلى العديد من المسؤولين عن المُستقبل المباشر للساعات الذكية، وغيرها من الأجهزة القابلة للارتداء، ولخصها بقوله: «إنه مُقارنةً بالأجهزة المحمولة، ستتطوّر الساعات الذكية بمعدلات أخاذة خلال فترة تراوح بين عامين إلى خمسة أعوام».

وقال مدير الهندسة في «أندرويد وير»، نظام التشغيل من «غوغل» للساعات الذكية، ديفيد سينغلتون: «في الوقت الراهن، هناك ابتكار هائل في تقنية شاشات الساعات الذكية»، وأضاف أن «التقنية المستخدمة في العام التالي ستُمثل تحسناً كبيراً، لافتاً إلى عجزه عن تحديد أيها سيتفوّق في غضون خمسة أعوام».

ولا يقتصر الأمر على تقنيات الشاشات التي تستخدم الساعات الذكية المختلفة أنواعاً عدة منها، بل يشمل أيضاً إمكانات المعالجات التي تتفاوت بين طرازٍ وآخر، وكذلك أدوات الاستشعار وتقنيات الإرسال. وجميعها مكونات تنتمي أصلاً إلى الهواتف الذكية.

وفي الواقع تُقدم الساعات الذكية الحالية إجابات مختلفة لسؤال واحد وهو: «أيٍ من أجزاء الهواتف الذكية سيكون من المعقول والعملي توفيرها حول معصم اليد؟»، ونظراً للتقدم السريع لإمكانات تصغير مكونات الهواتف، يعرض كل طراز من الساعات الذكية جواباً مختلفاً للسؤال، وبالتالي رأياً جديداً حول مهام الساعة الذكية.

وربما ما سيحل هذا الخلاف إقبال المستهلكين على اختيار الساعات التي توفر السمات التي يحتاجونها أكثر من غيرها. وبمضي الوقت ستصبح هذه السمات خصائص قياسية في الساعات الذكية بالتزامن مع اكتسابها المزيد من إمكانات جهاز آخر يحظى بالفعل بقبول المستخدمين، وهو الهاتف الذكي. وأشار سينغلتون إلى اعتقاده بالاقتراب من فئة الأجهزة القابلة للارتداء المستقلة بذاتها. وقد يعني ذلك مثلاً توفير ساعات ذكية يُمكنها التواصل مباشرة مع أبراج الاتصالات، وهو ما يتوافر حتى الآن في عدد قليل من الساعات التي تُعدّ أجهزة مُرافقة للهواتف الذكية.

وتُتيح «أبل ووتش» استخدامات محدودة دون وجود هاتف «آي فون» في نطاق يسمح بالاتصال بينهما عبر «بلوتوث»، وهو ما ينطبق على الساعات العاملة بنظام «أندرويد وير».

وفي هذا الاتجاه، يتقدم بعض مُصممي الساعات الذكية على غيرهم، ومثلاً صممت شركة «نيبتون» Neptune الناشئة في مدينة مونتريال الكندية ساعة «ذا دو» The Duo، وتهدف من خلالها إلى إنجاز مختلف الوظائف التي يُمكن لهاتف ذكي عادي يعتمد نظام تشغيل «أندرويد» تحقيقها، وأكثر من ذلك. وتتضمن «ذا دو» معالجاً مصغراً من الفئة المستخدمة في الهواتف الذكية في سوار ذكي أقرب منه إلى ساعة، وتتوافر على مكونات أخرى كالبطاريات الإضافية، وجميعها ضمن سوار صلب للمعصم متصل بوجه الساعة.

وقال ميمز: «إنه على الرغم من التعقيد الذي تبدو عليه الفكرة، رأى بعد تجربته لنموذج أولي لا يعمل من الساعة، أن كثيراً من الأشخاص قد يُقبلون عليها إذا ما نجحت (نيبتون) في الوفاء بوعدها الأكبر، وجعل الساعة الذكية في قلب استخدام المستهلكين للحوسبة».

وتستخدم الساعة تقنية باسم «وي جيغ» WiGig للتحكم لاسلكياً في أي شاشة مُتوافقة سواءً كانت بشكل وحجم هاتف ذكي أو حاسوب لوحي أو حاسوب محمول، أو غيرها من الأجهزة. ولا تمتلك هذه الشاشات معالجاً خاصاً، بل تكتفي بعرض ما تبثه الساعة إليها، كما تُتابع أي لمسة أو وسيلة أخرى للإدخال في الوقت الحقيقي، ما يجعل منها تفسيراً حرفياً لاعتبار الساعة الذكية والهاتف الذكي والحاسوب اللوحي نوافذ بأحجام مختلفة للمجموعة ذاتها من التطبيقات والخدمات.

أما بالنسبة لشركات مثل «أبل» و«غوغل» وغيرهما فلديها جميعاً أسباباً وجيهة لعدم الاتجاه حالياً إلى تقديم الساعات الذكية كحواسيب مكتملة. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «بيبل»، التي تُصنف ضمن أوائل المُساهمين في سوق الهواتف الذكية، إريك ميغكوفسكي: «إن أنشطة رائجة على الهواتف الذكية مثل الفيديو والإعلام الاجتماعي نمت من ناحية الحجم والإمكانات، خلال الأعوام الأخيرة، إلا أنها لا يُمكنها العمل على نحوٍ فاعل على الساعات الذكية».

وحتى في حال تمكنت الساعات الذكية من تخطي بعض القيود التي يفرضها حجمها الصغير، من خلال حلول مثل التحكم عبر الأوامر الصوتية، فلاتزال تتضمن الهواتف الذكية تقنيات فرعية عدة مُفيدة بدرجات متباينة، ولا يُمكن توفيرها لغاية الآن على الأقل، على شاشة جهاز واحد. واختتم ميمز مقاله بالإشارة إلى اعتقاده بحاجة المستخدم العادي إلى الانتظار بعض الوقت قبل اقتناء جهاز قابل للارتداء، فمن المؤكد أن الساعات الذكية التي تُقدمها «غوغل» و«أبل» وغيرهما من الشركات الكبيرة أو المبتدئة ستختلف جداً على مدى الأعوام القليلة التالية، وذلك بفضل تقنيات جديدة للشاشات ومعالجات شبيهة بالمستخدمة في الهواتف الذكية وسبل مستقلة للتواصل مع شبكات الاتصالات، بما يجعل الطرز الحالية بدائية وبالغة البساطة إذا ما قورنت بها، وهو تطوّر مماثل للتحسن التدريجي للهواتف الذكية، وإن كان يجري وفق معدل مختلف.

 

الأكثر مشاركة