السيارات «ذاتية القيادة» تهدّد صناعة تأمين السيارات
شهدت الشهور الأخيرة الماضية تصريحاتٍ متنوعة صدرت عن مشاهير في عالم الأبحاث والصناعة، على غرار الفيزيائي الشهير «ستيفن هوكينغ»، و«بيل غيتس»، وغيرهم من الذين تحدثوا عن مخاطر الذكاء الاصطناعي والـ«روبوتات» على مستقبل الإنسان وبقاء الجنس البشري.
فرص العمل
وقد لا تكون مخاطر هذه التقنيات مقتصرة على الآثار المباشرة، مثل التي تظهر أحياناً في أفلام الخيال العلمي التي تتحدث عن تمرد الـ«روبوتات» وسيطرتها على صانعيها البشر، بل قد تنعكس آثارها على فرص العمل لتتسبب في تحويل البشر إلى عاطلين عن العمل، وهو أمر توقعته دراسة صادرة عن جامعة «أوكسفورد» عندما تحدثت عن إمكانية «أتمتة» 47% من المناصب خلال العقدين المقبلين.
ومن المرجح أن تبدأ الـ«روبوتات» والتقنيات الحاسوبية المُتطورة بانتزاع فرص العمل تدريجياً من البشر، كونها أكثر فعالية في تنفيذ المهام، وأقل كلفة على رب العمل، كما أنها ستؤثر حتماً على مُستقبل بعض الشركات بشكلٍ قد يؤدي إلى الاستغناء عن خدماتها.
شركات التأمين
ويرى العديد من الخبراء أن الـ«روبوتات» وتقنيات الذكاء الاصطناعي ستؤثر سلباً في مُستقبل شركات التأمين على السيارات، وهو أمرٌ أشار إليه المُستثمر الأميركي الشهير «وارن بافيت» Warren Buffett بقوله إن «السيارات ذاتية القيادة ستؤدي إلى خفض معدلات حوادث السيارات بنسب قد تصل إلى 50%، وهو أمر قد يؤثر سلباً في مستقبل صناعة تأمين السيارات».
وتتوقع بعض الجهات والشركات أن تسهم السيارات «ذاتية القيادة» بمنع حوادث السير أو خفض احتمالاتها بنسب هائلة، فعلى سبيل المثال تُشير شركة «غوغل» الأميركية إلى أن سياراتها «ذاتية القيادة» ستكون قادرة على منع 90% من حوادث السير، في حين يرجح البعض الآخر بأن هذا الرقم سيكون بحدود 75%.
وتُرجح شركة الاستشارات الإدارية «ماك كنسي» McKinsey أن تبدأ آثار السيارات «ذاتية القيادة» بالظهور على صناعة تأمين السيارات بين الأعوام 2023 و2037، ولذلك تنصح شركات تأمين السيارات بالانتقال من تغطية الأضرار الناجمة عن ارتكاب الإنسان للأخطاء أثناء القيادة، إلى تغطية المشكلات والاخفاقات التقنية داخل الشركات والمعامل المُصنعة للسيارات ذاتية القيادة.
تطور تدريجي
ومن المؤكد أن السيارات «ذاتية القيادة» لن تكون قادرة على منع حوادث السير بين يومٍ وليلة، فبحسب «الإدارة الوطنية الأميركية لأمن الطرقات» NHTSA، تشهد صناعة السيارات «ذاتية القيادة» تطوراً تدريجياً بدأت أولى مراحله منذ بضع سنوات، مع ظهور سيارات قادرة على التحكم بالرحلة، وتطبيق الفرامل تلقائياً، في حين بدأت المرحلة الثانية بالظهور من خلال سيارات قادرة على تحكم أفضل أثناء الرحلة مع قدراتٍ متطورة لتنبيه السائق بهدف منع وقوع حوادث، وضبط مسار السيارة، بينما تتوقع الإدارة أن تجلب المرحلة الثالثة سيارات لا تتطلب تدخّل السائق إلا في حالات خاصة، أما المرحلة الرابعة فستوفر سيارات قادرة على تولي عمليات القيادة كلياً.
وتتوقع شركة الخدمات المهنية الشهيرة «بي دبليو سي» PwC أن تسهم السيارات «ذاتية القيادة» جزئياً ضمن المرحلة الثانية - أي السيارات التي بدأت بالظهور هذه الأيام - بتقليل معدلات الاصطدام بنحو 6%، وتقليل الاصابات البشرية بنحو 15%، وتقليل الأضرار بالممتلكات بنسبة 14%، لكنها بالمقابل قد تتسبب في انخفاض مهارة السائق، ما قد يؤدي إلى وقوع الحوادث عند تولي السائق زمام القيادة في بعض المواقف التي لا تستطيع السيارات في هذه المرحلة توليها ذاتياً.
ومن الواضح أن شركات تأمين السيارات لن تتأثر قبل بضع سنوات، بل على العكس، يتوقع البعض أن تزداد معدلات الحوادث خلال الأعوام المقبلة التي ستشهد وجوداً للسيارات ذاتية القيادة إلى جوار السيارات التقليدية على الطرقات، أما بعد تحول جميع السيارات على الطرقات إلى «ذاتية القيادة»، فإن معدلات الحوادث ستتناقص كثيراً أو حتى تتلاشى.