الشركات الصغيرة تتجه إلى خدمات الحوسبة السحابية
يتنامى توجه الشركات الصغيرة للاشتراك في برمجيات وتطبيقات تعتمد على الحوسبة السحابية، عوضاً عن شراء البرمجيات التقليدية التي تعمل على أجهزة الكمبيوتر الخاصة، ما يُمثل تحولاً رئيساً في طريقة استخدامها للتكنولوجيا، يتواكب مع تزايد رغبة مديري المشروعات في استخدام الأجهزة المحمولة لإدارة الأعمال.
ووفقاً لشركة «إنتيوت» Intuit، ففي العام الماضي أنفقت الشركات الصغيرة، التي يقل عدد موظفيها عن 20 موظفاً، نحو 630 مليون دولار على البرمجيات مُقابل 590 مليون دولار في عام 2013 بزيادة نسبتها 7%.
كما تُخطط 85% من الشركات الصغيرة لزيادة إنفاقها على البرمجيات خلال السنوات الخمس التالية.
وأشار المُحلل في شركة «فورستر» للأبحاث، تيم هارمون، إلى أن آخر التحديثات الكبيرة، التي أضافتها الشركات الصغيرة، جرت قبل خمس سنوات مع بداية التعافي الاقتصادي.
مخاوف أمنية
وأضاف أنه في تلك الفترة، تخوف العديد من أصحاب الشركات من تقنية الحوسبة السحابية، واكتفوا بترقية النظم القائمة. واعتبر هارمون أن التغيير الحالي يتمثل في تحول الطريقة التي يرغب فيها العديد من مُلاك الشركات في إدارة أعمالهم الوليدة على نحوٍ أكثر كفاءة، وانطلاقاً من مواقع مختلفة.
وقال الشريك في شركة «إمرجنت ريسيرش» المعنية بمتابعة استخدام الشركات الصغيرة للتكنولوجيا، ستيف كينغ، إن 37% من الشركات الصغيرة تكيفت تماماً مع التطبيقات المعتمدة على الحوسبة السحابية، متوقعاً أن ترتفع نسبتها إلى 78% في عام 2020.
لكن هذا الإقبال لا ينفي تخوف بعض الشركات الصغيرة من استعمال تطبيقات الحوسبة السحابية، فغالباً ما تفتقر، بعكس الشركات الأكبر حجماً، إلى فريق عمل متخصص في التكنولوجيا، وبالتالي ففي كثير من الأحيان يتولى مديروها بأنفسهم تحديد احتياجاتهم من التقنية. كما تمثل حوادث الاختراقات الأمنية سبباً إضافياً للقلق.
وعلى سبيل المثال، فمن بين 675 شركة صغيرة، أقر 50% منها بتعرض بياناتهم للاختراق بسبب هجوم إلكتروني خلال السنوات الخمس الماضية، وفقاً لدراسة «الجمعية الوطنية للشركات الصغيرة» في واشنطن خلال ديسمبر 2014 ويناير 2015. كما ارتفع متوسط الكلفة التقديرية للهجمات لتصل العام الماضي إلى 20 ألفاً و750 دولاراً لكل شركة صغيرة، مُقارنةً مع 8699 دولاراً في عام 2013.
وتوقع هارمون، من شركة «فورستر»، أن تتلاشى المخاوف الأمنية بالتزامن مع إدراك عدد أكبر من الشركات الصغيرة أن وجود بياناتها في خوادم شركات الحوسبة السحابية أكثر أمناً من الاحتفاظ بها على الأقراص الصلبة في أجهزتها الخاصة، لافتاً إلى استعانة معظم مُقدمي الخدمات السحابية بخبراء في الأمن الإلكتروني، وهو ما تفتقر إليه العديد من الشركات الصغيرة.
منتجات واتفاقات
وبطبيعة الحال يُدرك مُقدمو خدمات الحوسبة السحابية، المسؤولون عن تخزين البيانات واستضافة التطبيقات، إقبال الشركات الصغيرة، ومن ثم يتعاونون مع مطوري التطبيقات وشركات التكنولوجيا والمصارف لتوفير منتجات جديدة تُحاول استثمار زيادة طلب الشركات الصغيرة.
وأخيراً، عقدت شركة «فند» Vend، الناشئة للبرمجيات في نيوزيلندا، شراكة مع شركة «أبل» الأميركية. ولدى «فند» أداة تُحول أجهزة الكمبيوتر المحمولة واللوحية إلى أدوات متنقلة لتسجيل التدفق النقدي، ومتابعة المبيعات والمخزون لمتاجر التجزئة الصغيرة، وذلك نظير اشتراكات شهرية. وبموجب الاتفاق الجديد، ستُروج «أبل» لشركة «فند» في متاجرها على مستوى العالم.
وكانت «أبل» وقعت اتفاقاً مشابها مع شركة «إكسيرو» Xero التي تُوفر برنامج للمحاسبة يعتمد على الحوسبة السحابية، وتحظى بأكثر من 500 ألف متعامل من الشركات الصغيرة.
كما يتعاون «مصرف مونتريال» أو «بي إم أو» مع شركة «فريش بوكس» لبرمجيات المحاسبة، لمد متعاملي المصرف من الشركات الصغيرة بأدوات تستند إلى الحوسبة السحابية، وتُتيح لهم إدارة أنوع مختلفة من البيانات منها الفواتير، والجداول الزمنية، والمدفوعات عبر الإنترنت.
وفي مايو الماضي، عقدت شركة «ساغي» Sage البريطانية لبرمجيات الشؤون المالية اتفاقاً مع شركة «سيلز فورس» الشهيرة للحوسبة السحابية، بغرض توفير أدواتها للمحاسبة والشؤون المالية عبر السحابة لمتعامليها من الشركات الصغيرة.
وقبل أشهر قليلة، كشفت شركة «إنتيوت» عن اتفاق مع شركة «بوكس» Box لتبادل الوثائق عبر الإنترنت، يهدف إلى تقديم أداة لتبادل الملفات ضمن تطبيق «إنتيوت» لإدارة المحاسبة الخاصة بالشركات الصغيرة الذي يحمل اسم «كويك بوكس» QuickBooks.
كما أعلنت «مايكروسوفت» و«سيلز فورس» عن منصة لإدارة العلاقات مع المتعاملين ضمن حزمة «مايكروسوفت أوفيس»، وتهدف إلى مساعدة أصحاب الشركات على أداء مزيد من المهام بوساطة أجهزتهم المحمولة، بحسب ما ذكر حينها الرئيس التنفيذي لـ«مايكروسوفت»، ساتيا ناديلا.
سوق البرمجيات
وعموماً، يُتوقع نمو سوق تطبيقات الشركات المُعتمدة على الحوسبة السحابية، أو ما يُعرف باسم «البرمجيات كخدمة»، ليصل إلى 50.8 مليار دولار بحلول عام 2018، مُقابل 22.3 مليار دولار في عام 2013، أي بمعدل سنوي للزيادة يقترب من 18% خلال خمس سنوات، بحسب شركة «آي دي سي» للأبحاث. وفي المُقابل، يُتوقع نمو مبيعات البرمجيات التقليدية الخاصة بالمشروعات بنسبة 3.1% سنوياً خلال الفترة نفسها.
وتستخدم الأميركية، كريستينا رويز، التي تمتلك متجراً صغيراً للملابس، برمجيات تعتمد على الحوسبة السحابية لمتابعة بيانات شركتها من خلال الأجهزة المحمولة أثناء اللقاءات مع المتعاملين وجولات المبيعات والرحلات الشخصية. وقالت رويز إن هذه البرمجيات أتاحت لها دمج بيانات المستهلكين والمبيعات الخاصة بالمتجر من جانب، وبيانات موقعها على الإنترنت للتجارة الإلكترونية من جانب آخر، مشيرة إلى تعلمها الجديد، مثل تغييرها كلمات مرور التطبيقات السحابية في مسعى لدرء خطر الاختراقات.