«بيغ فوت».. محاولة من آباء لتيسير التعامل مع «السكري» لدى أطفالهم

طالما حلم مرضى السكري والأطباء بتوافر جهاز يُمكنه مراقبة مستوى السكر في الدم، ويمد الجسم بالأنسولين بالقدر اللازم عند الحاجة، ما يعني «بنكرياس» اصطناعياً يعمل بكفاءة. وفي الوقت الذي يشهد محاولات مُنتجي الأجهزة الطبية تقديم مثل هذا الجهاز، أقدمت مجموعة من مُطوري برامج الكمبيوتر في الولايات المتحدة، ممن يُعاني أطفالهم السكري على خطوات مهمة في هذا الصدد، إذ أسس عدد من الآباء شركة باسم «بيغ فوت بيوميديكال» Bigfoot Biomedical طورت خوارزميات، أساساً لـ «بنكرياس» اصطناعي، وتسعى إلى تعزيز قدراتها التقنية، بهدف طرح جهازها في الأسواق بحلول عام 2018، واستحوذت في نهاية مايو الماضي على أصول شركة تُنتج مضخة للأنسولين، كما أعلنت لاحقاً عن شراكة مع شركة «ديكسكوم» التي تصنع جهازاً لقياس مستوى السكر في الدم، حسب ما تضمن تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.

 

بداية «بيغ فوت»

وتعود بداية «بيغ فوت» إلى أربع سنوات مضت، حينما شخّص الأطباء إصابة ابن «بريان مازليش» بالنوع الأول من مرض السكري، وفي تلك الأثناء تنبه مازليش، الذي انصب عمله حينها على مجال التمويل الكمي، وتطوير تعليمات برمجية يُمكنها التنبؤ بشراء الأسهم، إلى أنه بمقدور مبادئ مُماثلة التنبؤ بقدر الأنسولين الذي يحتاجه الجسم، لتنظيم مستوى السكر في الدم. وقال: «هناك الكثير من التشابه بين ما اعتدت فعله، والقيام بهذا».

ويُعاني نحو 29 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها مرض السكري، يُصنف 1.5 مليون إلى ثلاثة ملايين شخص منهم، ضمن المصابين بالنوع الأول منه، وفيه يفقد البنكرياس قدرته على تنظيم السكر في الدم بإنتاج الأنسولين اللازم. ويُمثل التعامل مع «السكري» تحدياً متواصلاً يتطلب متابعة دائمة من المريض لمستويات السكر في الدم، وللغذاء الذي يتناوله، ومجهوده البدني، والحصول على الأنسولين المناسب للتحكم في مستوى السكر؛ إذ قد يتسبب ارتفاعه أو انخفاضه في مشكلات تُهدد حياة المريض.

وأشار «مازليش» إلى أنه مع توليه رعاية ابنه، أدرك عبء التعامل مع «السكري»، وبدأ بتجربة تعديل مضخات الأنسولين وأجهزة متابعة الجلوكوز أو السكر في الدم، كما بدأ بكتابة تعليمات برمجية، ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى نجح في التوصل إلى نموذجٍ أولي ناجح. وربط «مازليش» بين جهاز لمتابعة مستوى السكر وبرنامج صممه ليُلائم الهواتف الذكية، ويتصل لاسلكياً مع مضخة أنسولين، وبذلك يُحدد مقدار الأنسولين الذي يحتاجه المريض. ولا يتطلب من المريض سوى تزويده ببعض المعلومات عن الأنشطة التي يقوم بها، وما يتناوله من طعام.

واستخدمت زوجة «مازليش» الجهاز، ما ساعده على إدخال تغييرات لتحسين طريقة عمله، ويستعمله ابنه وزوجته بنجاح لمدةٍ تزيد على عامين. وقد أسس العام الماضي شركة «بيغ فوت»، بالاشتراك مع جيفري بروير، وهو رئيس سابق لمؤسسة كبيرة معنية بمرض «السكري»، ولين ديسبورغ، المهندس في شركة للأجهزة الطبية، والذي اهتم كثيراً بتطوير نظام يستفيد من جهاز مراقبة السكر في الدم ويربطه بشبكة الإنترنت.

 

شركات تصنيع

وفي ما يتعلق بشركات تصنيع الأجهزة الطبية، فقد تباطأت إلى حدٍ كبير في هذا المجال، وإن كانت تُواجه قوانين مرهقة تضع شروط الاختبار والموافقة على مثل هذه الأجهزة. ومع ذلك، تُقر هذه الشركات بتأخرها في إدراك احتياجات المرضى.

وقالت المُتحدثة باسم شركة «ميدترونيك»، التي تُنتج مضخات للأنسولين وأجهزة قياس الجلوكوز في الدم، أماندا شيلدون، إن الاتجاه المعروف باسم «اصنعها بنفسك»، الذي يُشير إلى محاولة الأفراد ابتكار ما يحتاجونه وصناعته بأنفسهم، ألقى بالضوء على ما يتطلع إليه الناس.

وأضافت أن قطاع صناعة الأجهزة الطبية أدرك الحاجة إلى توفير نظم أكثر ذكاءً لتوفير الأنسولين، لكن نيل موافقة الجهات التنظيمية على الأجهزة وتطويرها عبر دورات الابتكار التقليدية عملية تستغرق وقتاً طويلاً.

وأكدت «ميدترونيك»، الأسبوع الماضي، أن «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية وافقت على استخدام جهاز يُتيح للمرضى الاطلاع على بيانات جهاز قياس مستوى الجلوكوز في الدم الخاص بهم ومضخة الأنسولين عن بعد، من خلال الهاتف الذكي. وتُجري الشركة تجارب على نظام يُوفر وظائف «البنكرياس» الاصطناعي.

وفي حال نجحت «بيغ فوت بيوميديكال» في توفير جهازها في الأسواق، فستُقدم مثالاً على نقل الابتكار القائم على المبادرات الشخصية إلى الإنتاج العادي. ويُمكن لاستحواذها على أصول شركة «أسنت» Asante لمضخات الأنسولين، وتعاونها مع «ديكسكوم» لأجهزة متابعة مستوى السكر، أن يُتيح لها البدء بتجربة نظامها في نهاية العام المُقبل، ومن ثم التقدم للحصول على موافقة «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية، حسب ما قال الرئيس التنفيذي للشركة جيفري بروير.

 

الأكثر مشاركة