«رأس المال المغامر» بدأ يستهدفها رغم تفضيله التطبيقات والذكاء الاصطناعي والشبكات الاجتماعية

شركات الأمن الإلكتروني الناشئة تستقطب الاستثمار بعد حوادث اختراق

صورة

تكررت خلال الأعوام القليلة الماضية حوادث اختراق البيانات التي طالت شركات شهيرة في قطاع التكنولوجيا والتجزئة والترفيه، فضلاً عن مؤسسات حكومية، ما أثر في بيانات ملايين المستخدمين، وأسهم في تزايد اهتمام الشركات ومؤسسات الاستثمار بمجال الأمن الإلكتروني وشركاته الناشئة.

وعلى الرغم من إدراك الكثير من شركات رأس المال المُغامر لأهمية الأمن الإلكتروني، فإنها لم تُقبل على الاستثمار فيه بحماس يُضاهي تفضيلها لمجالات تقنية أخرى، مثل تطبيقات الأجهزة الذكية والذكاء الاصطناعي والشبكات الاجتماعية، وغيرها؛ إلا أن الشواهد على تغير الوضع تتعدد حالياً.

استثمار أمني

وفي وقتٍ سابق من يوليو الجاري، أقدمت شركة «غوغل كابيتال»، الذراع الاستثمارية التابعة لشركة «غوغل» الأميركية، على استثمارها الأول في قطاع الأمن الإلكتروني بتقديم 100 مليون دولار إلى شركة «كراود ستريك» المعروفة بكشفها القراصنة الروس والصينيين. كما حددت «أليجيس كابيتال» تمويلاً بقيمة 100 مليون دولار يُركز على الأمن الإلكتروني، ولدى مجموعة «بلاكستون» سبعة استثمارات في قطاع الأمن الإلكتروني.

وقال المُدير الإداري في شركة «مينلو فنتشرز»، فينكي جانسان، إن «الأمر أشبه بالقول: من لم يتعرض للاختراق بعد؟». ويتولى جانسان مسؤولية الاستثمار في شركة «بِت سايت تكنولوجيز» التي تُوفر تقييماً للشركات بناءً على مستوى دفاعات شبكات الكمبيوتر.

وأضاف أنه في حين استحوذت «مينلو فنتشرز» في عام 2011 على نسبة تقترب من 5% من 400 مليون دولار مثلت حجم التمويل المُوجه إلى الشركات الأمنية الناشئة، فإن استثماراتها حالياً تشكل 20% من حجم القطاع.

وخلال النصف الأول من العام الجاري، وجهت شركات رأس المال المُغامر استثمارات بقيمة 1.2 مليار دولار إلى الشركات الناشئة المُتخصصة في الأمن الإلكتروني، بحسب بيانات شركة «سي بي إنسايتس» للأبحاث.

وعلى الرغم من أن ذلك يُمثل تراجعاً طفيفاً مُقارنةً مع 1.4 مليار دولار قبل عام، فإنه يعد زيادة كبيرة مُقابل استثمارها 771 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2013.

أقل ربحية

ويتضح هذا التحول في توجه شركة «آندرسون هورويتز» لرأس المال المغامر التي طالما اعتبرت الشركات الأمنية ضرورة لأمن الإنترنت، لكنها أقل ربحية من غيرها من قطاعات التكنولوجيا.

ورأى الشريك في «آندرسون هورويتز»، سكوت ويس، أن من أسباب الإحجام عن الاستثمار في شركات الأمن الإلكتروني، الاستحواذ عليها عادةً قبل بلوغها مرحلة طرح أسهمها في سوق الأوراق المالية.

وكان «ويس» باع شركته الأمنية المُبتدئة «إيرون بورت سيستمز» إلى شركة «سيسكو» في عام 2007.

وأسهم الاستقبال الحسن الذي نالته شركات أمنية، منها «بالو ألتو نتووركس» في عام 2012، و«فاير آي» في العام التالي، في تغيير النظرة إلى شركات الأمن الإلكتروني.

وقال شركاء في «آندرسون هورويتز» إنهم غالباً لم يكونوا ليُقبلوا على الاستثمار في شركة مثل «كي بيز» الأمنية قبل خمس سنوات. وخلال الأشهر الـ13 الماضية خاطرت الشركة باستثمار 142 مليون دولار في شركة «تانيوم» Tanium التي تسعى إلى تيسير الكشف عن أوجه الضعف والأجهزة المخترقة في أنظمة الشركات.

ولفت تيد شلين، الشريك في «كلينر بيركنز كوفيلد آند بايرز» التي استثمرت في الشركات الأمنية الناشئة على مدار عقدين، إلى ملاحظاته تجاه العديد من المُستثمرين في قطاع الأمن الإلكتروني. ولا يخلو هذا الإقبال من مخاطر، منها اندفاع رواد الأعمال على نحوٍ مُفاجئ صوب قطاع الأمن الإلكتروني، إذ أشار المُدير الإداري في «أليجس كابيتال» والمُستثمر في المجال، بوب أكرمان، إلى ملاحظته حول كثير من الشركات الناشئة التي تستنسخ أفكار غيرها، ويقودها مُؤسسون يفتقرون إلى الخبرة المتخصصة.

وقال: «هذه ليست أمور تتعلق باقتصاد المشاركة أو الاقتصاد التعاوني»، لافتاً إلى شركات مثل «أوبر تكنولوجيز» و«إيربنب» التي تصل المستهلكين بما يحتاجونه، سواء كانت سيارات الأجرة أو غرف للإقامة، وأضاف: «هذه أمور تقنية».

«كي بيز»

ومن بين الشركات الناشئة في مجال الأمن الإلكتروني «كي بيز» Keybase التي أسسها المُؤسس المُشارك في موقع «أوك كيوبيد» للتعارف، ماكس كروهن، الذي درس علوم الكمبيوتر في «جامعة هارفارد» و«معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا».

وقد عمل كروهن في تطوير مواقع إنترنت في فترة ازدهار شركة التكنولوجيا بصحبة مطورين لديهم خبرة بالقرصنة، لكنه لم يرَ في التشفير سبيلاً ناجحاً لكسب عيشه، إذ قال: «لم تكن الشركات الناشئة تعمل أبداً على نحوٍ جيد»، مشيراً إلى غياب مثال لأي شركة حققت نجاحاً باهراً، واتجه مع آخرين إلى تأسيس «أوك كيوبيد».

وتعتمد «كي بيس» في إقناعها للمستثمرين أساساً على سعيها لتيسير تبادل مفاتيح التشفير العامة بين المستخدمين، وهي خطوة أساسية في استخدام بروتوكول التشفير أو ما يُعرف باسم «بي جي بي» اختصاراً لكلمات Pretty Good Privacy التي تعني «خصوصية جيدة جداً»، وتتيح تشفير رسائل البريد الإلكتروني لتعزيز سرية أمن الاتصالات وسريتها.

وغادر كروهن موقع «أوك كيوبيد» في عام 2012، وتعاون مع أحد مؤسسيه، كريس كوين، لإنشاء «كي بيس» المعنية بتبسيط التشفير. وفي بداية الأمر لم يعتقدا بمستقبلها التجاري، ما دفعهما لرفض عروض للاستثمار من شركة «ميسرس» لرأس المال المُغامر، إلا أن الأمر اختلف مع تكرار حوادث اختراق أمن البيانات، وتزايد العناية بالأمن الإلكتروني، إذ نالت «كي بيس»، خلال الأسبوع الماضي، أول استثماراتها الخارجية بقيمة 10.8 ملايين دولار من «آندرسون هورويتز» لرأس المال المُخاطر.

وتوقع الشريك في «آندرسون هورويتز»، كريس ديكسون، أن تُتيح «كي بيس» للأفراد خدمتها مجاناً، وتحصل على رسوم من الشركات نظير تقديم مزايا إضافية، في ما أشار كروهن إلى رغبته في توفير أداة مُشفرة تسمح للمستهلكين بتبادل الملفات، إضافة إلى تطبيقات مُشفرة للدردشة.

 

تويتر