«آي بي إم» و«أبل».. من المنافسة إلى التعاون

ظلت المنافسة الشديدة هي التعبير الأوضح عن العلاقة بين شركتي «آي بي إم» و«أبل» الأميركيتين، إلا أن أجواء الشراكة والتعاون حلت أخيراً بين الشركتين بما يُفيد «أبل» في دخول عالم الأعمال، ويُحسن من قدرة «آي بي إم» على الاستجابة للمتغيرات الجارية والمتلاحقة في مجال تكنولوجيا المعلومات.

 

تغيرات «آي بي إم»

وحالياً، يعمل أكثر من 100 من موظفي «آي بي إم» داخل مقرات «أبل» في ولاية كاليفورنيا لتطوير تطبيقات تلائم هواتف «آي فون» وأجهزة كمبيوتر «آي باد» اللوحية، لمصلحة المتعاملين معها من الشركات مثل «سيتي غروب»، و«سبرينت»، و«جابان بوست» للبريد.

كما تغير المشهد قليلاً داخل «آي بي إم» التي مثّل ارتداء موظفيها للحلل الزرقاء، واستخدامهم أجهزة كمبيوتر «بنتل»، أي المُعتمدة على معالجات «إنتل» ونظام تشغيل «ويندوز» من «مايكروسوفت»، وهواتف «بلاك بيري»، جزءاً أساسياً من ثقافة الشركة.

وتتجه «آي بي إم» لتصير أكبر الشركات في العالم استخداماً لأجهزة كمبيوتر «ماك بوك»، إذ أعلنت في الخامس من أغسطس الجاري عن خدمة لنقل خبراتها إلى الشركات الأخرى الراغبة في تبني أجهزة كمبيوتر «أبل».

وتُوظف «آي بي إم» 380 ألف موظف، وتُلاقي تحدياً فريداً في مُنافسة شركات التكنولوجيا الشابة والنشطة في «وادي السيليكون» في سوق خدمات تكنولوجيا المعلومات، التي يصل حجمها إلى 981 مليار دولار على مستوى العالم، وفقاً لتقديرات شركة «غارتنر» للأبحاث.

 

تجديد الشركة

ويرى الرئيس التنفيذي للمعلومات في «آي بي إم»، جيف سميث، أن السؤال الأهم الذي يُواجه الشركة يكمن في: «هل يُمكن أن نمتلك ابتكار أفضل الشركات وأصغرها وحجم (آي بي إم) معاً، وأن نجد سبيلاً لتحويل الثقافة إلى ميزة تنافسية؟».

وربما يُمثل التقارب بين «آي بي إم» و«أبل» جزءاً من الإجابة، ويتمثل أحد أهداف برنامج التعاون في تجديد شركة «آي بي إم» التي مضى على تأسيسها 104 أعوام، لتُلائم تغير العصر والظروف. وتشهد الشركة حالياً تراجعاً في عائدات الأقسام الرئيسة، وانخفضت إيراداتها على مدى الفصول الـ13 الماضية، أي ما يُعادل ثلاث سنوات وربع السنة.

وتسعى «آي بي إم» جاهدةً للاحتفاظ بمكانتها وأهميتها في عصر الهواتف الذكية والحوسبة السحابية، الأمر الذي دفعها إلى تعزيز استثماراتها في مجالات، منها تحليل البيانات، والأمن، والحوسبة المحمولة والسحابية، كما عقدت اتفاقات مع شركات أخرى مثل «أبل»، و«بوكس»، و«فيس بوك»، و«تويتر».

وأشار سميث إلى محاولة «آي بي إم» اختيار الشركات الطامحة إلى القيام بأمور مُميزة جداً، مع الاستفادة في الوقت نفسه من أوجه القوة لدى «آي بي إم».

وحتى الآن يظل من المبكر جداً تحديد ما إذا كانت «آي بي إم» قد استفادت من البريق الظاهر لهذه المؤسسات، لكن هذه الشراكات زودت موظفيها للمرة الأولى بأدوات الحوسبة الضرورية المُستخدمة في شركات وادي السيليكون.

وقال المُحلل في شركة «إف بي آر كابيتال ماركتس»، دانييل إيفس: «حين تنظر إلى شراكة (أبل) و(آي بي إم)، فإنني أعتقد أنها ستصير أكبر وأكثر أهمية بمضي الوقت».

وأضاف: «لكن ما يحدث حقاً الآن هو هذه التحولات الكبرى الحاصلة في مشهد تكنولوجيا المعلومات، وأنه يجب على المؤسسات الراسخة مثل (آي بي إم) و(أوراكل) التغيير».

وفي الوقت الراهن، يختلف الوضع داخل «آي بي إم» عمّا كان عليه قبل ثلاث سنوات حين منعت موظفيها من استخدام «سيري»، المساعد الشخصي الذكي المُصاحب لهواتف «آي فون»؛ بسبب مخاوف حول انتهاك لأمن البيانات.

وأشار سميث إلى إعجاب جانب من موظفي «آي بي إم» بشركة «أبل»، فحين بدأت الأولى بتوفير أجهزة كمبيوتر «ماك» لموظفيها في مايو الماضي، قرأ 185 ألف موظف الإعلان الداخلي، وقال سميث: «لقد مس وتراً حساساً لدى موظفي (آي بي إم)».

 

شراكة فعلية

ويعود الإعلان عن شراكة «آي بي إم» و«أبل» إلى يوليو من عام 2014، وخلال ستة أشهر وفرت «آي بي إم» 43 ألفاً من أجهزة «آي باد» اللوحية لموظفيها العاملين في المبيعات، فيما تضم حالياً أكثر من 110 آلاف جهاز من إنتاج «أبل»، منها «آي باد»، وهواتف «آي فون»، وأجهزة «ماك بوك».

ويُقدر سميث أن تُدير الشركة بحلول نهاية العام الجاري 50 ألف جهاز من أجهزة كمبيوتر «ماك بوك»، متوقعاً ارتفاعها إلى 200 ألف كمبيوتر لاحقاً.

وتهدف الخدمات التي كشفت عنها «آي بي إم» الأسبوع الحالي إلى مُساعدة المتعاملين معها من الشركات على استخدام الآلاف من أجهزة كمبيوتر «ماك»، وتُعد ثمرةً مُباشرة لهذه الشراكة.

ويعود جانب كبير من خبرة «آي بي إم» في استخدام أجهزة كمبيوتر «ماك» في العمل، إلى ما تعلمته «آي بي إم» من «أبل».

وكان نائب الرئيس في «آي بي إم» لشؤون خدمات بيئة العمل، فليتشر بريفن، أمضى أسبوعاً في مقرات «أبل» لدراسة نهج «أبل» في إتاحة أجهزة كمبيوتر «ماك» لموظفيها. ولفت بريفن إلى دهشته من الخبرة السلسة التي توفرها «أبل» للعاملين.

من جانبها، قالت مُتحدثة باسم «أبل»: «على مدى أكثر من عقد، نما (ماك بوك) أسرع من قطاع أجهزة الكمبيوتر الشخصية»، مشيرة إلى حماس الشركة لتحول الأشخاص إلى استخدام أجهزة «ماك»، ما يشمل أيضاً المتعاملين من الشركات مثل «آي بي إم».

وقال بريفن: «كان بالتأكيد مُفاجئاً رؤية مدى قدرتهم على إدارة أعداد ضخمة من الأشخاص بموارد أقل كثيراً مما تراه في بيئة أجهزة الكمبيوتر المكتبية التقليدية».

وأضاف: «لدى كل منا أوجه قوة، فـ(آبل) رائعة في التجربة وصنع بعض من أفضل الأجهزة في العالم، لكننا نعرف الكثير عما تحتاجه المشروعات الكبيرة».

 

الأكثر مشاركة