«أبل» تتجه إلى قطاع الأعمال لمُواجهة تراجع مبيعات «آي باد»

واجهت «أبل» خلال الأشهر الماضية تراجع مبيعات حاسبها اللوحي «آي باد»، الأمر الذي دفع الشركة، التي طالما اعتمدت على سوق المستهلكين العاديين، للاتجاه إلى قطاع الأعمال والشركات، ومحاولة تقديم «آي باد» كجهاز مُناسب للعمل من خلال التعاون مع مطوري تطبيقات الأعمال، كخدمات المحاسبة وعروض المبيعات.

وتتعاون «أبل» مع ما يزيد على 40 من شركات التكنولوجيا، سعياً إلى إعادة تشكيل طبيعة العمل، وتعزيز دور الأجهزة المحمولة التي تتمتع فيها «أبل» بوضعٍ مُميز، ما يُسهم في حصولها على نصيبٍ أوفر من الإنفاق السنوي الكبير على تقنيات بيئة العمل، الذي يصل إلى تريليوني دولار.

وتحقيقاً لهذه الغاية، تُقدم «أبل» على إجراءات غير مألوفة بالنسبة لشركة اعتادت العمل بشكلٍ منفرد والتركيز على السوق الاستهلاكية، وأطلقت برنامجاً لتطبيقات الأعمال، ودعت بعض شركائها، مثل «زيرو» للمحاسبة، لتدريب موظفيها المتخصصين بالأعمال، كما دعت شركاء آخرين إلى مؤتمر المبيعات الذي عُقد في مارس الماضي، واقتصر سابقاً على العاملين فيها، بحسب ما ذكرت مصادر على صلة ببرنامج «أبل» في تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.

وتُراجع «أبل» التطبيقات التي تطورها الشركات المُشاركة، وتُقدم اقتراحات تفصيلية تشمل تغيير ألوان الكلمات داخل التطبيقات. وأسهمت هذه الشراكة في ربط «أبل» بمتعاملين جدد، كما تحاول تشجيع مطوري التطبيقات التكميلية، مثل جداول الموظفين وأنظمة التسجيل الرقمي للنقود على توفير تطبيقات مترابطة.

وكشفت «أبل» للمرة الأولى عن برنامجها لتطبيقات الأعمال خلال مؤتمر للمستثمرين في أبريل الماضي، دون أن تُسهِب في عرض التفاصيل. وحتى الآن لم يتعرف شركاء «أبل» على مختلف تفاصيل المشروع، ما يعكس تفضيل «أبل» للتكتم على خططها الجديدة. وقال مسؤولون في بعض الشركات المتعاونة إنهم لم يتأكدوا بعد من طبيعة دورهم في بيع التطبيقات، كما لم يتعرفوا إلى مُختلف الأطراف في المشروع.

ويُشار إلى المبادرة باسم «برنامج شركاء التنقل» Mobility Partner Program، لكن «أبل» حثت المُشاركين على عدم استخدام الاسم علانيةً، بحسب مصادر مُطلعة على البرنامج.

وصرح مُتحدث باسم «أبل»: «تطور هذه الشركات حلول بنظام (آي أو إس) عبر القطاعات ستُمكن الموظفين، وتُدشن عصراً جديداً من الإنتاجية».

ولا يخلو الاتجاه إلى مجال حلول الحوسبة للشركات من مخاطر؛ فتُواجه مُنافسين منهم «مايكروسوفت» و«غوغل» و«سامسونغ»، وتُطور كل شركة ميزات ملائمة للأعمال كما تُحاول اجتذاب مطوري التطبيقات. وفي المُقابل لا تتمتع «أبل» بالثقافة نفسها، كما تفتقر إلى شبكات واسعة من فرق المبيعات الخاصة بتكنولوجيا أماكن العمل.

وتسعى «أبل» لتحسين مكانتها في مجال الشركات للتغلب على آثار التراجع الحاد في مبيعات «آي باد» الذي تواصل لستة فصول متتالية، أي ما يُعادل عام ونصف العام، وتراجعت عائدات «آي باد» بنسبة 24% خلال الشهور التسعة الأخيرة التي انتهت في الـ27 من يونيو الماضي مُقارنة بالفترة نفسها قبل عام.

وتتطلع «أبل» وغيرها من مُنتجي الحواسيب اللوحية إلى قطاع الأعمال كأمل لعلاج تراجع إقبال المستهلكين.

وتُقدر شركة «فورستر» للأبحاث أن قطاع الأعمال سيستحوذ على 20% من الحواسيب اللوحية المُستخدمة عالمياً في عام 2018، مقابل نسبة 12% العام الماضي. وتشمل جهود «أبل» في الوصول للشركات برنامجاً للتعاون بدأ قبل عام مع شركة «آي بي إم»، ويتضمن تطوير تطبيقات لحواسيب «آي باد».

وتأمل «أبل» على المدى الطويل أن تتمكن من بيع حزم من التطبيقات المُخصصة لقطاعات مُعينة أو وظائف في الأعمال كمتاجر التجزئة أو خدمات المُحاسبة، حسبما ذكر أشخاص على صلة بالمشروع، كما ناقشت الشركة سُبل الاستفادة من التعاون مع شركات الاتصالات مثل «إيه تي آند تي» و«فيريزون» للمُساعدة في تسويق التطبيقات وأجهزة «أبل» للشركات.

وقال المدير العام المتخصص بتطوير الشركات والأعمال في شركة «زيرو»، جيمس مايوكو، إن «الجانب المهم يكمن في توفير مجموعة مُختارة من الحلول المُلائمة التي تتوافق معاً، وليس مجرد الدعوة للاتجاه إلى متجر (آب ستور)».

ولم يتضح بعد كيفية تنظيم العلاقة بين «أبل» وشركائها في بيع مجموعات التطبيقات، وكيفية تقاسم العائدات في ما بينهم. ومن بين الشركات المُنخرطة في برنامج «أبل» شركة «سيرفيس ماكس» لبرمجيات الخدمات الميدانية، و«ريفل سيستمز» لأنظمة التسجيل الرقمي للنقود، و«موبيل إيرون» و«في إم وير» في مجال أمن الأجهزة المحمولة، فضلاً عن شركات تطور تطبيقات لعروض المبيعات المُلائمة للمحمول مثل «إير ووتش» و«شو باد».

وتظهر نتائج بعض مجهودات «أبل» مع الشركات الصغيرة مثل «بريب كوزميتكس» للعناية بالجلد، فحين استفسرت مُؤسِّستها المشاركة، كيلي باركر، في أحد متاجر «أبل» عن استخدام حاسب «ماك» المحمول في العمل، تلقت دعوة لحضور ورشة عمل حاولت فيها ثلاث من شركات البرمجيات إقناع متاجر وشركات صغيرة الاعتماد على أجهزة «أبل» في أعمالها.

وخلال الورشة، ساعد ممثلو «أبل» باركر في استبدال نظم المحاسبة القديمة التي تستخدمها بتطبيقات تعمل على هواتف «آي فون» وحواسيب «آي باد»، وبالفعل حولت شركتها لاستخدام برامج للمحاسبة من «زيرو»، التي شاركت في ورشة العمل.

واندهشت باركر من اهتمام شركة بحجم «أبل» بتقديم ما يحتاجه مشروع صغير مثل شركتها يعمل به أربعة أشخاص، وقالت: «كانوا مهتمين حقاً بعملي وبمساعدتي على النمو»، وقالت إن برنامج المحاسبة الجديد أعفاها من مهام كإضافة الفواتير الورقية، ما يُتيح لها الفرصة للتركيز على الاستراتيجية.

ويُمثل مايكل كابيل، الذي يمتلك مطعم «بينديا» في مدينة تورنتو الكندية، نموذجاً للشركات الصغيرة التي تبنت تطبيقات «آي باد» في العمل، واشترى بالفعل ثلاثة من حواسيب «آي باد» اللوحية، بعدما حضر اجتماعاً خصصته شركة «مونيرس سوليشنز»، إحدى شركاء «أبل»، للمطاعم، كما استعان بخدمة للتسجيل الرقمي للنقود على الحواسيب اللوحية. وقال كابيل: «كنت مُعجباً حقاً بالتجربة بأكملها».

الأكثر مشاركة