على الرغم من دور الشركة القابضة في منح حرية أكبر لتنوّع الاستثمارات
تساؤلات حول تأثير «ألفابت» في العلامة التجارية لـ «غوغل»
أعلنت «غوغل»، منتصف الأسبوع الماضي، قرارها تأسيس شركة قابضة باسم «ألفابت»، ليقتصر اسم «غوغل» على مجالها الرئيس الخاص بالبحث والإعلانات على الإنترنت وخدمات البريد الإلكتروني ونظام التشغيل «أندرويد» و«يوتيوب»، لكن التغيير الأخير يحرم المشروعات الأخرى للشركة من اسم إحدى أهم العلامات التجارية في العالم.
وعادة ما ارتبط تغيير الشركات لأسمائها بالرغبة في التخلص من ظلال سلبية ترتبط بالاسم، وهو أمر لا ينطبق على «غوغل» بأي وجه؛ إذ تحظى بسمعة جيدة من الناحية الاقتصادية وشهرة عالمية واسعة، وتختلف الآراء في تقييم نتيجة هذه الخطوة على العلامة التجارية لشركة «غوغل» والأقسام المختلفة في «ألفابت».
ومن ناحية، يرى خبراء أنها ستضر اسم «غوغل» وتسلب منها إلى حدٍ كبير سمعتها في الابتكار والمغامرات الجريئة التي نالتها بفضل مشروعات مثل السيارات ذاتية القيادة والأبحاث الطبية، التي انفصلت عنها وفق الترتيب الجديد، لدرجة حولت اسم «غوغل» إلى صفة تُطلق على ابتكارات الشركة، وبالتالي قد يصعب عليها توظيف النابغين والإبقاء عليهم ضمن المجال الرئيس لعملها، أي البحث على الإنترنت.
من ناحية أخرى، ومع الإقرار بالمخاطر الناجمة عن إعادة تنظيم العلامات التجارية، قد تُفيد الخطوة المساهمين في «غوغل».
وبحسب المحللين، سيُتيح الاسم الجديد «ألفابت» حرية أكبر في التوسع إلى أسواق ومجالات جديدة، ومن المُحتمل أن يُقلل خطورة التحديات التي تُواجهها «غوغل» في المرحلة التالية من نموها.
ووفقاً لترتيب شركة «إنتربراند» لاستشارات العلامات التجارية، نالت «غوغل» العام الماضي المرتبة الثانية بين أكثر العلامات التجارية قيمة في العالم، لتلي شركة «أبل» وتتقدم على «كوكاكولا»، وتعتزم «غوغل» الاقتصار على قسم الإنترنت والانضواء تحت اسم «ألفابت» قبل نهاية العام الجاري.
وقالت أستاذة الإدارة في «كلية كولومبيا للأعمال»، ريتا ماكجراث: «هناك الكثير من السمات في اسم (غوغل) تمتلكها العلامة التجارية»، وتتضمن هذه الميزات ذكاء موظفيها وتوفيرها الطعام والمواصلات المجانية للعاملين فيها، مضيفة أن الشركات عادة ما تلجأ إلى تغيير أسمائها هرباً من صلات سلبية، كما فعلت شركة «فيليب موريس» للتبغ حينما تحولت إلى «ألتريا»، لافتة إلى حاجة خطوة «غوغل» لبعض الوقت للاعتياد عليها.
وانتفعت «غوغل» من أسلوبها السابق في تطبيق علامتها التجارية الذي ساعد أعمالها في البحث ومشروعاتها المغامرة مثل السيارات ذاتية القيادة؛ فاستفاد المجال الرئيس للشركة من مغامراتها، وأسهم في بلوغ سوق التوظيف ذي المستوى المرتفع من التنافسية في وادي السيليكون، وفي الواقع يرى بعض المنتقدين أن بعضاً من مُبادرات «غوغل» لا تتجاوز حدود الدعاية الرامية إلى إثارة الاهتمام بعمل الشركة. وفي الوقت نفسه، منح عمل «غوغل» في البحث وسمعتها بعض الصدقية والثقة بخطواتها ذات الخيال الجامح.
ويُحذر بعض المراقبين من أن تفكيك هذه الصيغة بالغة النجاح قد يبعث رسالةً ضمنية داخل الشركة، بأن هذا الجزء من أعمال «غوغل» صار ناضجاً، وبالتالي أقل إثارة للاهتمام. ويدعم ذلك التغيير الإداري الرمزي بتخلي مؤسسي «غوغل»، لاري بيج وسيرجي برين، عن إدارتها والتركيز على الشركة القابضة الجديدة.
وتساءل رئيس شركة «إنتربراند» في أميركا الشمالية، جوش فيلدمث: «حينما يعمل المؤسسان الآن في (ألفابت)، هل يعني ذلك أن جزءاً من (غوغل) قد غادرها»، مضيفاً أن «التأثير في المستهلكين سيكون عديم الأهمية، بينما قد يُقلق الموظفين».
وقالت ماكجراث إن إنشاء هيكل يعتمد بشكلٍ واضح على مكاسب قطاع البحث لتمويل أفكار جديدة للنمو قد يُقدم رسالة داخلية، تقول بتراجع نمو قسم «غوغل» من الشركة الجديدة في ما يتعلق بتحقيق الأرباح.
ومن بين المخاطر الأخرى المتصلة بتأسيس «ألفابت» فقدان الموظفين الشعور بسهولة التنقل بين أعمالها المختلفة، كما اعتاد موظفو «غوغل» في الماضي، الأمر الذي سيُقلل جاذبية الالتحاق بالقسم الأكثر رسوخاً في «غوغل»، كما ترى واحدة من الشركات المنافسة لها في وادي السيليكون، كما أن «غوغل» أعلنت عن تمتع شركات «ألفابت» باستقلالية في عملها، دون أن تُفصل في شرح البنية التنظيمية الجديدة.
وأياً كانت المخاطر المُحدقة باسم «غوغل»، فبالتأكيد يُمكن لابتكار العلامة التجارية الشاملة «ألفابت» تعويضها من خلال منح حرية أكبر للتنوع.
وأثنى فيلدمث على الرؤية الموسعة لشركة «ألفابت»، وقال إنها تسمح للعلامات التجارية الأخرى بالنمو: «إنها منصة رائعة لنمو العلامات التجارية»، مضيفاً أنه في ظل عالم يتجه إلى الانقسام والتحول إلى كيانات أصغر، تصير «غوغل» أكبر وأكثر تعقيداً.
ومن المُحتمل أن تُتيح «ألفابت» إمكانية القيام بأمور لم تتمكن «غوغل» سابقاً من إنجازها، حسب ما قال الرئيس التنفيذي لشركة «بوكس»، المتخصصة في الخدمت السحابية التي تتنافس مع «غوغل»، أرون ليفي، الذي أشار إلى أنه «ربما يسهل على (ألفابت) الاستحواذ على (تسلا)، المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية، أكثر من (غوغل)، إذ سيقولون حينها إنهم مجرد شركة قابضة، وإن الأمر لا يتصل بـ(غوغل)».