تتضمن تصورات للتحكم في الأجهزة المنزلية عن بُعد

توقعات بانتشار تقنيات «المنازل الذكية» خلال السنوات المقبلة

صورة

بدأ الحديث عن تقنيات المنازل الذكية قبل سنوات، وطُرحت تصورات مختلفة لإمكانات التحكم في الأجهزة المنزلية عن بُعد، وإدارة استهلاك الطاقة والأمن المنزلي من خلال الهواتف والحواسيب. ويتوقع محللون وصول حجم السوق إلى مليارات الدولارات خلال السنوات القليلة المُقبلة. ومع ذلك، ظلت هذه الميزات بعيدة عن جموع المستهلكين والانتشار الواسع، الأمر الذي يُرجعه البعض إلى غياب التعاون بين مختلف الشركات والحاجة إلى تقديم ميزات مؤثرة للجمهور.

 

وتضمنت تصورت المنازل الذكية، تواصل السيارة المُتصلة بالإنترنت مع المنزل عند اقتراب وصولها، لتدب الحياة في المنزل ويبدأ جهاز تنظيم درجات الحرارة (ثرموستات) ضبط درجة التدفئة، وتعمل الإضاءة والموسيقى المناسبة للحالة المزاجية للمستخدمين، ويُسخن الفرن الأطباق المُعدة مُسبقاً. كما يفتح باب المرآب تلقائياً لتتولى السيارة عملية الإيقاف، ويفتح الباب الأمامي للمنزل الذي يتضمن نظاماً لتمييز الوجوه من دون الحاجة إلى استخدام المفاتيح.

لكن يستمر التساؤل حول مدى واقعية مثل هذا التصور وإمكانية تحققه قريباً. وفي الواقع تتوافر الآن جميع التقنيات اللازمة لإنجاز هذا السيناريو فعلياً، بحسب ما قال نائب رئيس المنازل المتصلة بالإنترنت في شركة «دويتشه تيلكوم» الألمانية للاتصالات، هولجر كنوبكي.

وأصدرت الشركة أخيراً، تقريراً يُسلط الضوء على فرص العمل في تقنيات المنازل الذكية لتجارة التجزئة وشركات التأمين ومُصنعي الأجهزة والمرافق وشركات الاتصالات. وقال كنوبكي: «أدركنا أن المنزل الذكي سيكون سوقاً ضخمة، وأعربت نسبة تراوح بين 50 و80% من الأشخاص عن اهتمامها بخدمات المنزل الذكي». وأضاف أن ذلك قد ينتهي بدفع اشتراك شهري يراوح بين خمس و10 يورو، ما يُساوي أكثر من 17 مليار دولار في أوروبا الغربية بحلول عام 2019.

وتُطور شركة «دويتشه تيلكوم» منصة مفتوحة تُشبه «سمارت ثينجز» من شركة «سامسونغ»، وتعمل بمثابة بوابة لجميع الأجهزة المُتصلة بالإنترنت مثل أنظمة الإضاءة القائمة على استشعار الحركة والمقاييس الذكية لاستهلاك الطاقة. وحظت المنصة بمُشاركة 40 جهة منها أسماء معروفة مثل «فيليبس» و«بوش» و«سونوس» و«سامسونغ».

وفي السياق نفسه، تختبر شركة «بي إم دبليو» إمكانات الاتصالات بين السيارات والمنزل في القمرات الفاخرة لسيارات الفئة السابعة.

ويبرز تساؤل حول سبب عدم انتشار المنازل المتصلة بالإنترنت ونجاحها لغاية الآن، على الرغم من الحديث عنها منذ سنوات؟ ويعتقد كنوبكي أن ذلك «يرجع إلى عدم توافر هواتف ذكية واتصال لاسلكي بالإنترنت (واي فاي) سريع في المنازل، واختيارات متنوعة من الأجهزة المزودة برقاقات إلكترونية»، وأضاف «أن الظروف الآن مواتية».

وأكد كنوبكي أن الأجهزة الذكية للقياس وتنظيم درجات الحرارة، التي تحظى بدفعة إضافية من الحكومات، ستتمكن من تنظيم استخدام الطاقة في المنازل. واعتبر أن قدرتها على التوفير في فواتير الكهرباء والتدفئة ستكون أحد العوامل الرئيسة للنمو في تقنيات المنازل المُتصلة بالإنترنت.

واتفق معه في الرأي المحلل في شركة «أوفوم» لأبحاث التكنولوجيا، مايكل فيلبوت. وقال إن أغلب المستهلكين سيستخدمون مقاييس ذكية للطاقة، و«ثيرموستات» ذكية، وأجهزة أخرى تتصل بها مثل الثلاجات في عام 2020، بحيث تُحقق قدراً أكبر من الكفاءة في استهلاك الطاقة، وأضاف فيلبوت أن «المستهلكين بعد استخدام هذه التقنيات سيبدأون التساؤل عن استعمالاتها الأخرى».

وأشار مدير التسويق في قسم الأجهزة المنزلية في شركة «هوفر»، ستيف ماكدونالد، إلى أن انتشار الهواتف الذكية والتطبيقات أكسب متاجر التجزئة والمصنعين الثقة في إمكانية نجاح الأجهزة المُتصلة بالإنترنت. وأطلقت أخيراً شركة «هوفر» مجموعة من أدوات المطبخ المزودة بالاتصال اللاسلكي «واي فاي» باسم «هوفر ويزارد»، ويُمكن التحكم بها جميعاً من خلال تطبيق للهواتف.

واعتبر ماكدونالد أن الأمر يتعلق بإتاحة الفرصة للمستخدمين للاتصال بمنازلهم أثناء وجودهم خارجها، وضرب مثالاً بتلقي تنبيه في حال انتهاء برنامج الغسيل، وآخر يُؤشر إلى حاجة الفرن إلى التنظيف، وإمكانية تخفيض درجة حرارة الثلاجة قبل وصول المستخدم إلى المنزل قادماً من رحلة تسوق.

لكن مثل هذه الأمثلة تدفع للتساؤل عن مدى أهمية هذه الاستخدامات، وما إذا كانت مجرد أمور مُثيرة للاهتمام ومُمتعة من دون أن تكون ضرورية.

 

ويعتقد بعض المُحللين أن ميزات الأمن المنزلي ستكون العامل الأبرز في زيادة الاهتمام بتقنيات المنازل الذكية على نطاقٍ واسع. وطورت شركة «إيه تي آند تي» الأميركية للاتصالات منصتها «ديجيتال لايف» للمنازل الذكية استناداً إلى الأمن. وتُوفر للمشتركين كاميرات فيديو وأدوات استشعار لفتح الأبواب والنوافذ والحركة، وأدوات للإغلاق عن بعد، ويُمكن استخدامها جميعاً من خلال الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية والمكتبية.

 

وقال فيلبوت: «ينطلق العديد من مزودي الخدمات من الأمن، نظراً إلى وجود نموذج عمل قائم بالفعل حول الأمن في المنزل». وأشار إلى امتلاك نحو 30% من المنازل في المملكة المتحدة نوعاً من أجهزة الإنذار المنزلي، ويدفع نحو 10% منها اشتراكات شهرية نظير الحصول على خدمة متخصصة للأمن المنزلي.

وفي ظل الحديث عن آفاق نجاح المنازل الذكية ورواجها، يبدو غياب التعاون سبباً لتأخر نجاح المنازل الذكية واستغراقه وقتاً أطول فاق توقعات بعض شركات التكنولوجيا والمحللين. واعتبرت شركة «دويتشه تيلكوم» ذلك سبباً لانتهاجها أسلوب المنصة المفتوحة بدلاً من تطوير نظام خاص يُلائم منتجات شركة واحدة أو شركتين فقط.

ومن ناحية أخرى، تسعى «أمازون» و«أبل» إلى تطوير نظام خاص بكلٍ منهما. وتتجه شركات التكنولوجيا الأخرى للتعاون سوياً والاتفاق على معايير مُشتركة تسمح لجميع هذه الأجهزة بالتواصل معاً، والتحدث إلى بعضها بعضاً بلغة يُمكن للجميع فهمها.

وتبقى المشكلة الوحيدة اجتماعها في مجموعات مُنفصلة، ففي عام 2013 أطلقت مؤسسة «لينكس» «تحالف أول سين» AllSeen Alliance، وضم معها شركات «كوالكوم»، و«إل جي إلكترونيكس»، و«باناسونيك»، و«شارب» وغيرها.

وفي العام التالي، تعاونت شركة «نست»، التي استحوذت عليها «غوغل»، و«سامسونغ» وغيرهما في تأسيس «ثيرد» Thread. واشتركت «إنتل» و«سامسونغ» و«ديل» في تأسيس «أوبن إنتركونكت كونسورتيوم»Open Interconnect Consortium. وبدأت مجموعة من الشركات المُوفرة لخدمات النطاق العريض «مبادرة هوم غيتواي» في العام الماضي.

وأكد فيلبوت من شركة «أوفوم» أن كل ما يُزعج المستهلكين ويُربكهم سيُشكل عائقاً أمام المنازل الذكية. وقال إنهم سيدأون الإقبال على تقنياتها إذا ما جعلت حياتهم أفضل وأرخص كثيراً، وأضاف فيلبوت: «لم نبلغ بعد هذه المرحلة».

 

تويتر