صفقة الاستحواذ على «إي إم سي».. رهان طموح لشركة «ديل»
نجح مؤسس شركة «ديل» ورئيسها التنفيذي، مايكل ديل، قبل عامين في تحويل الشركة إلى مؤسسة خاصة، الأمر الذي منحها الوقت والمرونة لمواجهة التغيرات المُتلاحقة في صناعة التكنولوجيا. وحالياً تستعد «ديل» لما قد يصير أكبر صفقة استحواذ في تاريخ شركات التكنولوجيا بشراء شركة «إي إم سي» EMC المتخصصة في حلول تخزين البيانات التي تُصارع هي الأخرى للتعامل مع التغيرات السريعة الجارية.
صفقة ضخمة
وتُراهن «ديل» وداعمها المالي، شركة «سيلفر ليك»، على دور الصفقة التي تجاوزت قيمتها 60 مليار دولار (نحو 220.3 مليار درهم) لمساعدتها على مواكبة العصر؛ إذ لم يعد من الممكن لشركة مثل «ديل» الاستمرار في صناعة أجهزة الكمبيوتر الشخصية وحدها، وهو المجال الذي خاضه مايكل ديل انطلاقاً من غرفته في السكن الجامعي قبل ثلاثة عقود.
وأدرك «ديل» ذلك حين قرر مع «سيلفر ليك» تحويل الشركة إلى مؤسسة خاصة؛ ليُتيح لها استكمال تحولها إلى شركة لحلول الحوسبة للشركات بعيداً عن مراقبة مستثمري سوق الأوراق المالية وضغوطهم.
وتمنح صفقة الاستحواذ على «إي إم سي» لشركة «ديل» أحد الأسماء المُؤثرة في تخزين البيانات، لتُضيف إلى ما تقدمه في مجال الخوادم وبرمجيات الشركات.
وبموجب شروط الاتفاقات، تشتري «ديل» شركة «إي إم سي» مُقابل 33.15 دولاراً لكل سهم، في عملية تجمع بين الأموال النقدية ونوع خاص من الأسهم. ويجاوز هذا السعر بنسبة 27% سعر التداول لأسهم «إي إم سي» قبل ظهور أنباء صفقة الاستحواذ للمرة الأولى.
رهان طموح
وتُمثل الصفقة رهاناً طموحاً من نواحٍ مختلفة. وفي الوقت الذي لم يهدأ فيه المعدل السريع لعمليات الاندماج والاستحواذ الكبيرة بين الشركات، فإن «ديل» بهذه الصفقة تحمل قدراً كبيراً من الديون، وإن كان سيجري اقتراض المال من المصارف، قبل الارتفاع المتوقع في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
كما أن الصفقة ستجعل «ديل» أكبر حجماً، في وقت يعتقد فيه العديد من الشركات من مختلف التخصصات والاهتمامات أن الحجم الأصغر أفضل لعملها. وأعلن العديد من شركات التكنولوجيا الكبيرة عن خططٍ لتقسيم أعمالها، إذ تُكرس كل جزء لقطاع مُحدد في السوق.
ويرى المدافعون عن نموذج تجنب التكتلات أنه يمنح كل شركة تركيزاً أفضل من الإدارة وحاملي الأسهم، ويأملون أن يقود ذلك إلى سعر أفضل لأسهم الشركات الجديدة.
ولا تبتعد شركات التكنولوجيا عن هذا النهج، إذ تقترب «هيوليت باكارد» من تجزئة أعمالها إلى قسمين؛ يختص أحدهما بخدمات الشركات، ويُركز الآخر على أجهزة الكمبيوتر الشخصية. وفي وقتٍ سابق من العام الجاري أعلنت «إي باي» عن فصل قسمها «باي بال» للمدفوعات عن عملها في التجارة الإلكترونية.
وكانت «إي إم سي» واجهت انتقادات المستثمرين لما يُسمى بـ«الاتحاد»، فتتنوع تخصصات شركاتها من تخزين البيانات والشبكات وإدارة المحتوى. ورفضت إدارتها الدعوات المُتكررة لتقسيم الشركة. ويرى مايكل ديل، ونظيره في «إي إم سي»، جو توتشي، أن نموذج عمل النافذة الواحدة أو تقديم خدمات متعددة سيُساعد على جذب عملائهم من الشركات الراغبة في شراء خوادم.
واقع «إي إم سي»
وواجهت «إي إم سي» صعوبات عدة خلال العقد الماضي؛ نظراً لتراجع أسعار تخزين البيانات، وفشل صفقات الاستحواذ الإضافية في تغيير وضعها، كما تراجعت أسهمها بأكثر من 12% قبل الإعلان عن محادثاتها مع «ديل».
وبلغت القيمة السوقية لشركة «إي إم سي»، مع إغلاق سوق الأسهم الجمعة الماضية، نحو 53.6 مليار دولار، ويتمثل الجانب الأكبر منها في حصتها البالغة 81% في شركة «في إم وير» VMware المعروفة بإنتاج برمجيات الحوسبة السحابية ومحاكاة نظم التشغيل، فيما تبلغ القيمة السوقية لشركة «في إم وير» نحو 33 مليار دولار.
ومنذ عام 2014، واجهت «إي إم سي» ضغوطاً من صندوق «إليوت مانجمنت» للتحوط الذي يمتلك سجلاً حافلاً في تغيير شركات التكنولوجيا ذات الأداء السيئ. وتوصلت الشركة إلى هدنة مع الصندوق في يناير الماضي، دون أن تبدأ في خطة تحول شاملة. وفي ضوء صمت صندوق الاستثمار، خلال الفترة الماضية، يتساءل المحللون عما إذا كانت دعواته المطالبة بتغييرات جذرية سترتفع مُجدداً.
وخاضت «إي إم سي» طيلة الشهرين الماضيين مفاوضات مع «ديل» و«سيلفر ليك»، بعدما انهارات محاولات سابقة لبيعها إلى «إتش بي».
أداء جيد
ولا تُعد صفقة الاستحواذ هذه الأولى لشركة «ديل» التي أنفقت بالفعل مليارات الدولارات لتأمين تحولها من مجال تصنيع أجهزة الكمبويتر الشخصية، وفي ظل عملها كشركة خاصة، صارت قراراتها التجارية أسرع، ولا تحتاج إلى حساب ردود فعل المستثمرين في سوق الأوراق المالية.
وتُظهِر المعلومات المُعلنة عن شركة «ديل» أداءها الجيد؛ فبقيت حصتها في سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصية ثابتة بنحو 14%، وهو ما يرجع إلى أسباب منها تراجع مبيعاتها بمقدار يقل عن مُنافسيها.
ويُمكن لتحويل «إي إم سي» إلى شركة خاصة أن يُوفر لها المتنفس نفسه الذي تمتعت بهه «ديل». وبحسب مشروع الاندماج الذي حمل اسم «إيمرالد»، ستُقدم «ديل» 24.05 دولاراً نقداً مُقابل كل سهم، و9.10 دولارات كحصة أسهم في «في إم وير».
وبغرض تمويل الصفقة، استعانت كلٌ من «ديل» و«سيلفر ليك» بمجموعة كبيرة من المصارف، وجاء ذلك قبل خطوة وشيكة طال انتظارها بإقدام «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي على رفع أسعار الفائدة، وهو أمر كان ليُضيف عشرات الملايين من الدولارات إلى حجم الدين.
وفي حين أن «ديل» ستمتلك حصة أغلبية في شركة «في إم وير» التي ستبقى أسهمها في سوق الأوراق المالية، فإن مالكيها يؤكدون أن بقاء «ديل» شركة خاصة لفترة إضافية لن يكتمل، بعد تحولها للعمل في مجال خدمات الشركات بدلاً من مبيعات أجهزة الكمبيوتر الشخصية.