تزايد اهتمام شركات التكنولوجيا في «وادي السيليكون» وخارجه في مجال النقل بالشاحنات خلال الأشهر الأخيرة. غيتي

شركات ناشئة تستعين بالتكنولوجيا والهواتف الذكية لاقتحام مجال النقل بوساطة الشاحنات

تسعى شركات التكنولوجيا الناشئة لتوجيه جهودها لتغيير مجال آخر في الاقتصاد التقليدي، وهو النقل عبر الشاحنات من خلال الاستفادة من الهواتف الذكية لسائقي الشاحنات لإيصالهم سريعاً بشركات قريبة تبحث عن شاحنات لنقل منتجاتها.

 ويُسهم المستثمرون بملايين الدولارات في الشركات المبتدئة التي تأمل إحداث تغيير جذري في مجال النقل عبر الشاحنات، الذي يُقدر حجمه بمليارات الدولارات. وتتنافس الشركات الناشئة على أمل أن تصير إحداها بمثابة «أوبر» للشاحنات، وتهدف إلى إعادة ابتكار قطاع النقل بالشاحنات في الولايات المتحدة الأميركية، الذي اعتمد طويلاً على الوسطاء، ويُؤدون فيه دوراً مُشابهاً لوكلاء السفر لكن للشاحنات، ويُمثلون حلقة الوصل بين السائقين وشركات الشاحنات والمتعاملين.

وخلال الأشهر الأخيرة، تزايد اهتمام شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون وخارجه بمجال النقل بالشاحنات. وقالت شركة «تركر باث» Trucker Path في مدينة سان فرانسيسكو، إنها ترمي إلى رفع تقييمها إلى مليار دولار العام المُقبل. وبالنسبة لشركة «كونفوي» Convoy، التي تُعد من أحدث المشاركين في هذا المجال، فذكرت خلال الأسبوع الجاري أنها نجحت في جذب تمويل أساسي بقيمة 2.5 مليون دولار من مستثمرين عديدين، منهم مؤسس شركة «أمازون»، جيف بيزوس، ومؤسس شركة «سيلز فورس»، مارك بينيوف، ومؤسس شركة «إي باي»، بيير أوميديار، والمؤسس المُشارك في «أوبر»، جاريت كامب. وعلق هادي بارتوفي على شركات التقنية المبتدئة في مجال النقل عبر الشاحنات: «لم أشهد قط فرصة أكبر في السوق»، واستثمر بارتوفي مُبكراً في شركات «فيس بوك» و«دروب بوكس» و«إيربنب»، فضلاً عن استثماره أخيراً في «كونفوي».

ويتطلع بارتوفي وغيره من المستثمرين إلى المشاركة في مجال حقق العام الماضي عائدات بلغت 700 مليار دولار. وقال إنه «في المُقابل تتطلع أغلب الشركات الناشئة الأخرى إلى أسواق تراوح قيمتها بين مليار وملياري دولار». لكن الشركات الناشئة في هذا القطاع تُواجه معوقات عدة، منها نفور شركات الشحن من المخاطرة، ومعارضة جانب من سائقي الشاحنات لاستخدام التكنولوجيا. ويرى محللون أن الشركات الجديدة قد تُثبت فاعليتها في مجال توصيل البضائع محلياً، وهو ما يُمثل جزءاً صغيراً من قطاع النقل عبر الشاحنات.

وقال المُحلل المتخصص في النقل في مصرف «ستيفنس» الاستثماري، جاك أتكينز، إن «سائقي الشاحنات متحفّظون جداً حيال اعتماد الخيارات التكنولوجية المُتاحة»، وأضاف أنه على الرغم من وجود الكثير من الحركة إلا أنه لا يرى أن تطبيقاً من خارج القطاع سيُغير النقل عبر الشاحنات بالنظر إلى تعقيدات هذا المجال. وتستهدف الشركات الجديدة العمل مع الشاحنات المحملة بالكامل، وكذلك نقل الشحنات الأصغر التي تشغل منصات محددة أو صناديق كبيرة. وقالت شركة «كونفوي» التي تتخذ من مدينة سياتل مقراً لها، إنها «تُتيح للشركات الباحثة عن وسيلة لشحن بضائعها محلياً طلب تنفيذ المهمة عبر موقعها، والحصول على سعر فوري، وتتبع مسار الشحنة في الوقت الحقيقي». وتُحدد «كونفوي» سعر التوصيل استناداً إلى عناصر عدة.

وبعد شهرين من استخدام مدير سلسلة التوريد العالمية في منظمة «وورلد فيغن» الإنسانية المسيحية، مايك وليامز، لخدمة «كونفوي»، قال إنها «أوصلته إلى سائقي شاحنات في غضون أربع أو خمس دقائق، مُقابل استغراق ذلك ساعات عدة عند التعامل مع بعض الوسطاء». وأضاف وليامز أن «السرعة عامل حاسم لمنظمته، نظراً إلى حجزها توصيل الكثير من الشحنات، من بين 3000 شحنة سنوياً، في اللحظات الأخيرة، وتتضمن إمدادات طبية وأخرى للمدارس، وملابس وأثاثاً».

وتستهدف ما لا يقل عن سبع شركات ناشئة سوقاً مُماثلة، ومنها «كي تشين لوجيستكس» KeyChain Logistics، و«ترانسفكس» Transfix، بالإضافة إلى «تراكر باث» التي اجتذبت في شهر يوليو الماضي تمويلاً بقيمة 20 مليون دولار. وتسعى شركة «كارجوماتيك» Cargomatic في مدينة لوس أنجلوس إلى ملء المساحات الخالية في الشاحنات، وذلك من خلال ربط الشركات التي ترغب في شحن بضائعها مع السائقين المتجهين إلى المناطق المرغوبة. وبدأت الشركة عملها قبل عامين، وتُوظف 58 شخصاً، وحصلت على تمويل بلغ 12 مليون دولار. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «كارجوماتيك»، جوناثان كيسلر، إن «الشركة يسرت نقل عشرات آلاف الشحنات في مدينتي نيويورك ولوس أنجلوس خلال العام الجاري».

وأوضح كيسلر أن «الشركة تهدف إلى تطبيق مبادئ (اقتصاد المشاركة)، أو (الاقتصاد التعاوني) التي استحدثتها شركتا (أوبر) و(إيربنب) في النقل المحلي عبر الشاحنات، ما يعني أن الشاحنات ستكون أكثر امتلاءً لوقت أكبر، وستسلك مسارات أقصر لجمع الشحنات».

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «كونفوي»، دان لويس، إن شركته «تُمكن الشركات الصغيرة للشاحنات والسائقين المستقلين، من خلال إتاحة وصولهم مباشرةً إلى مجموعة ثابتة من المستهلكين». وأضاف لويس، الذي يبلغ من العمر 34 عاماً: «لا يُمكن أن يكون لديك مليون شركة صغيرة للشاحنات من دون وسطاء، لكنهم يحصلون على رسوم باهظة من دون تقديم قيمة كبيرة». ويبلغ متوسط الرسوم التي يحصل عليها الوسطاء 20% من سعر التوصيل. وقال لويس إن «رسوم (كونفوي) تتفاوت بين حالة وأخرى، لكنها تقل عن 20%، ما يجعلها أكثر فاعلية وتسمح للسائقين بالربح أكثر من كل مهمة».

وتُوفر شركة «إكس بي أو لوجيستكس» XPO Logistics خدمات عدة، منها الوساطة للنقل عبر الشاحنات. وقالت الشركة إنها «تستثمر ملايين الدولارات في التكنولوجيا». وأقر رئيسها التنفيذي، برادلي جاكوبس، بتغير جوانب عدة في الوساطة في مجال النقل في نهاية المطاف، ورجح أن تكون شركته جزءاً من إحداث التغيير وليس من مستقبليه.

ولا يُعد مجال النقل بالشاحنات الوحيد الذي يشهد موجة من التطوير في مجال الخدمات اللوجستية. وفي قطاع توصيل الطرود الصغيرة كما هي الحال في التجارة الإلكترونية تُحاول شركات مثل «أوبر» وغيرها سحب البساط من تحت أقدام شركات عملاقة مثل «يو بي إس» أو «خدمة الطرود المتحدة» و«فيديكس» في ما يخص توصيل الطرود في اليوم نفسه. وبالنسبة للطرود التي تُنقل لمسافات أطول، تُحاول شركة «رودي» Roadie جذب طلاب الجامعات وغيرهم من المسافرين لإيصال الطرود المتوجهة إلى وجهاتهم وكسب المال.

الأكثر مشاركة