حسّنت علاقتها مع شركات محلية لتوفير خطط سداد شهرية.. وتقدم خططاً لإعادة الشراء وخصومات على طرز قديمة

«أبل» تعيد النظر في سوق الهند وتتجه إلى اقتناص آخر «فرصة كبيرة» للنمو

تنطلق «أبل» في الهند من قاعدة محدودة من المستهلكين. غيتي

كثيراً ما نظرت شركة «أبل» الأميركية إلى الهند باعتبارها سوقاً تهيمن عليها الهواتف المحمولة العادية، ومستهلكين بعينهم في المقام الأول، لتقليص كُلفة الهواتف إلى أقصى قدر ممكن، حتى إن الهند ذُكرت ثلاث مرات فقط في آخر تقرير سنوي للشركة مقارنةً مع ذكر الصين 27 مرة.

 وبينما تُخطط «أبل» لافتتاح 40 متجراً في الصين بحلول نهاية عام 2016، فإنها لم تفتتح بعد أول متاجرها في الهند.

 فرصة أخيرة

 لكن هذه النظرة تتغير سريعاً، إذ تتخوّف «أبل» من تراجع مُعدلات نمو مبيعاتها في الصين، ما يدفعها للبحث عن فرصتها التالية في واحدة من آخر الفرص الكبيرة للنمو التي لم تُستغل بعد، أي الهند التي يسكنها 1.2 مليار نسمة. ويترافق ذلك مع توقعات بتراجع نمو مبيعات هواتف «آي فون» خلال الفصول المُقبلة، ما يجعل من تركيز «أبل» على العمل في الهند أولوية أكثر إلحاحاً.

 وفي نهاية الأسبوع الماضي، تجلّت علامة جديدة على اهتمام «أبل» بالسوق الهندية، من خلال إطلاقها ساعتها الذكية «أبل ووتش» في البلاد، ما يدل على اعتقاد الشركة بوجود ما يكفي من المشترين الأثرياء لمنتج يحظى باهتمام فئة محددة من المستهلكين.

كما طرحت في أكتوبر الماضي هاتف «آي فون 6 إس» في الهند، بعد حملة إعلانية مُكثفة ولوحات إعلانية ضخمة في مدن هندية مثل مومباي ونيودلهي، وهي المرة الأولى التي تنضم فيها الهند إلى الأسواق التي تصل إليها منتجات «أبل» بعد طرحها للبيع في الولايات المتحدة. وهو ما عبّر عنه مسؤول متجر تجزئة في الهند بقوله: «في الماضي كنا نحصل على أحدث طراز بعد ستة أشهر، لكن الآن الأمر أسرع»، لافتاً إلىحجم الإعلانات التي تنشرها الشركة في الطرق وطبيعتها.

 منافسة قوية

 وتنطلق «أبل» في الهند من قاعدة محدودة من المستهلكين، إذ تراوح حصتها السوقية في ما يتعلق بحجم المبيعات بين 1 و2%، في حين تحتفظ شركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية بالمركز الأول بحصة تبلغ 10% من ناحية المبيعات، بحسب شركة «كاونتر بوينت» للأبحاث في هونغ كونغ. وبالتالي، فإن «أبل» تُواجه منافسة ضارية من شركات منها «شياومي» الصينية التي أعلنت، أخيراً، عن تخطي مبيعاتها في الهند للمرة الأولى مليون هاتف ذكي خلال الربع الأخير.

 

ويتوقع المُحلل في شركة «كريتيف استراتيجيز» في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية، بن باجرين، تضاعف مبيعات هواتف «آي فون» في الهند خلال العام الجاري من مليون هاتف لتصل إلى مليوني هاتف، وهي نسبة صغيرة مقارنةً مع مبيعات هواتف «آي فون» خلال السنة المالية الأخيرة التي بلغت 231 مليون جهاز في أنحاء العالم.

وترى شركة «آي دي سي» للأبحاث أن الهند تُمثل السوق الرئيسة الأسرع نمواً للهواتف الذكية، في ظل وجود مئات الملايين من المستخدمين الذين ينتقلون للمرة الأولى في حياتهم من استخدام الطرز العادية من الهواتف المحمولة إلى الهواتف الذكية. وبذلك ستتفوّق الهند على الولايات المتحدة لتحتل المركز الثاني بين أكبر أسواق العالم للهواتف الذكية في عام 2017، الأمر الذي يمنح «أبل» مجالاً رحباً للنمو.

 تفكير تنظيمي

 وأبدى الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» تيم كوك، خلال إعلانه الأخير عن أحدث النتائج المالية، إعجابه بالنمو الذي حققته الشركة في الهند، وغيرها من الأسواق سريعة النمو مثل فيتنام وإندونيسيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى تغيّر التفكير التنظيمي لشركة «أبل». وخلال العام الجاري، غيّرت «أبل» طبيعة علاقاتها مع الموزّعين، ودفعت بالمزيد من هواتف «آي فون» إلى المتاجر الصغيرة في المدن الهندية متوسطة الحجم التي يُقبل عليها العديد من أفراد الطبقى الوسطى الهندية على شراء الأجهزة الإلكترونية. وبحسب الشركة، تعني هذه الخطوة توافر منتجاتها في 4000 منفذ.

 كما عقدت «أبل» اتفاقات جددة مع شركات الاتصالات مثل «فودافون»، ووثقت روابطها مع مواقع التجارة الإلكترونية مثل «أمازون» و«فليبكارت»، ويُقدم كل منهما خصومات كبيرة على هواتف «آي فون» خلال نوفمبر الجاري، الذي يشهد موسم الأعياد الدينية الهندية، ويُنظر إليها كوقت مُلائم للتسوق.

 عقبة السعر

 من خلال هذه الخطوات، تُحاول «أبل» مُعالجة واحدة من أكبر العقبات التي تُواجه نمو مبيعات منتجاتها في الهند، ففي حين يحب المستهلكون العلامة التجارية لشركة «أبل»، إلا أن الأسعار المرتفعة تدفهم للتراجع عن الشراء. ويبلغ متوسط سعر الهواتف الذكية في الهند 130 دولاراً، وهو ما يقل عن نصف متوسط سعر البيع في الصين، وبالتالي يتسبب سعر هاتف «آي فون 6 إس» البالغ 900 دولار أو أكثر في الهند في إحجام الكثير من المتعاملين المُحتملين.

 

ولذلك تُحسن «أبل» علاقتها مع شركات محلية للتمويل المالي تُوفر خطط سداد شهرية أرخص، كما تُقدم خططاً لإعادة الشراء، وتطرح خصومات كبيرة على الطرز الأقدم من هواتف «آي فون» مثل «آي فون 5» لاجتذاب المستهلكين من ذوي الميزانية المعتدلة.

 متاجر خاصة

 في نهاية المطاف، تحتاج «أبل» في تعاملها الجدي مع السوق الهندية لافتتاح متاجرها الخاصة في البلاد. وفي هذا الشأن تخطو الشركة خطوات بطيئة.

 وتعتزم «أبل» في ديسمبر المقبل افتتاح مجموعة متاجر صغيرة داخل منافذ أكبر تُديرها شركة «كروما» Croma للإلكترونيات التابعة لتكتل شركات «تاتا» الأكبر في الهند.

كما تتمثل إحدى العلامات الرئيسة على نمو طموحات «أبل» في السوق الهندية، بإقبالها على تصنيع هواتف «آي فون» في البلاد.

وخلال اجتماع عُقد في سبتمبر الماضي في الولايات المتحدة بين رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وتيم كوك، طلب مودي من الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» التفكير في هذا الأمر. وأشار باجرين، من شركة «كريتيف استراتيجيز» إلى النمط التدريجي الذي يظهر في خطوات «أبل» داخل الهند، وهو ما يُماثل طريقتها في الصين، إذ أمضت بعض الوقت قبل أن تُكثف وجودها في السوق الصينية، وانتظرت تصاعد انتشار تقنية «الجيل الرابع» للاتصالات، وقال: «ينظرون إلى السوق الهندية، ويقولون إنهم ليسوا مُستعدين بعد». ويرى أنشول جوبتا، من شركة «غارتنر» للأبحاث، أن الخطوات الأخيرة لشركة «أبل» تُظهِر إعدادها بنشاط لتلك اللحظة، أي لتوسعها في الهند، وقال: «تلعب (أبل) لعبةً طويلة، وتضع الأساس اللازم، لكن تتضح أهمية الهند لمستقبلها». وأضاف جوبتا: «لن يستمر النمو في الصين إلى الأبد، وحينها أي مكان سيبقى بعدها؟».

تويتر