بعد تغيير قواعدها بما يضمن توفير حرية أكبر للمنتجين في تحديد ميزات الهواتف وأسعارها
«غوغل» تحاول مجدّداً إنجاح هواتف «أندرويد وان» في الهند
قبل أكثر من عام، أطلقت شركة «غوغل» الأميركية برنامج «أندرويد وان» في الهند، الذي استهدف عموماً توفير مجموعة من الهواتف الذكية جيدة المواصفات ومُنخفضة الكُلفة، لاكتساب مزيد من المستهلكين في الأسواق الناشئة سريعة النمو، ومنح المستخدمين في الاقتصادات النامية سبيلًا رخيصاً للاتصال بالإنترنت عبر نظام تشغيل «أندرويد»، لكن البرنامج حتى الآن لم يحقق النجاح المنشود.
وفي الوقت الراهن تحاول «غوغل» مجدداً إطلاق هواتف «أندرويد وان» جديدة في الهند، بعدما غيّرت قواعدها، بما يضمن توفير حرية أكبر للمنتجين في تحديد ميزات الهواتف ومكوناتها وأسعارها.
وتخطط «غوغل» للتعاون مع شركة «لافا إنترناشيونال» الهندية لإطلاق هواتف ذكية منخفضة الكُلفة في غضون الأشهر المقبلة جزءاً من برنامج «أندرويد وان»، حسب ما نسب تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» إلى مصادر مطلعة.
وأطلقت «غوغل» برنامج «أندرويد وان» في الهند في سبتمبر من العام الماضي. وبرر مُحللون الخطوة برغبة الشركة في إتاحة خدماتها مثل «يوتيوب» و«جيميل» والبحث على الإنترنت لأعداد أكبر من المستخدمين، ما يسمح لها بجني مزيد من عائدات الإعلانات.
لكن هواتف «أندرويد وان» الأولى التي صنعت بالتعاون مع شركات «مايكروماكس إنفورماتيكس» و«كاربون» و«سبايس»، وبيعت بما يعادل 100 دولار تقريباً، لم تحقق نجاحاً كبيراً بين المستهلكين. وبلغ عدد شحناتها جميعاً خلال العام الأول من إطلاقها 1.2 مليون وحدة، وفقاً لشركة «كونتر بوينت» للأبحاث، ما يمثل 3.5% من سوق الهواتف التي تراوح أسعارها بين 50 و100 دولار.
في المقابل، استحوذت هواتف «ريدمي» التي تباع بالسعر نفسه وتنتجها شركة «شياومي» الصينية على 7.5% من السوق. وواجهت «غوغل» منافسةً ضارية من الأجهزة التي ينتجها شركاؤها أنفسهم.
وأفادت شركة «ميكروماكس» بأنها تبيع ثلاثة ملايين هاتف شهرياً، ويقل سعر الكثير منها عن 150 دولاراً، وتعمل هذه الهواتف بنظام «أندرويد»، لكن لا تندرج ضمن برنامج «أندرويد وان».
ومنذ انطلاق البرنامج في الهند، توسع إلى 19 بلداً، منها: إندونيسيا والفلبين وتركيا والمغرب ومصر، لكن شحنات هواتف «أندرويد وان» بلغت ثلاثة ملايين وحدة فقط، حسب بيانات «كونتر بوينت»، ولم تكشف «غوغل» عن مبيعات أجهزة «أندرويد وان».
وقال الرئيس التنفيذي لشركة «سيانوغين» الناشئة، كيرت ماكماستر: «هناك طريق طويل يجب المضي فيه قبل انطلاق (أندرويد وان) مجدداً». وتُوفر «سيانوغين» نسخة معدلة من نظام تشغيل «أندرويد»، وتتعاون مع شركة «ميكروماكس» في الهند.
وتضمنت أهم شكاوى الشركات الهندية المنتجة للهواتف، وضع «غوغل» متطلبات صارمة للعتاد المكون لهواتف «أندرويد وان»، ما جعل من الصعب عليها تمييز منتجاتها عن تلك الخاصة بمنافسيها، سواء في ما يتعلق بالسعر أو الميزات. وعلى سبيل المثال، كان أمام الشركات الهندية خيار أو خياران في ما يخص معظم المكونات، واشترطت «غوغل» شراءها من مورّدين محدّدين.
وترى «غوغل» أن هذه الشروط تضمن أن تكون الهواتف قادرة على تشغيل النسخة الأحدث من نظام تشغيل «أندرويد»، وفي المقابل، رأت الشركات في المتطلبات قدراً أقل من المرونة في السعر، إضافة إلى تسببها في إبطاء طرح المنتجات الجديدة، حسب أشخاص قريبين من «أندرويد وان».
وقال ماكماستر إن «(غوغل) حاولت تعريف الكثير جداً من المعايير بخصوص مكونات أجهزة (أندرود وان)، في حين يثمن المصنعون الهنود حقاً مرونة سلسلة التوريد»، موضحاً أنه «في حال تمكن منتجو الهواتف من شراء أحد المكونات أقل بمقدار دولار، يعني ذلك كثيراً لهم عندما يتكلف الجهاز 100 دولار أو أقل».
وأضاف ماكماستر أن «(غوغل) قيدت هذه المرونة، الأمر الذي دفع القليل من منتجي الهواتف في الهند للالتزام بإنتاج هواتف (أندرويد وان)، وحتى هؤلاء اكتفوا بتقديم طراز أو اثنين فقط».
ووفقاً للأسلوب الجديد، أتاحت «غوغل» لشركائها في برنامج «أندرويد وان» نطاقاً أوسع للاختيار لمكونات الأجهزة وشرائها من مورّديهم المفضلين، حسب ما ذكرت مصادر مطلعة. وعلى سبيل المثال، يمكن للشركات المنتجة الاختيار من بين خمس كاميرات مختلفة، كما يمكنهم الاعتماد على مورّدين آخرين لشراء المعالج الرئيس مثل «كوالكوم».
وأورد تقرير «وول ستريت جورنال»، رفض متحدثة باسم شركة «غوغل» التعليق، وكذلك شركات «لافا» و«ميكروماكس» و«كاربون». وذكرت متحدثة باسم شركة «سبايس» أنه «لا تُوجد خطط حالية لدى الشركة لإطلاق هواتف جديدة، ضمن برنامج (أندرويد وان)».
ويعدّ نجاح «غوغل» في الهند أمراً محورياً لها، في ظل سعيها لجذب مزيد من المستخدمين في الأسواق الناشئة سريعة النمو. وقال الرئيس التنفيذي للشركة، سوندار بيتشاي، إن «نظام تشغيل (أندرويد) جذب نحو 400 مليون مستخدم جديد، منذ مايو من العام الماضي، وكانت البلدان النامية المصدر الأكبر للنمو. ومن بين 900 مليون مستخدم للهواتف المحمولة في الهند، يمتلك 10% منهم هواتف ذكية».
وأرجع المحلل في شركة «إيه بي آي ريسيرش»، جيف أور، رغبة «غوغل» في زيادة عدد مستخدميها في الهند إلى سعيها لتنمية أعمالها في الإعلانات الرقمية، كما فعلت في أسواقٍ أخرى في العالم، ويجعل توفير هواتف «أندرويد» للهنود هذا الأمر ممكناً.
ومع ذلك، فإن كثيراً من الشركات المنتجة للهواتف الذكية في الأسواق الناشئة، مثل الهند، يجذب المستخدمين إلى أجهزتهم، من خلال تخصيص نظام التشغيل، وتوفير تطبيقات وخدمات ومتاجر تطبيقات خاصة بهم. وبالتالي فحتى مع توفير هواتف حديثة، يتشكك بعض المسؤولين في احتمالات تنامي الطلب على النسخ الجديدة من هواتف «أندرويد وان».
كما أن المرونة التي أبدتها «غوغل»، أخيراً، قد لا تكون في مصلحة هواتف «أندرويد وان» دائماً، وهو ما عبّر عنه مسؤول تنفيذي في إحدى الشركات المنتجة للهواتف في الهند بقوله: «إن الاتجاه المرن الجديد الذي انتهجته (غوغل) في متطلبات العتاد لهواتف (أندرويد وان)، يتيح فارقاً ضئيلاً بين هواتف (أندرويد وان)، والهواتف العادية بنظام (أندرويد)».