توقعات بارتفاع المتعاملين معها إلى 100 مليون منتصف 2016
شركة ناشئة تُوفر التحويلات المالية عبر المحمول للملايين في إفريقيا
تأسست شركة «إم إف إس إفريقيا» MFS Africa في جنوب إفريقيا في عام 2009، ونجحت الشركة الناشئة، التي يعمل بها 30 شخصاً فقط، في ابتكار منصة لتحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة، تجمع أكبر شركات الاتصالات في القارة السمراء، والتي يصل إجمالي عدد المشتركين فيها إلى 500 مليون مستهلك.
ويُقدّر «البنك الدولي» أن حجم التحويلات المالية في الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، أي المال الذي يُرسله العمال المهاجرون إلى أوطانهم، زاد بنسبة 2.2%، ووصل إلى 32.9 مليار دولار في عام 2014 مُقارنةً مع العام السابق. وتُشكل هذه النسبة نحو ضعفي معدل النمو في العامين السابقين. ويتوقع «البنك الدولي» تصاعد نسبة الزيادة إلى 2.7% بين عامي 2015 و2017.
ولا يتطلب نظام الدفع من شركة «إم إف إس إفريقيا» توافر هواتف ذكية مرتفعة المواصفات لدى مستخدميه، وهو ما يتناسب مع ظروف القارة الإفريقية التي لاتزال تحظى فيها الهواتف المحمولة العادية بالقدر الأكبر من الانتشار. ويحتاج المستخدمون فقط إلى إنشاء حساب مع شركة الاتصالات التي يتعاملون معها. وتضم قائمة شركاء «إم إف إس إفريقيا» شركة «إم تي إن جروب»، والوحدات الفرعية التابعة لشركة «فودافون»، و«بهارتي إيرتل» الهندية، وغيرها. ويُمكن للمستخدمين تحويل المال إلى حسابات المشتركين مع الشركات الأخرى من خلال كتابة رسالة نصية تتضمن المبلغ المالي، وإرسالها إلى أرقام هواتفهم المحمولة، وتأكيد إجراء التحويل من خلال «رقم التعريف الشخصي».
وتُتيح شركة «إم إف إس إفريقيا» التحويلات المالية من الخدمات التقليدية لتحويل الأموال في أوروبا إلى الهواتف المحمولة في إفريقيا. وتصل الشركة 55 مليون شخص في 17 بلداً إفريقياً، مُقارنةً مع 20 مليون مستخدم قبل عام. وتتوقع «إم إف إس إفريقيا» ارتفاع أعداد المتعاملين معها إلى 100 مليون مستخدم في إفريقيا بحلول منتصف العام المُقبل، وتُصنف 15% منهم ضمن المستخدمين النشطين، أي من يجرون تحويلين ماليين تقريباً شهرياً. وتحصل «إم إف إس إفريقيا» على نحو 30 سنتاً نظير كل تحويل، ويبلغ متوسط كل تحويل 80 دولاراً، ويتطلب الكثير منها تغيير العملات. وتُطبق بعض شركات الاتصالات نظام فارق السعر بين العرض والطلب على العملات الأجنبية، وتحصل «إم إف إس إفريقيا» على نصيبٍ منه، وتتوقع الشركة البدء في تحقيق الأرباح العام المُقبل.
وتُعد «إم إف إس إفريقيا» واحدة من بين عددٍ من الشركات تبذل جهدها لمساعدة العاملين المهاجرين في مختلف أنحاء قارة إفريقيا على إرسال أموالهم إلى أوطانهم الأم، وذلك من خلال وسائل تحويل أسهل وأرخص تستفيد من ابتكارات تكنولوجية، مثل الدفع عبر المحمول بحسب «الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول» GSMA التي تُمثل الشركات المزودة لخدمات المحمول حول العالم. واعتبر مدير «الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول» المعني بالخدمات المالية عبر المحمول، نيكولا فونثرون، أن «المُنافس الأقرب لشركة (إم إف إس إفريقيا) يتمثل في (هوم سند) HomeSend، وهي مشروع مشترك بين أطراف مختلفة، منها شركة (ماستر كارد)». وقال فونثرون إن «(إم إف إس إفريقيا) قد لا تكون بالقوة نفسها، لكنها ربما تتمتع بقدرٍ أكبر من المرونة». ويدعم نجاح «إم إف إس إفريقيا» مكانة جنوب إفريقيا كمركز لابتكار خدمات الدفع عبر الهواتف المحمولة في القارة السمراء. ومثلاً في عام 2011 اشترت «فيزا» شركة «فندامو» Fundamo للخدمات المالية عبر الهواتف المحمولة في كيب تاون، بهدف توسيع خدمات الدفع التي تُقدمها في الأسواق النامية مثل رواندا. كما وقعت شركة «إم تي إن» في جنوب إفريقيا، خلال العام الجاري، اتفاقاً مع «فودافون» لربط أعمالهما في مجال الخدمات المالية عبر الهواتف المحمولة في شرق ووسط إفريقيا، وهو اتفاق أسهمت في عقده «إم إف إس إفريقيا».
وفي عام 2014 استحوذت الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى على أكثر من نصف الخدمات المالية عبر الهواتف المحمولة في العالم، التي بلغ عددها 255 خدمة مالية، وبلغ حجم التحويلات المالية عبر المحمول في المنطقة شهرياً 10 مليارات دولار بنهاية العام الماضي، وفقاً لبيانات «الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول». وبدأت خبرة مُؤسس «إم إف إس إفريقيا» ورئيسها التنفيذي، دير أوكودجو، وشهرته قبل 10 سنوات تقريباً حين تولى تطوير استراتيجية الدفع عبر الهواتف المحمولة في شركة «إم تي إن» وتنفيذها في إفريقيا والشرق الأوسط. وقال أوكودجو إن «هناك قدراً هائلاً من المال يُوجه إلى دفع الأموال».
وأضاف أوكودجو: «كان لدينا ميزة أننا أفارقة، ونتحدث الفرنسية»، لافتاً إلى أنه في ما بعد اتفقوا مع «إيرتل»، وانضمت فروع «فودافون» من تلقاء نفسها تقريباً. وتابع: «حيثما سنحت الفرصة نتأكد ألا نُفسد الموقف». واعتبر أوكودجو أنه من المُمكن الاستفادة من منصة الدفع «إم إف إس إفريقيا»، التي تتطلب من المستخدمين تأكيد التحويل بواسطة رقم تعريف شخصي، في التصويت في الدول الإفريقية جنوب الصحراء. وقال: «لدينا الكثير من الأمور لنعمل عليها». ويُعد أوكودجو نفسه أحد المهاجرين، إذ وُلد في بنين ويعمل في جنوب إفريقيا. وتصل كلفة التحويلات المالية في الدول الإفريقية جنوب الصحراء إلى 12% من قيمة التحويلات، ما يزيد على المُعدل العالمي البالغ 8% بحسب «البنك الدولي». واعتبر رئيس الخدمات المالية للهواتف المحمولة في شركة «إم تي إن»، سيريجني ديوم، أن الشراكات التي أتاحها مركز «إم إف إس إفريقيا» ستُخفض من كلفة التحويلات العابرة للحدود بنسبة 3% أو أقل من قيمة التحويل.
وقال ديوم إن «(إم تي إن) نجحت بالفعل في تحقيق هذا المستوى من رسوم التحويل خلال شراكة تجريبية عقدتها، العام الماضي، مع شركة (إيرتل بوركينا فاسو) وساحل العاج التي تُهيمن فيها (إم تي إن)». وتأمل شركات الاتصالات و«إم إف إس إفريقيا» في أن يُسهِم تراجع تكاليف التحولات في زيادة عدد التحويلات التي يُجريها المشتركون وقيمتها. وجاءت فرصة النجاح الأكبر لشركة «إم إف إس إفريقيا» بعد توقيعها اتفاقاً مع «إم تي إن»، وبعدها شراكة مع شركة «أورانج» الفرنسية للاتصالات. وتُواصل شركة «إم إف إس إفريقيا» بحثها عن سبلٍ جديدة لاستخدام تقنيتها.