التكنولوجيا تُساعد مُؤسسة خيرية على تحسين سير العمل والشفافية في إفريقيا
تهدف مؤسسة «كامفيد» Camfed، غير الحكومية وغير الهادفة للربح، إلى مكافحة الفقر وانعدام المساواة، من خلال دعم تعليم الفتيات في قارة إفريقيا، ودعمهن ليُصبحن قائدات في مجتمعهن المحلي، ويُدرن أعمالهن الخاصة، إلا أنها، مثل غيرها من المؤسسات غير الربحية، فإنها تُواجه مشكلات في مُتابعة مسار الفتيات في التعليم، والتزامهن بالحضور إلى المدرسة، فضلاً عن التعقيدات الخاصة بإدارة الدعم المالي.
نظام مبتكر
ولذلك طورت «كامفيد»، التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، نظاماً مُبتكراً لتنظيم البيانات، إذ سمحت هذه التكنولوجيا للمعلمين بإدخال بيانات الحضور والغياب فورياً، ويُرسل النظام تنبيهاً إلى فريق عمل «كامفيد» في المنطقة، بحسب ما قال رئيس ابتكار تكنولوجيا المعلومات في المؤسسة، دانيل بروبرت، ما يُتيح التقصي عن السبب الذي دفع الفتاة إلى التخلف عن الدراسة، ومكان إقامتها، والتأكد من مواصلتها التعلم في حال انتقالها إلى مكانٍ آخر.
كما تتضمن قاعدة البيانات تسجيلاً لجميع التحويلات المالية، ومقدار المال الذي حصلت عليه كل فتاة تفصيلاً، مثل رسوم الاختبارات ومسحوق الصابون اللازم لتنظيف الزي المدرسي. وتتكامل جميع هذه البيانات معاً، وتظهر في شاشة واحدة، ما يجعل من اليسير الوصول إليها وفهمها.
وفي عام 2014، اختارت «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» نظام الإدارة في مؤسسة «كامفيد»، باعتباره نموذجاً لأفضل الممارسات لتوسيع نطاق الابتكار في التنمية، فيما أشارت شركة «سيلز فورس»، التي تتعاون مع 26 ألف منظمة غير هادفة للربح، إلى الابتكار المُؤثر الذي قدمته «كامفيد».
وأكدت أن تجربة «كامفيد» لا تقتصر على دمج المعلومات معاً، وإنما تتضمن تغلغل الابتكار في ثقافتها وروحها إجمالاً. وعزت نجاحها إلى تحويلها التكنولوجيا إلى جزء جوهري من ثقافتها وعملها عبر النظام بأكمله، بما يشمل الجهات المانحة، والأعضاء النشطاء، والفتيات أنفسهن.
كفاءة وشفافية
ويُتيح هذا المستوى من تكامل البيانات لمؤسسة «كامفيد»، الحصول على تقارير ومُتابعة النجاح بتفاصيل دقيقة، تزيد من كفاءة العمل ومستوى الشفافية والمُساءلة. ودعمت المؤسسة تعليم 1.4 مليون تلميذة منذ تأسيسها في عام 1993، وتشمل أعمالها غانا، وملاوي، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوي.
وتتلقى «كامفيد» دعماً من مؤسسات دولية معنية بالتنمية ومن منظمات خيرية وشركات، وغالباً ما تُحدد الجهات المانحة، بدقة، المجموعة العمرية التي ترغب في توجيه أموالها إليها ومكانها. ويزيد ذلك من أهمية توافر تقارير مُفصلة حول معلومات مثل تسجيل الفتيات في المدارس، ومواصلتهن التعلم، وتقدمهن في الدراسة. وقالت مُؤسِسة ورئيسة «كامفيد»، آن كوتون، إن إحدى الجهات المانحة قد ترغب في دعم تعليم 1000 فتاة على مدار أربعة أعوام في المدارس الثانوية في زيمبابوي وتنزانيا.
وتابعت: «يُمكننا مُتابعة كل فتاة، وبيان نتائجها في الامتحانات، كما نستطيع مُقارنة نتائج المجموعة بالمدارس المحلية الأخرى لإيضاح فائدة برنامجنا».
وأشارت كوتون إلى وصول البيانات إلى الطالبات والمجتمع المحلي، معتبرة أن البيانات بمثابة شبكة أو نظام أمان للطالبة؛ إذ تُتيح معرفة المدرسة، والفصل الذي تدرس فيه، ووالديها، ومكان إقامة عائلتها. ويتم تحديث هذه المعلومات باستمرار، ما يُتيح تطور الاستجابة وفاعليته لاحتياجات كل طالبة.
تحدٍّ تقني
أما رئيس ابتكار تكنولوجيا المعلومات في المؤسسة، دانيل بروبرت، فلفت إلى أن الجمع بين البيانات الشخصية والاجتماعية والمالية في منصة واحدة مثّل تحدياً تقنياً مُشوقاً.
وحين التحق بروبرت بالعمل في «كامفيد» قبل أربعة أعوام، كان النظام المالي وذلك الخاص بإدارة البرامج يعملان بمعزل عن الآخر، وكان التأليف بين النظامين في كل فصل أو ربع عام، يستغرق الكثير من الوقت من أجل مُتابعة معلومات مثل مقدار المال الذي حصلت عليه طالبة في ملاوي بغرض شراء الأحذية.
وقبل نحو 18 شهراً، بدأ بروبرت في تنفيذ نظام يُمكنه التوسع والتكيف، ويعتمد على برمجيات من شركتي «سيلز فورس» و«سيلز فايننشال»، كما أنه يستخدم الحوسبة السحابية، في وقت يتولى المعلمون إضافة البيانات بأرخص الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر اللوحية المُتاحة. ويتضمن نظام «كامفيد» مُقارنة المعلومات الجديدة بأخرى يجمعها العاملون في المجتمع المحلي، ما يُقلل احتمالات الخطأ والفساد، كما يتميز النظام بسهولة استخدامه وتوفيره إقراراً فورياً يُطمئن العاملين الميدانيين على إضافة بياناتهم على النحو الصحيح.
واعتبرت «كوتون» أن ذلك يُعزز الثقة والاستخدام، كما لفتت إلى دوره في تعريف 137 ألف ناشط محلي بأن جهودهم قد آتت أكلها، إذ قد يُسهِم تحقيق تحسن في نتائج اختبارات الفتيات بنسبة 15%، في الحفاظ على حماس العاملين والتزامهم.
متابعة الخريجات
إضافة إلى جمع بيانات الطالبات، فإن «كامفيد» تهتم بتنظيم بيانات الخريجات اللاتي يبلغ عددهن 33 ألف متخرجة ممن درسن سابقاً في برامج المؤسسة، وتُدير العديد منهن مشروعات خاصة تتلقى منحاً لتمويلها. ويهدف جمع البيانات إلى عرض العائد الناتج عن الاستثمار، وتطبيق تحليلات البيانات لمعرفة المزيد عن العوامل التي تُسهِم في نجاح مشروعات بعينها.
وأوضح بروبرت: «يُمكننا التعلم ليس فقط من بيانات المحاسبة، لكن أيضاً من أنماط الجغرافيا والطقس»، مشيراً إلى أن المؤسسة تعتزم في عام 2016 دراسة الاتجاهات الرائجة في الشركات الناجحة، ما يسمح لها - مثلاً- في حال رغبت امرأة شابة ببلدة باجامويو في تنزانيا في الحصول على قرض لإنشاء مزرعة، بإخبارها أن تلك الفترة قد لا تكون الوقت الأمثل بسبب خطر الفيضان، كما قد يُتيح هذا التحليل لمُؤسسة «كامفيد» الإشارة إلى عدد المزارع الموجودة بالفعل، والافتقار مثلاً إلى مزارع تربية الأغنام، ما قد يجعلها فرصة كبيرة للنجاح.
وتسعى «كامفيد» أيضاً إلى ربط أعمال خريجات مدارسها ببعضها بعضاً، وقال بروبرت إنه سيكون من الرائع تحقيق الاتصال بين امرأة تربي الدواجن في بلدة باجامويو، بأخرى تبيع أعلاف الدواجن في مدينة دار السلام، واعتبر ذلك المرحلة التالية في التطوير.